“الحديث عن الأمير سلمان من أصعب المواقف” بهذه الكلمات بدأ الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، أمين منطقة الرياض، الحديث عن الشخصية الاستثنائية للأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودي، الذي أشار فيه إلى أن الأمير سلمان قدم مفهوم مبتكر للإدارة الجديدة. وقال بن عياف في حوار مع الزميل نايف الرشيد نشرته “الشرق الأوسط” بأنه عمل مع الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلال 15 عاماً من خلال منصبه كأمين منطقة الرياض، مشدد على أنه تعلم الكثير في مدرسة سلمان بن عبدالعزيز والتي نهل منها العلوم الإدارية، مشيراً في ذات السياق إلى أن التعلم من الأمير سلمان لم يقف عند المستوى الشخصي وإنما تجاوزه إلى العلم في المستويات الإدارية والمعرفية والسلوكية. ولفت الرجل الأول في أمانة العاصمة السعودية الرياض إلى أنه نهل مفهوم الإدارة المركزية واللامركزية من الأمير سلمان بن عبدالعزيز في عدد من المواقف ، لكون الأمير سلمان يعطي الصلاحيات والتفويضات، على أن يكون المتابع والمراقب والمحاسب في نفس الوقت لتلك الصلاحيات والتفويضات. وبين أمين مدينة الرياض بأن وزير الدفاع من أبرع الأشخاص الذي يستطيع استخدام الهاتف في تطبيق الإدارة، عبر متابعة سير الأعمال، مؤكداً إلى أن الأمير سلمان يختزل الكثير من الوقت عن طريق الاختصار في المعاملات، مشيراً إلى أنه على إطلاع بكافة ما يجري منذ الصباح الباكر، متطرقاً إلى أن الأمير سلمان لا يُسوف الأمور. وعرج الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف أن من أفكار الأمير سلمان بن عبدالعزيز منذ 10 أعوام، التوجه للحد من الهجرة إلى المدن، وفتح مراكز للتعليم والعمل في المحافظات التابعة للعاصمة. وكشف أمين منطقة الرياض إلى أن توجه نحاه الأمير سلمان منذ زمن يتمحور في تأسيس مراكز إدارية في مدينة الرياض، الأمر الذي يسهل عملية مراجعة المواطنين لعدد الدوائر الحكومية دون الوصول إلى مراكزها الرئيسية، والتي تشمل الشرطة، ووزارة العدل، والدفاع المدني، ومنوهاً بأنه تم ترسية مركز حي الشفا، في الوقت الذي يجري العمل على بناء المركز الإداري لحي السلي في شرق الرياض. وجاء حوار «الشرق الأوسط» مع الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، أمين مدينة الرياض، والذي استمر أكثر من ساعة والذي لم يخلو من تذكر سيرة حقبة زمنية جمعته مع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، والحديث عن إسهامات الأمير سلمان بن عبدالعزيز في تطوير الإدارة المحلية والتنمية، وذلك في مكتبه القابع بجوار قصر الحكم وسط الرياض. لازلتُ ذلك الطالب المنبهر بأستاذه الأمير سلمان بن عبدالعزيز - في البداية نشكركم على منح بعض الوقت للحديث عن الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الأمير عبدالعزيز أبن عياف وأنت من أقرب من عمل معه حدثنا في البداية متى بدأت علاقتكم من الأمير سلمان بن عبدالعزيز؟ الحديث عن الأمير سلمان ليس بالأمر السهل، وأجد نفسي الآن في موقف صعب؛ لأن الحديث يأتي عن شخصيةٍ لها ثقلها في الداخل والخارج وأثرها الممتد لعقود من السنوات ليس فقط في منطقة الرياض ولكن في أرجاء الوطن،هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأن الأمير سلمان شخصيةٌ أدين لها بالفضل ولها مكانةٌ خاصة ومتميزة في نفسي وتأثيرها كبير في مجريات حياتي، وفي الحقيقة أجد نفسي محظوظاً أن بدأت حياتي العملية في مدرسة سلمان بن عبدالعزيز، حيث انتقلت من العمل رئيساً لقسم التخطيط العمراني في جامعة الملك سعود إلى العمل أميناً لمدينة الرياض، وفي الواقع فأن ذلك اتاح لي فرصة تاريخية لأن أنهل من معينه خاصة في مجال الإدارة المحلية، حيث أكرمني الأمير سلمان برعايته وتوجيهه؛ وهو توجيه الأب لابنه والأستاذ لأحد طلابه، ولا زلت ذلك الطالب المنبهر بأستاذه المستفيد من خبرته المتجددة دائماً، والتي تكشف في كل موقف جانباً متميزاً من جوانب شخصية المتعددة والمتكاملة، ولم يقتصر انبهاري واستفادتي من سماته الإدارية فحسب، بل تشرفت بمتابعة ذلك الرجل العملاق المتميز بمعرفته لتاريخ وجغرافية الوطن السياسية والاجتماعية والمكانية، بالإضافة إلى تميزه في قيادة عجلة التنمية والتطوير، هذا عدا ما يتمتع به من علاقات اجتماعية واسعة يسعى دائماً لتنميتها وانتشارها في كافة أنحاء الوطن، وقد توجه تلك السجايا الحسنة باستمتاعه وتفانيه في تأسيس ودعم الأعمال الخيرية. الأمير سلمان قوي في الحق، ويكون أقوى حين يكون الأمر على نفسه ومن حولَه. - هل من أمثلة عن السمات الإدارية للأمير سلمان ؟ في الحقيقة الأمثلة كثيرة ككثرة أيام العمل التي عملت بها معه، وككثرة الأعمال المرتبطة مباشرة وبشكل غير مباشر بالأمانة، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، واللجان المختلفة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية والأعمال المنبثقة منها، وبنك الملك عبدالله للطعام، بالإضافة إلى مناسبات ومشاريع الرياض المتعددة مثل جامعة الأمير سلطان وحدائق الملك عبدالله العالمية وبرنامج الأمير سلطان للطوارئ ، حيث يتميز الأمير سلمان بالقدرة الفائقة على الإنجاز بما تحويه هذه الكلمة من متطلبات متعددة؛ من قوةٍ في القرار واحترامٍ للوقت وحرصٍ على الانضباط وتواصلٍ مستمرٍ ومباشرٍ مع المسئولين، وهو رجلٌ لماحٌ ذو خبرةٍ واسعة وطويلة، وهو قائدٌ يوجِّه من يعمل معه توجيهاً مباشراً واضحاً، وهو مسئولٌ جادٌ متابعٌ لواجباته قبل الآخرين فيبدأ يومه من الصباح الباكر، ولا أستغرب أنه يتصل بالمسئولين ورؤساء الأجهزة الإدارية في الرياض الساعة 7.30 صباحاً، لكن المدهش أنه بهذا الاتصال يكون قد فرغ من الاطلاع على كافة الصحف والتقارير اليومية، وألمّ بجميع الأخبار المتعلقة بعمله ووطنه، وباختصار الأمير سلمان صاحبٌ قرار شجاع وقوي وجريء، ويَبتُّ الأمورَ ولا يعلقها، ويحترم الوقت ويستفيد منه بشكل عملي جداً وذلك بتنظيمه لجدوله الزمني والعملي. ورغم كثرة مشاغله فهو يتيح الفرصة للمسئولين للقاء به مباشرة وبدون أية تعقيدات، وهو عملي جداً في تعامله مع الأمور والقضايا، ومن أفضل المسئولين استخداماً للهاتف من مكتبه في إنهاء الكثير من الأمور حيث يجدها مناسبة للعمل والتواصل المباشر مع المسئولين، وهو قوي في الحق، ويكون أقوى وأشدَّ حين يكون الأمر على نفسه ومن حولَه. الأمير سلمان يتميز باعتباره موسوعة تاريخية - قضى الأمير سلمان في إمارة الرياض أكثر من خمسين عاماً تحديداً... ماذا كان يميز ه ؟ الجوانب التي يتميز بها الأمير سلمان كثيرة، ويصعب عليّ في هذا الحيز أن أذكرها، إلا أنني أعود بالذاكرة للكلمات التي لم أنسها وقد مرت عليها عدة سنين، ووجدتُ في حينها أنها خاطبت الأمير سلمان بشكلٍ أقرب إلى الحقيقة. لا أذكر المناسبة ولكني أذكر الكلمات، وهي عبارة الدكتور محمد عبده يماني، رحمه الله، وكان قد خاطب الأمير سلمان في إحدى المناسبات ب «أصحاب السمو الملكي الأمراء سلمان بن عبدالعزيز». وظن البعض أنه خطأٌ مطبعيٌ، ولكنْ قَصَد ما قالَه بدقةٍ وعناه عن معرفة؛ فالأمير سلمان مجموعة رجال في رجل واحد، فهو الأمير ابن الملك الموحّد عبدالعزيز الذي تمثّل سيرة والده يرحمه الله. وهو الأميرُ حاكمُ الرياض وعاشقُها، وهو الأميرُ رجُلُ التنمية ورائدُها. وهو الأميرُ الإداريُّ المتمكن، وهو الأميرُ العمرانيُّ الطَّموح، وهو الأميرُ المثقفُ الحكيم، وهو الأميرُ إنسانُ الخيرِ والدينِ المخلصُ.وتجده الصديقَ الوفيَّ لكل فئات المجتمع، والداعم لرجال الأعمال، والمساند لرجال الثقافة والإعلام والتاريخ. والمتوثب لكل مشروعٍ تنموي، والإنسان الواصل الوفي المشارك لأهله أهل الرياض بمناسباتهم أفراحاً وأتراحاً. يمتاز بروح دينية قوية وفطرة نقية ولا يكتمل جدوله اليومي إلا بقراءة القران وقيام الليل وهو الحاضر في كل عمل خيري، والداعم لرجال الدين والحسبة الذين يحبهم ويتواصل باستمرار معهم؛ هذا التواصل الذي ينبع من روحٍ دينيةٍ قوية وفطرة نقية صبغت سلوكَ ه ونظرتَه وحُكمَه على الأمور. وليس ذلك بغريب على رجلٍ حريص على قربه وتقربه الدائم إلى الله سبحانه وتعالى؛ إذ لا يكتمل جدوله اليومي إلا بقراءة القرآن وقيام الليل، وهذه صفات يُغبطه عليها ولا تستغرب، إضافةٌ لابد من ذكرها هنا وهي أن الأمير سلمان يتميز بأنه موسوعة تاريخية، ولديه استيعاب كامل لتاريخ المملكة القديم والحديث، وملمٌّ بتفاصيل دقيقة عن أحداث سياسية واجتماعية كثيرة، وعارفٌ وراصدٌ خبير لجغرافية المملكة والمنطقة وأعمال أبنائها من الرجال والنساء، وهذه ميزة تمكن الأمير سلمان من استقراء الماضي وتوظيفه في الوضع الراهن وللمستقبل، وهذا يفسر محبة الأمير لدارة الملك عبدالعزيز وتفضيله لملفها عن كثير من الملفات الأخرى.ولا أنسى الإشارة إلى ما وهبه الله من خبرة وفراسة فريدة في معرفة الرجال وتقييمهم. مدرسة الأمير سلمان حاضنة للكفاءات صانعة للرجال - ذكرتم عن الأمير سلمان أنه الإداري المتمكن. هل بالإمكان تسليط الضوء على هذا الجانب ؟ الأمير سلمان إداري استثنائي، والأمثلة كثيرة وقد يكون في ذكر بعضها دلالة على ذلك؛ وهو جمعُه بين المركزية واللامركزية في أسلوب الإدارة، والتي كانت ولا زالت قضية خلاف طويل بين علماء الإدارة الذين توصلوا إلى أن الجمع بينهما هو الأفضل وبحسب مقتضى الحال. وقد وجدتُ في إدارة ه الميزانَ المناسبَ بين المركزية واللامركزية حسب ظروف العمل وما يقتضيه الأمر من تفويض السلطة والصلاحيات وتحديد المسئولية والمحاسبة عليها.جانب آخر .. لم يسبق الحديث عنه ولا يتحدث عنه ، إلا أنه يمارسه وبصفة مستمرة مثبتاً تمكُّنه ومعبّراً عن وطنيته الحقيقية؛ ألا وهو احتواء ه للكفاءات السعودية وفي أي موقع مسئولية كانوا، بل يزيد على ذلك بأنه يستثمر الكثير منهم بتقريبهم ودعمهم. فمدرسة سلمان هي مدرسة حاضنة للكفاءات صانعة للرجال، هو بحق إداريٌ استثنائيٌ في إدارته وعملاق في أدائه.