أعلنت حركة طالبان أمس الخميس أنها تقترب من تشكيل حكومة، فيما نظمت عشرات النساء تظاهرة نادرة للمطالبة بالحق في العمل في ظل النظام الجديد الذي يواجه عراقيل اقتصادية كبرى وارتياباً من جانب الشعب. وفي وقت دعت الأممالمتحدة لتأمين مخرج للأفغان الراغبين في مغادرة بلادهم، أعلن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده تعمل مع طالبان لإعادة تشغيل مطار كابل في أقرب وقت ممكن. ويتعين على الحركة الإسلامية التي تعهدت اعتماد نهج أكثر ليونة مما كان عليه حكمها بين 1996 و2001، أن تتحول من مجموعة متمردة إلى سلطة تتولى الحكم. والإعلان عن الحكومة الجديدة التي قال مصدران من طالبان لوكالة "فرانس برس"، إنه قد يحصل بعد صلاة الجمعة، سيأتي بعد أيام على انسحاب فوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان أنهى أطول حروب أمريكا. وأعلن متحدث باسم طالبان، الجمعة، أن الصين تعهدت بالإبقاء على سفارتها مفتوحة في أفغانستان، وتعزيز حجم مساعداتها الإنسانية لهذه الدولة التي مزقتها الحروب، دون أن يرد رد من بكين حول ذلك. وفي إحدى اللحظات الأكثر رمزية منذ الاستيلاء على كابل في 15 أغسطس، استعرض مسلحو طالبان، الأربعاء، بعض المعدات العسكرية التي استولوا عليها خلال هجومهم، كما حلقت مروحية من طراز بلاك هوك فوق قندهار، معقل الحركة. وتتجه الأنظار حاليا لمعرفة ما إذا كانت طالبان ستتمكن من تشكيل حكومة قادرة على إدارة اقتصاد خربته الحرب واحترام تعهداتها بتشكيل حكومة "جامعة". وحذّر نائب الرئيس السابق، أمر الله صالح، عدو طالبان اللدود الذي لجأ إلى وادي بانشير حيث تشكلت حركة مقاومة جديدة من أن "انهيار الاقتصاد ونقص الخدمات سيؤثران على الناس في القريب العاجل ولن يكون لأسلحتكم وأساليبكم العنيفة أي تأثير على المقاومة وغضب الناس. إنها مجرد مسألة وقت. لا أكثر". لسنا خائفات تسري تكهنات كثيرة حول تشكيلة الحكومة الجديدة، رغم أن مسؤولًا كبيراً قال الأربعاء، إنه "من غير المرجح أن تشمل نساء". وقال المسؤول البارز، شير محمد عباس ستانكزاي، وهو كان متشددا في إدارة طالبان الأولى، لإذاعة "بي بي سي" الناطقة بلغة الباشتو، إن النساء سيتمكنّ من مواصلة العمل، لكن "قد لا يكون لهن مكان" في الحكومة المستقبلية أو في مناصب أخرى عالية. وفي مدينة هرات بغرب البلاد، نزلت نحو 50 امرأة إلى الشوارع في تظاهرة ندر مثيلها للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن مؤسسات الحكم. وقال صحافي في "فرانس برس" شهد الاحتجاج إن المتظاهرات رددن "من حقنا أن نحصل على تعليم وعمل وأمن"،. كما رددن "لسنا خائفات، نحن متحدات". وتعد هرات مدينة متنوعة نسبيا على طريق الحرير القديم بالقرب من الحدود الإيرانية. وهي واحدة من أكثر المناطق ازدهارا في أفغانستان وقد عادت الفتيات فيها إلى المدارس. وقالت بصيرة طاهري، إحدى منظمات الاحتجاج، لفرانس برس إنها تريد أن تضم حركة طالبان نساء إلى الحكومة الجديدة. وأضافت "نريد أن تجري طالبان مشاورات معنا" قائلة "لا نرى نساء في تجمعاتهم واجتماعاتهم". وبين ال122 ألف شخص الذين فروا من أفغانستان عبر الجسر الجوي الذي نظمته الولاياتالمتحدة وانتهى الاثنين، كانت أول صحفية أفغانية تجري مقابلة مع مسؤول من طالبان في بث تلفزيوني مباشر. وطالبت المذيعة السابقة في قناة "تولو نيوز" الأفغانية السابقة، بهشتا أرغاند، الأربعاء، "المجتمع الدولي بالقيام بأي شيء للنساء الأفغانيات" وذلك أمام مجموعة من الدبلوماسيين