إن لقادة الفكر دوراً مهما وحيوياً وإيجابياَ وضرورياً في نهضة الأمم والدول والمجتمعات، وفي التأثير على الناس ليتبنوا الأفكار والوصول بهم إلى الأهداف المرجوة، فصناعة الأفكار وتبنيها ونشرها يعتمد بشكل رئيس على قادة الفكر. فقادة الفكر يعتبرون عناصر نموذجية مميزة وسط الجماعات؛ لأن لديهم القدرة على تحويل المعرفة والخبرة والمكتسبات الثقافية إلى أفكار تسهم في تطور ورقي حياة الآخرين، فينجذبون لهم الناس للرأي والبحث عن النصح والمشورة، ويمارسون تأثيرهم على الجماهير بشكل فعال ومتكرر؛ بما يسهم في تحقيق الاستقرار داخل المجتمع. ويتمتع قادة الفكر في مختلف المواقع بمنزلة اجتماعية، وعادة ما يأخذون زمام المبادرة في رفض أو قبول الأفكار الجوهرية. يقول جوزيف كلابر: "إن الناس يتأثرون بقادة الفكر في مجتمعاتهم تأثراً عميقاً بصورة تفوق تأثرهم بوسائل الاتصال الجماهيرية. كما أن قادة الفكر أكثر كفاءة في مجال تخصصاتهم، وأكثر اكتساباً لروافد المعرفة المختلفة، ويقومون بنقل الرسائل والأفكار التي اقتنعوا بها إلى جماهيرهم. ويتميز قادة الفكر بمجموعة من السمات قدمها بعض المختصين مثل "لازرسيفلد" و "بيرلسون" و "جوديه" وغيرهم هي: – الذكاء والنضج الفكري والاجتماعي. – سعة الأفق. – الجاذبية التي تشتمل على سماحة الوجه ورقة الحديث وحُسن الهندام. – الاتزان النفسي والعاطفي والفكري. – القدرة على التعامل مع المواقف المختلفة. – المهارات الاتصالية كمهارة التحدث والكتابة والقدرة على الحوار والمناقشة. – القدرة على الإنصات والحصول على المعلومات وفهمها. – القدرة على التفكير وقوة البيان واستخدام الأدوات والوسائل المناسبة في الوقت المناسب. – القدوة الطيبة؛ لأن الناس يتعلقون بهم في سيرتهم وحسن قيادتهم، وقدرتهم على الالتزام بالصدق والموضوعية. – اختيار أحسن الأساليب وأفضل الطرق لاستمالة الجماهير والتأثير عليهم. – الاتصال المباشر المستمر بالجماهير والتفاعل معهم. – الصبر والرحمة وسعة الصدر والتواضع. – الهمة العالية والبعد عن السفاسف. – الوسطية والاعتدال في الأفكار والمشاعر. – البعد عن مواطن الريبة والشبهة. كذلك يتميز قادة الفكر عن غيرهم بالدقة والقدرة على استخدام وسائل الاتصال والانفتاح حول العالم ومواكبة كل جديد. إن قيادة الفكر صناعة تحتاج إلى اهتمام عظيم ومهارات فائقة ودعم على مختلف المجالات؛ ضماناً لتحقيق التقدم والتطور. ولقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الجماهير أكثر تأثراً بقادة الفكر من روافد المعرفة الأخرى. ويستخدم قائد الفكر قوته من فهمه لرغبات الناس والجماهير ومطالبهم حتى يستطيع أن يبلورها لهم. فقادة الفكر قادرين على تحويل الاتجاهات السلبية للجماهير إلى اتجاهات إيجابية؛ لما يتميزون به من مهارات وقدرات خاصة. فمن الضرورة جداً اكتشاف هؤلاء القادة، وتحديد هويتهم، ومعرفة معدلات تأثيرهم في مختلف المراحل التي تمر بها المجتمعات، وتصبح عناصر إيجابية تسهم في تطوير المجتمع، وتصحح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة. وتنشر الوعي الصحيح في مختلف قضايا الحياة، ويسهم قادة الفكر في بناء مجتمعات مستقرة، وفي إثراء الخطط التنموية المختلفة خاصة إذا زودوا بالمعلومات اللازمة. ختاماً انقلوا عن خالد الثبيتي . أن الأمم والدول والمجتمعات لم تتقدم وتتطور بالخطط والمشاريع والبرامج فقط، بل بقادة فكر لهم دور كبير في صناعة الخطط والبرامج، وفي التأثير على الجماهير واستمالتهم نحو تحقيق الأهداف المرجوة. *أستاذ القيادة والتخطيط الاستراتيجي