أعلنت طالبان اليوم الثلاثاء أنه سيُسمح للفتيات الأفغانيات بالعودة إلى المدارس في أقرب وقت ممكن، بعدما واجهت الحركة غضباً إزاء قرارها استبعاد النساء والفتيات من الحياة العامة. ومن جهة أخرى، عرض المتحدث باسم الحركة المتشددة أسماء الأعضاء المتبقين من الحكومة التي لا تتضمن نساء ولا وزارة لشؤون المرأة، بعد أسابيع على سيطرة طالبان على السلطة في كابول في هجوم أثار صدمة في العالم. وعرفت طالبان بحكمها المتشدد والقمعي من 1996 حتى 2001 حين منعت النساء من العمل أو ارتياد المدارس أو حتى من مغادرة منازلهن بمفردهن، وخلال نهاية الأسبوع، أصدرت وزارة التعليم تعميماً يأمر المعلمين والتلاميذ الذكور بالعودة إلى المدارس التكميلية والثانوية لكن بدون أي ذكر للنساء المعلمات أو التلميذات. وخلال مؤتمر صحافي في كابول، قال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد بشأن عودة الفتيات إلى المدارس "نحن نضع اللمسات الأخيرة على الأمور، سيحصل الأمر في أقرب وقت ممكن"، وأضاف أنه "يجب تأمين بيئة تعليمية آمنة للفتيات قبل عودتهن إلى المدرسة". ولكن الكثير من النساء الأفغانيات ما زلن يشككن في رغبة طالبان الحقيقية بمنحهن بعض الحقوق، وقالت أستاذة جامعية أمس الإثنين "لقد كان الحال كذلك في المرة السابقة (خلال حكمهم بين العامين 1996 و2001)، لم يكفوا عن القول إنهم سيسمحون لنا بالعودة إلى العمل، لكن هذا لم يحدث أبداً". وكذلك أعلن المتحدث أن حركة طالبان أكملت تشكيل حكومتها، وأدخلت فيها بعض أعضاء من اتنيات أخرى، طبقاً لتعهدها أن تكون الحكومة منفتحة على التنوع. وينتمي وزير الصحة الجديد إلى أقلية الهزارة الشيعية التي اضطهدتها طالبان في التسعينيات، أما وزير التجارة فهو تاجر من ولاية بانشير التي يقطنها الطاجيك المعادون لحركة طالبان منذ فترة طويلة. وبعدما أعلنت طالبان عن الجزء الأول من أعضاء حكومتها في 7 سبتمبر الجاري، والتي تضمنت مسؤولين في الحركة ينتمون بغالبيتهم لأقلية البشتون، تم انتقاد طالبان من قبل الغرب بسبب افتقارها إلى التنوع، كذلك أكد مجاهد اليوم الثلاثاء غياب النساء عن الحكومة، فضلاً عن وزارة شؤون المرأة. فقد ألغت حكومة طالبان الجمعة وزارة شؤون المرأة التي استحدثتها الحكومة السابقة واستبدلتها بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في خطوة تذكر بتشددها خلال فترة حكمها الأولى. وتواجه حركة طالبان حالياً المهمة الشاقة المتمثلة بحكم أفغانستان التي تعتمد على المساعدات الدولية وقد تعمقت مشاكلها الاقتصادية منذ أن استولى الإسلاميون على السلطة وجُمد التمويل الخارجي، ولم يتلق الكثير من الموظفين الحكوميين رواتبهم منذ أشهر فيما تسجل أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً، وقال مجاهد "لدينا المال لكننا بحاجة إلى وقت لبدء العملية". وفي نيويورك، قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت باكستان المجتمع الدولي إلى رفع الحظر عن مليارات الدولارات من الأصول الأفغانية المجمدة منذ عودة طالبان إلى السلطة، من دون أن تعرب عن أملها في اعتراف سريع بالنظام المتطرف. وكذلك منعت طالبان النساء من التوجه إلى العمل فيما طلب مسؤولون منهن البقاء في المنازل من أجل ضمان أمنهن إلى حين تطبيق الفصل بين الجنسين بموجب الشريعة، وفيما لم يصدر الحكام الجدد للبلاد سياسة رسمية تمنع النساء من العمل، فإن التوجيهات التي عممها مسؤولون تصل إلى حد إقصائهن عن العمل. وقال رئيس بلدية العاصمة بالوكالة إن "كل المناصب التي كانت تشغلها نساء، سيتولاها رجال"، ورغم استمرار معاناتهن من التهميش، إلا أن النساء الأفغانيات كافحن واكتسبن حقوقاً أساسية في السنوات العشرين الماضية، وبرزت من بينهن قاضيات ونائبات ومسؤولات في الشرطة لكن في المدن الكبرى عموماً. وفي ظل الحكومة السابقة التي كانت مدعومة من الولاياتالمتحدة، دخلت مئات آلاف النساء إلى سوق العمل، غالباً بدافع الضرورة، بعدما أصبح الكثير منهن أرامل أو يعلن أزواجاً معوقين بعد نزاع دام عقدين، لكن منذ عودتها إلى السلطة في 15 أغسطس الماضي، لم تظهر طالبان أي نية لضمان تلك الحقوق.