الإنسان مخلوق جُبل على ارتكاب الأخطاء من أجل التعلم منها، والوصول إلى الكمال أمر مستحيل، لذلك يجب أن يتقبل الإنسان الأخطاء كجزء من شخصيته وطبيعته البشرية، فالفشل مرة لا يعني نهاية العالم، بل هو خطوة على الطريق الصحيح لتحقيق النجاح. لم تتصدر السويد دول العالم في بعض المجالات عبثاً، لأن السويديين لا يتركون شيئاً لا يستفيدون منه حتى فشلهم استخدموه للنجاح والترويج السياحي والاقتصادي، حيث أنشأ الدكتور صمويل وست بالسويد «متحف الفشل»، يعرض فيه منتجات فشلت عند عرضها في الأسواق، بحيث يستمد من قصصها دروساً عن النجاح، وكل قطعة من مقتنيات هذا المتحف تلقي الضوء على المخاطر التي تواجه كل فكرة جديدة. شركة «كولجيت» الشهيرة بإنتاج معجون الأسنان وأدوات صحة الأسنان، حاولت أن تستثمر في مجال جديد فدخلت مجال الأغذية المجمدة في فترة الثمانينات «بأكلة لازانيا مثلجة»، ولكنها فشلت، ويشرح الدكتور ويست ذل، قائلاً: « هذا المنتج أحد مظاهر مغامرة الشركات بالتوسع ودخول مجالات غير نشاطها الأصلي». كذلك قامت شركة الموتوسيكلات الشهيرة هارلي ديفيدسون، بإنتاج مجموعة من العطورات وأدوات الحلاقة، ولكنها لم تلقَ نجاحاً، كذلك تم إطلاق مشروب (كوكاكولا) بنكهات متنوعة ولكنها فشلت، حتى شركة «أبل» أطلقت جهازاً اسمه (نيوتن) ولكنه فشل فشلاً ذريعاً، وهناك كاميرا (ديجيتال) من (كوداك) كانت متطورة جداً ولكنها فشلت بسبب التسويق الخاطئ، وهناك هاتف ذكي «نوكيا 9» سابق لعصره، ولكن لم يفهمه المشترون في ذلك الوقت. ويذكر الدكتور وست: إن العالم يقدر النجاح بشكل مبالغ فيه، بينما الفشل يكنس تحت البساط ولا يتحدث عنه أحد. لذلك تعتبر زيارة (متحف الفشل) لطلاب المدارس والجامعات والباحثين في السويد درساً مفيداً يتعلمونه بشكل عملي عن منتجات سقطت من وجهة نظر المستهلك، وكانت ناجحة من وجهة نظر المخترعين أو المسوقين أو إدارات الشركات المنتجة. ويشير الدكتور وست إلى أن أحد أهداف إنشاء المتحف هو أن الفشل يعتبر وقوداً للنجاح، وإذا لم نستثمره بطريقة صحيحة يصبح سمّاً قاتلاً. لدينا في الكثير من المؤسسات قيادات شابة في بدايات الترقي لمناصب أعلى، ولكنها بحكم تغيير الإدارات لم تستفد من تجارب وخبرات السابقين، ولم تختبر الفشل بسبب تجاربها القليلة، ولكن يجب على هذه القيادات الشابة ألا تخشى الفشل، لأنه يعطي الإنسان فرصة للتخلي عن بعض الصفات السلبية كالغرور والتعجرف الإنساني.