خلال زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الهولندية، سيغريد كاغ، ومساعدة وزير الخارجية القطري، لولوة الخاطر، إلى مجمع كبير يأوي لاجئين أفغان في العاصمة القطريةالدوحة. وبدا التأثر واضحا على المذيعة الأفغانية (24 عاما) وهي تقول "أرغب بأن أصبح صوتا للنساء (الأفغانيات) لأنهن في وضع سيئ للغاية"، متابعة "يجب على المجتمع الدولي أن يقول لطالبان أرجوكم اسمحوا للنساء بالذهاب إلى المدرسة والجامعة وعليهن الذهاب للعمل والمكتب والقيام بما يرغبن به". وأعرب وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" المحلية، تنشر الجمعة، عن أسفه لعدم إعطاء حركة طالبان "أي إشارة" للتغيير منذ عودتها إلى كابل. وقال "في الوقت الحالي، ليس لدينا أي إشارة إلى أنهم يسيرون في هذا الاتجاه"، سواء كان القصد "الانفصال التام عن أي منظمة إرهابية" أو احترام حقوق المرأة و"رفع العقبات أمام من يريدون مغادرة البلاد". الأعمال دون الصفر لم تكن حقوق المرأة القلق الرئيسي في الاستعدادات لإعلان حكومة جديدة. وفي كابل، أعرب سكان عن قلقهم بشأن الصعوبات الاقتصادية المستمرة منذ فترة طويلة في البلاد، والتي تفاقمت الآن بسبب استيلاء الحركة المتشددة على السلطة. واستأنفت الأممالمتحدة الرحلات الجوية الإنسانية إلى شمالي أفغانستان وجنوبيها بعد سيطرة طالبان على السلطة في البلاد، على ما أعلن متحدث باسم المنظمة الدولية، الخميس. وقال ستيفان دوجاريك لصحفيين إن الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تُسيّر حاليا رحلات جوية "لتمكين 160 منظمة إنسانية من مواصلة أنشطتها المنقذة للأرواح" في أفغانستان. وقال كريم جان، وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الإلكترونية، ل"فرانس برس"، إنه "مع وصول طالبان، من الصائب القول إن الأمن مستتب، لكن الأعمال تراجعت إلى ما دون الصفر". وأعلنت شركتا "ويسترن يونيون" وموني غرام" المتخصصتان في الحوالات المالية، الخميس، أنهما ستستأنفان تحويلات الأموال التي يعتمد عليها كثير من الأفغان من أقاربهم في الخارج للبقاء على قيد الحياة. وقال متحدث باسم ويسترن يونيون إن الشركة "تعلن أنها تستأنف خدمات تحويل الأموال إلى أفغانستان، اعتبارا من 2 سبتمبر، حتى يتمكن عملاؤنا من إرسال الأموال مرة أخرى ودعم أحبائهم في هذا الوقت". بدورها، قالت "موني غرام" في بيان إنها ستستأنف الخدمة في أفغانستان اعتبارا من الخميس، بعد "التوجيهات الواردة من الحكومة الأميركية" و"بالتنسيق مع شركائنا في البلاد وكذلك جمعية البنوك الأفغانية". وكانت الأممالمتحدة قد حذرت في وقت سابق، هذا الأسبوع، من "كارثة إنسانية" تلوح في الأفق في أفغانستان ودعت إلى تأمين سبل للخروج لمن يريدون الفرار من النظام الجديد. وفي هذا الإطار، تعمل قطر مع حركة طالبان على إعادة تشغيل مطار كابل في "أقرب وقت ممكن"، بعد توقف الملاحة فيه مع مغادرة آخر الجنود الأمريكيين البلاد وتحول هذا المنفذ إلى ممر إنساني واستراتيجي مهم. وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، "ما زلنا في إطار التقييم. لا يوجد مؤشر واضح على موعد تشغيله بكامل طاقته بعد، لكننا نعمل بجد ونأمل في أن نتمكن من تشغيله في أسرع وقت ممكن"، رغم تأكيده عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد. وفي أنقرة، أعلن وزير الخارجية، مولود تشاوش أوغلو، أمس، أن أنقرة "تدرس" مقترحات طالبان ودول أخرى للمساهمة في إعادة الحياة إلى مطار كابل.