بعد تسعة اشهر من هجوم الحادي عشر من سبتمبر يجد كبار رسامي الكاريكاتير السياسي في الولاياتالمتحدة انفسهم تحت ضغوط شديدة تأمرهم بالالتزام بالخط الوطني وعدم انتقاد تصرفات الرئيس بوش وحربه ضد الارهاب. الذين يرفضون الاذعان لهذه الضغوط يواجهون برفض اعمالهم والطرد من وظائفهم او اهانتهم والتشهير بهم علنا من قبل السكرتير الصحفي للرئيس شخصيا. احد الصحفيين اثار مؤخرا الجدل عندما قال ان النزعة الوطنية التي تلف البلاد اعاقت طرح وسائل الاعلام الاسئلة الصعبة عما يقوم به زعماء امريكا. وانه شخصيا يشعر بالمشاركة في فرض مثل هذه الرقابة الذاتية علىعمله. ثم جاء دور رسامي الكاريكاتير الذين تكون تعليقاتهم السياسية غالبا لاذعة فهم يشعرون بنفس الضغوط. الحماسة الوطنية المفرطة التي يفرضها رؤساء التحرير والناشرون الامريكيون حاليا تعني ان العديد من رسامي الكاريكاتير يواجهون رفض نشر اعمالهم . فاصبح اولئك الذين يعملون في صحف صغيرة او متعاونين يضطرون الى فرض رقابة ذاتية ليضمنوا نشر اعمالهم. استيف بينسون الذي يعتبر على نطاق واسع احد كبار رسامي الكاريكاتير الامريكيين تنشر اعماله في صحيفة اريزونا رببلك والعديد من الصحف الاخرى قال هناك ضغط شديد من القراء والمعلنين يريدون ان نسير مع الخط الوطني كما يحددونه هم.. هناك رؤساء تحرير رفضوا نشر اعمالي لان قراء نظموا مسيرات الى مكاتبهم وطالبوا بسحبها. بل تلقيت تهديدات بالقتل ومحاولات لإسكات صوتي واناس شبهوني بالخونة . كما هو الحال في بريطانيا فان الولاياتالمتحدةالامريكية لديها تقليد قديم في وجود رسامي كاريكاتير تنشر أعمالهم في صفحة الرأي. يوظفون قدراتهم الفنية في التحليل والاعتراض والسخرية من زعمائهم السياسيين بطريقة اكثر إيذاء مما يصل اليه معظم الكتاب. البعض له قراء كثيرون وكبار رسامي الكاريكاتير ينشرون ما يعبر عن افكارهم الحرة في كتيبات. بعد الحادي عشر من سبتمبر تعرض هذا النوع من التفكير الحر الى تهديد كبير. كثيرون قالوا انهم في الأيام الأولى عملوا على تقديم أعمال لا تعبر عن اكثر من الصدمة والغضب والشعور بالاساءة. ثم ما لبثت النزعة الوطنية المتنامية ان تطورت لتوجد لها اجندة سياسية واصبح كل من ينتقد الحكومة او اجندتها يدمغ بانه غير وطني. هذه القضية اثيرت الاسبوع الماضي من خلال معرض اقامه اكثر من ثلاثين من رسامي الكاريكاتير السياسي الامريكيين بينهم ستة حائزون على جائزة بوليتزر وكانت اعمالهم قد انتقدت سلوك الادارة الامريكية بطريقة او اخرى. احد منظمي المعرض مايك كونوباكي الذي تنشر اعماله في عدد من الصحف والمجلات الامريكية قال ان الكاريكاتير السياسي اصبح اخرسا.. صار التركيز (منذ الحادي عشر من سبتمبر) على الفكاهة اكثر من التحليل السياسي. كلاي بينيت وهو من الحائزين على جائزة بوليتزر قال ان رسامي الكاريكاتير تقع عليهم مسئولية. وهو يشعر بأن حملة الحكومة العنيفة على الارهاب قد قلصت حقوق المواطنين المدنية ويقول هناك حكومة بوليسية تلوح قريبا..اذا كانت الحرية هي ما يخافها الارهابيون فلماذا نلغيها . آري فليتشر المتحدث باسم الرئيس بوش انتقد في احدى المناسبات كوميديا قال في واحدة من قفشاته ان الطيارين الامريكيين وليس المختطفين هم الجبناء لانهم يرمون قنابلهم من ارتفاع آمن خمسة عشرة الف قدم. فعلق فليتشر هناك تذكير لجميع الامريكيين بان ينتبهوا لما يقولون . ايضا انتقد فليتشر علنا مايك مارلاند الذي نشر رسما كاريكاتوريا في صحفية كونكورد باتريوت واصفا ما اعتبره هجوم بوش على نظام الضمان الاجتماعي وذلك باظهار الرئيس يقود طائرة كتب عليها ميزانية بوش ليصطدم ببرج من بنايتين كتب على احداهما اجتماعي وعلى الآخر ضمان . وقد كتب رئيس التحرير الذي تلقى العديد من الاتصالات الهاتفية تنتقد هذا الكاريكاتير مقالا قال فيه ان الجريدة اخطأت بنشره. اما مارلوند الذي اضطر الى الاعتذار بل وتدمير اصل الكاريكاتير فقد قال ما زلت اعاني من ردود الفعل. ليصفوني بالغباء او الحماقة لكني لا اعتقد ان ما قمت به ابشع مما يفعله كثيرون غيري