وجانب آخر أيضاً .. أن الأمير سلمان يحثُّ ويشجّع على العمل بروح الفريق، ودائماً ما يردد أنه لا يعمل لوحده، بل يعمل بمن معه من الرجال الذين أعطاهم الثقة. وتجد هذه السمة هي المميزة للبيئة الإدارية في الرياض؛ فجميع الأجهزة والإدارات تعمل بروح الفريق، وتسعى للتنسيق فيما بينها والمؤازرة لبعضها البعض. ولا يقبل الأمير سلمان بغير ذلك. يوجّهنا جميعاً أن نترك المشاريع والإنجازات تتحدث عن نفسها تسجيل الدرعية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي هو اعتراف بمكانتها - سجلت الرياض العديد من الإنجازات العملية ومنها تسجيل (حي الطريف) الدرعية في منظمة اليونسكو .. ماذا كان يرمي الأمير سلمان إليه من تضمين العاصمة الأولى في إحدى أهم العواصم العالمية ؟ الدرعية هي العاصمة الأولى للدولة السعودية، وأهميتها من أهمية المملكة التي تشرُف بوجود مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بها، ثم إن المملكة وبتوحيد الملك عبدالعزيز لأرجائها مثّلت وحدة وطنية هي الأولى من نوعها في المنطقة العربية.ومن يعرف الأمير سلمان يعرف أنه لا يبحث عن التقدير أو الجوائز وليست أكبر همومه ومقاصده، بل على العكس يركز على المشاريع وإنجازها وعدم البهرجة فيها وعدم الدعاية لها أكثر مما هي عليه، فدائماً كان يوجهنا بعدم الحديث عنها قبل انتهائها وأن تُترك المشاريع والإنجازات تتحدث عن نفسها بعد اكتمالها. وما حصلت عليه الرياض بمشاريعها وبرامجها المختلفة من جوائز هو – بلا شك – مستحق، إلا أن ما أنجزه الأمير سلمان كثيرٌ ويستحق جوائز أكثر، ولكنَ همه الأول هو تحقيق سياسات ولاة الأمر في البحث عن مصلحة الوطن وأن تكون المشاريع نافعة يلمس الناس فوائدها. مدن كثيرة في المملكة بدأت للتو في محاكاة تجارب الرياض الإدارية - شكلت الرياض البداية للعديد من المشاريع التي تم تعميمها في كافة المناطق .. حدثنا عن هذا الجانب ؟ قَدَر الرياض أن تكون العاصمة التي تفخر أن تكون قلب الوطن الكبير. ووجود الأمير سلمان كقائد إداري متميز لها ساهم في أن تكون أنموذجاً إدارياً ناجحاً يُنظر إليه وإلى تجاربه من قِبَل المناطق الأخرى نظرة الاقتداء. ففكرة الأمير سلمان في إنشاء الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ أكثر من 35 عاماً – لتعمل كعقل مفكر ومنسق لمشاريع المدينة – فكرة جنَت المدينة ثمارها على مدى السنين الماضية. بالإضافة إلى أفكاره في إنشاء شركة المعيقلية وشركة الرياض للتعمير – كأذرع استثمارية للأمانة ساهمت في تنمية وسط المدينة – وهي أفكار ريادية أثبتت التجربة نجاحها.وها هي مدن كثيرة في المملكة بدأت للتو في محاكاة هذه التجارب التي نفذتها الرياض منذ عقود لتطوير إمكانات المدينة الإدارية والتنموية.ولا زالت الرياض مستمرة في هذا النهج الريادي المتمثل في طرح وتبني الأفكار الرائدة، وآخرُها ما نعمل عليه الآن في أمانة منطقة الرياض – وبتوجيه ومؤازرة منه الكريم – في التعامل مع مدينة الرياض كمجموعة مدن في مدينة؛ وذلك بإنشاء 15 مركزاً إدارياً، يضم كل مركز فروعاً للإدارات الحكومية كالإمارة والبلدية وكتابة العدل والمحكمة والشرطة والبريد والجوازات وغيرها، بحيث يكون النطاق المكاني لكل مركز إداري من المراكز الخمسة عشر بالمدينة مدينةً بحد ذاته في خدماته وإداراته الحكومية. وهذا توجهٌ بدأه الأمير سلمان داعماً توجّه اللامركزية وتفويض المزيد من الصلاحيات لفروع الإدارات الحكومية في المدينة. وأكاد أجزم أن هذا التوجّه سيتم تعميمه على بقية مدن المملكة الكبيرة بالمملكة. الأمير سلمان له دور قيادي في إنقاذ الكثير من المواقع الأثرية - معادلة عصرية المدينة والاحتفاظ بتاريخها معادلة صعبة .. كيف حقق الأمير سلمان تلك المعادلة التي قلّما نشاهدها في المدن الأخرى ؟ كما ذكرتُ سابقاً .. الأمير سلمان يستوعب التاريخ الإسلامي والعربي والسعودي وبشكلٍ متميز. وهو رجل محافظ يحنّ لماضيه ويغار على تاريخه وجذوره، وبه حب لصفة الأصالة الراسخة في وطنه وثقافته.والمستعرض لتاريخ التنمية بمدينة الرياض سيلحظ الدور القيادي للأمير سلمان في إنقاذ الكثير من المواقع الأثرية والشواهد التاريخية والتي كانت عرضة للاندثار تحت وطأة عجلة التمدّن والتنمية.فوقفة الأمير سلمان المشرّفة والجادة في وسط الرياض هي من الوقفات التي تحسب له في المحافظة على تاريخ المدينة وطابعها المعماري وهويتها العمرانية.والمشاريع التي تم تنفيذها ضمن مفهوم ثقافة المدينة وتاريخها متعددة؛ منها الحي الدبلوماسي ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومشاريع تطوير الدرعية.كل تلك المشاريع كان بالإمكان أن تمثل نوعاً آخر من المشاريع التي لا تنتمي إلى بيئة المدينة وتاريخها وثقافة مجتمعها.ولا زال العمل على قدمٍ وساقٍ في استكمال الدراسات لمشاريع تطوير وسط الرياض “الظهيرة” وحي “الدحو” وإعادة تأهيل وادي السلي وغيرها كثير.أعود وأقول: إن تحقيق معادلة عصرية الرياض والاحتفاظ بتاريخها تعود لشخصية الأمير سلمان الواثقة بانتمائها والمعتزة بماضيها والسعيدة بحاضرها والمتفائلة بمستقبلها.ولا شك أن استيعاب الأمير سلمان لتاريخ المملكة السياسي والاجتماعي والعمراني واعتزازه به له بالغ الأثر في تحقيق ذلك. الأمير سلمان نادى بضرورة توفير فرص العمل والخدمات التعليمية والصحية بالمدن الصغيرة. - من خلال المعلومات المتداولة فإن سكان الرياض سيصل إلى 10 ملايين في عام 2020 .. ما هي أبرز وصايا الأمير سلمان بهذا الخصوص ؟ الأمير يرى أن زيادة عدد سكان الرياض معادلة تحتاج إلى عناية ومعالجة؛ فتركز السكان في المدن الكبرى ليس إيجابياً على المدن ولا على الوطن بوجهٍ عام.والأمير سلمان – بالإضافة إلى دوره السياسي والاقتصادي والاجتماعي كحاكم لمنطقة الرياض – رجل تخطيط من الدرجة الأولى؛ فهو ممن نادوا بضرورة توفير فرص العمل والخدمات التعليمية والصحية في المدن الصغيرة والمحافظات وعدم تركيزها في المدن الكبيرة، لأنه العنصر الرئيسي الذي سيحفّز سكان المدن الصغيرة والمتوسطة في الاستقرار فيها والتخفيف من وتيرة الهجرة إلى المدن الكبيرة.وهذا التوجه هو ما تم البدء به على مستوى المملكة وفي كافة مناطقها؛ وها هي الجامعات تنتشر وكذلك المستشفيات إضافة إلى البدء في انتشار المدن الصناعية في كثير من المحافظات والمدن الصغيرة والمتوسطة.وبالنسبة للرياض وما وصلت إليه حالياً من أعداد السكان – وهي كبيرة – فالمراكز الإدارية والمزيد من التوجه إلى اللامركزية وتفويض الصلاحيات سيساعد في التخفيف من آثار مشكلة ارتفاع الكثافة السكانية. الرياض في سويداء قلب الأمير سلمان ولا ينافسها إلا حبه لمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. - الأمير .. ذكرتم ملف التطوير، ما هو التوجه النهائي الذي رسمه الأمير سلمان لتطوير الرياض ؟ أولاً .. الرياض عاصمة وقلب المملكة العربية السعودية، وتقع في سويداء قلب الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولا ينافسها في ذلك إلا حبه الأكبر لمكةالمكرمة قبلة المسلمين والمدينةالمنورة مهاجر ومستقر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم. ودائماً نرى السعادة والفرح يعلوان محيّا ه الكريم عند إقرار المشاريع لهاتين المدينتين العظيمتين.أما بالنسبة للرياض .. فهو ينظر إليها بصفتها العاصمة التي تمثل المملكة بثباتها وريادتها ومحافظتها وأمنها وأمانها، ويتطلع أن تعكس هذه المعاني الإيجابية وأن تكون مصدر إشعاعٍ تنموي وتطويري لباقي مدن المملكة. الرياض كعاصمة تحتاج إلى الكثير والكثير من الدعم والمؤازرة أملنا أن تتفهم وزارة المالية وضع الرياض - لأمير .. بجهود الأمير سلمان ومن معه من الرجال، هل اكتملت مشاريع الرياض ؟ بالطبع لا .. ومهما تم عمله بالرياض فإنها ستظل في حاجة إلى المزيد، والقصور مستمر وبحاجة إلى المزيد من الجهد والعمل والإنجاز، ولكن يجب أن نوضّح بعض الأمور إنصافاً للرياض ومن عمل على تنميتها وتطويرها: الحقيقة الأولى .. هي أن الرياض مدينة تكبُر ويتزايد سكانها بوتيرة عالية؛ فخلال السنوات الخمسين الماضية استمر عدد سكانها في التضاعف كل عشر سنوات تقريباً، أي أن كل عشر سنوات تأتي رياض جديدة بجانب الرياض، ما يعني الحاجة إلى توفير نفس النسبة من المرافق والخدمات. أما الحقيقة الثانية فهي أن الدعم المالي والدعم البشري لإدارة المدينة ليس مفتوحاً بما بتناسب مع ما ذكر في الحقيقة الأولى، لذلك فإن الرياض كعاصمة تحتاج إلى الكثير والكثير من الدعم والمؤازرة. ما وصلت إليه من التطوير والازدهار جدير بالإشادة، ولولا اهتمام خادم الحرمين الشريفين و ولي عهده الأمين، ودعم وجهود ومثابرة الأمير سلمان و الأمير سطام لما وصلت المدينة إلى ما وصلت إليه. أملنا أن تتفهم وزارة المالية ذلك، وأن تصدر إشارة الضوء الأخضر لانطلاق مشاريع المدينة الهامة مثل، مشروع النقل العام، ومشروع تأهيل السلي، ومشروع شبكات السيول، وشبكات الطرق والجسور والأنفاق بما في ذلك الطريق الدائري الثاني والثالث، خصوصاً أن سكان الرياض يمثلون ما يقارب ربع سكان المملكة. تأسيس جامعة الدول العربية جائرة في الإدارة المحلية باسم الأمير سلمان - الأمير سلمان يرأس مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم، والتي تشرف على جامعة سلطان. وبصفتكم رئيس مجلس أمناء جامعة سلطان .. حدثنا عن المشروع، وكيف انطلق، ورؤية الأمير سلمان في ذلك ؟ لا أخفي سعادتي وتشرفي بأني كنت من ضمن فريق العمل الذي أسس جامعة الأمير سلطان، وجامعة الأمير سلطان مشروع جامع يمثل الوفاء للراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وقد قدّمه أهالي الرياض وعلى رأسهم الأمير سلمان و الأمير سطام بعد عودة الأمير سلطان من رحلة علاجية، فسلمان الوفي أحب أن يكون الاحتفاء بالأمير سلطان احتفاءً لائقاً نافعاً للمجتمع باقياً لا ينتهي بانتهاء المناسبة، فكان إنشاء مشروع جامعة الأمير سلطان «كلية الأمير سلطان آنذاك» بدلاً عن حفل ترحيبيٍ ينتهي بنهاية يومه، في تلك الفترة كان النقاش والطرح في وسائل الإعلام عن أزمة المقاعد في التعليم الجامعي، وصعوبة إيجاد القبول لبعض الطلاب، وعن غياب التعليم الجامعي الأهلي. فتم اختيار المشروع على أساس المساهمة في تلبية هذه الحاجة على أن يكون مشروع جامعة أهلية، حيث أصبحت فيما بعد جامعة الأمير سلطان الجامعة الأهلية الأولى بالمملكة. كانت توجيهات الأمير سلمان