قال الكاتب عبد الرحمن بن عبيد السدر إن منهج أهل السنة والجماعة مع ولاة أمرهم منهجٌ عدلٌ وسطٌ يقوم على أساس الاتباع ولزوم الأثر كما هو شأنهم في سائر أمور الدين، فهم يقتدون ولا يبتدون، ويتبعون ولا يبتدعون، ولا يعارضون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقولهم وأفكارهم وأهوائهم. واستشهد السدر بقول الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر». موضحا أن من نهج أهل السنة والجماعة وسبيلهم مع ولاة أمرهم، أنهم يرون وجوب السمع والطاعة لهم في المنشط والمكرة أبراراً كانوا أو فجاراً، وإنما الطاعة في المعروف، فإن أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينصحون لهم، ولا يدعون عليهم بل يدعون لهم بالصلاح والمعافاة، ولا يرون جواز الخروج عليهم ولا قتالهم، ولا نزع يد الطاعة منهم، وإن جاروا وظلموا، بل يعدون ذلك من البدع المحدثة. وتابع السدر: قال إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين». ومن خرج على إمام المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة، فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية، ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق. قال الإمام البخاري رحمه الله: لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر، وذكر جماعة منهم ثم قال: ما رأيت واحداً منهم يختلف في هذه الأشياء، فذكر أموراً منها: وأن لا ننازع الأمر أهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، وطاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)، ثم أكد في قوله: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وأن لا يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال الفضيل: لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام، لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد. فلقد أجمع أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف سواء كان ذلك في الواجبات، أو المندوبات، أو المباحات، أو الأمور الاجتهادية، والعادات، والأعراف، وغير ذلك، مما لا يخالف الشرع، وأن طاعتهم بالمعروف ديانة لله عز وجل يبتغى بها الأجر والثواب من الله، ويكون طاعته في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وفي الأثرة علينا. وإن من واجبات السمع والطاعة الاجتماع على ولاة الأمر، ووحدة صف الرعية معهم، وإعانتهم على الخير، وجمع الكلمة وعدم التنازع والاختلاف عليهم، ويشرع الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق. ولا يجوز الدعاء عليهم أو سبهم أو غشهم أو بغضهم ونحو ذلك. قال الحافظ أبو إسحاق السبيعي: “ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره”. وقال الإمام أحمد: “لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان” , وقال أيضاً: “إني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السر والعلانية، وفي عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثره علي، وإني لأدعو له بالتسديد، والتوفيق، في الليل والنهار، والتأييد وأرى ذلك واجباً”. ويجب الصبر عليهم وعدم جواز الخروج عليهم، وأن بلغوا في الظلم مبلغاً عظيماً، ولا يجوز إثارة الفتن حولهم، أو الكذب عليهم، أو التدنيس، أو الاختلاف عليهم. يتبين مما سبق لزوم طاعة ولي الأمر فيما يأمر به دون معصيته سبحانه وتعالى، ومن ذلك التعليمات الاحترازية من فيروس كورونا والتنظيمات التي تصدر عبر المواقع الرسمية للجهات المعنية.