في أربع نقاط رئيسية، الأولى: أن يتم الالتزام بجميع الأنظمة والتعليمات في افتتاح الجامعة، وأن لا تعطى أي استثناء في ذلك، والثانية: أن يكون مستوى التعليم فيها متميزاً عالمياً منافساً، والثالثة: أن يرتبط التعليم بالجامعة بالتوظيف؛ بحيث تقدم مضموناً ومستوى مختلفاً يرتبط بحاجة السوق لخريجيها، وهذا ما كان ينادي به ه منذ زمن. والرابعة: الالتزام بضوابط المجتمع الدينية والاجتماعية، وتنمية ذلك الالتزام في نفوس الطلبة والطالبات، وكان له ما رغب، وبدعم شخصي مباشر – ماليٍ ومعنوي – من الأمير الراحل سلطان و الأمير سلمان انطلقت الجامعة، وهي الآن تحتل مركزا متفوقاً بين الجامعات الأخرى، وتقديراً من الجامعة لدور الأمير سلمان الريادي سواء في الإدارة المحلية أو في تشجيعه ودعمه للجامعة أو توجيهه بتوفير التخصصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل فقد أنشأت الجامعة برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف تأسيساً لتوجه ه الكريم من خلال هذا البرنامج، وتقدم الجامعة العديد من البرامج التي تضمن التوظيف للملتحقين بها من خارج الجامعة، كذلك تم تأسيس وإنشاء مركز الأمير سلمان للإدارة المحلية؛ وهو مشروع يهدف إلى تخريج قيادات إدارية في الإدارة المحلية بنهج الأمير سلمان الإداري، وتقديراً لإسهاماته في هذا المجال. وتتويجاً لريادة الأمير سلمان الإدارية فقد قامت جامعة الدول العربية ممثلة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية بتأسيس جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز للإدارة المحلية، وهي جائزة على مستوى الوطن العربي تدعم التنمية الإدارية وتشجع عليها. - إذا كان لكم من كلمة في ختام حوارنا ؟ إذا كان من كلمة .. فيجب القول إنني مهما تحدثت عن الأمير سلمان فإني أشعر بالقصور لعدم تغطيتي لكثير من الجوانب المهمة في شخصته، والعذر في ذلك هو عظَمة هذه الشخصية وثراء تجربتها وعميق تأثيرها، والأمير سلمان رقمٌ صعب أمام الكلمات والمساحات الحوارية، ولا أضيف جديداً إذا ذكرت أننا جميعًا في الرياض سوف نفتقد العمل مع الأمير سلمان بشخصيته الشامخة التي أصبحت رمزاً للرياض وأهلها، وسنستمر في تحيّن الفرص للتواصل معه والنهل من توجيهاته ورعايته للرياض وأهلها، والذي يواسينا جميعاً هو وجود الأمير سطام بن عبدالعزيز الذي عمل للرياض بكل إخلاص وتفانٍ وهدوء كساعد يمنى للأمير سلمان لأكثر من أربعين عاماً من العطاء والإنجاز والمسئولية، وكان رفيقاً شريكاً مساعداً له في مسيرة التطوير والتنمية، كما نرحب بالأمير محمد بن سعد نائباً لأمير منطقة الرياض، وهو الرجل الذي سبقته سمعته الطيبة إلى الرياض بأخلاقه ونزاهته وجديته. = = = شروحات الصورة: 1- الأمير عبدالعزيز بن عياف أكد على وقوف الأمير سلمان المشرّفة والجادة مع موقع وسط الرياض ( تصوير: خالد المصري). 2- الأمير سلمان بن عبدالعزيز يطلع على رسم تخيلي لإحدى المشاريع ويظهر الأمير عبدالعزيز بن عياف (“الشرق الأوسط”). 3- أحدى ممرات المشاه في حدائق العاصمة الرياض (“الشرق الأوسط”). 4- خادم الحرمين الشريفين والراحل الأمير سلطان يستمعان لشرح من قبل الأمير سلمان والأمير عبدالعزيز بن عياف على مشروع المراكز الإدارية (“الشرق الأوسط”). 5- الأمير سلمان بن عبدالعزيز يستمع لشرح عن شبكات السيول القائمة في الرياض (“الشرق الأوسط”).