الدعاء عبادة عظيمة تظهر فيها روح العبادات كلها ويظهر فيه الانكسار والخضوع والافتقار إلى الله عز وجل وما من عبادة إلا وهي متضمنة الدعاء. والدعاء بظهر الغيب: هو أن يدعو المسلم لأخيه المسلم في غيبته وهذه سنة درج عليها الأنبياء الصالحون عندما يدعون لأنفسهم سواء في الصلاة المكتوبة أو التهجد أو قبل الإفطار في رمضان أو في الطواف في بيت الله الحرام. فإذا كان الله عز وجل يقول: إنما المؤمنون اخوة. يقول تعالى: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه. فمن ألزم تلك الحقوق وآكدها عند الله هو أن يدعو المسلم لأخيه بظهر الغيب فكيف إذا كان المسلم إنساناً عادياً، فما بالك بحق ولي الأمر فحقه يمليه علينا رب العزة جل جلاله. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). لذا أوجب الله علينا لولاة الأمور حقاً عظيماً. لأن بطاعتهم تسعد الأمة الإسلامية ويستتب لها الأمن ويسود السلام. والذي أوجبه من هو عالم بأسرار الكون وطبائع البشر التي لا تصلح إلا بإمام. أوجبه الله حفاظاً على الحياة الاجتماعية وحماية لها من فوضى الجاهلين وطيش المفسدين. إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. لقد أوجب الله طاعة ولي الأمر وجعلها قربة إليه. طاعة مؤكدة يجب الإتيان بها في العسر واليسر والمنشط والمكره. إلا إذا أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة في معصية الخالق. لذا علينا بالنصح الدائم لهم في السر سواء كان خطاباً أو مشافهة فأبوابهم مفتوحة للجميع ولله الحمد والدعاء لهم والتعاون معهم على البر والتقوى وعدم مفارقة الجماعة فما نزعت يد من طاعة ولي الأمر: إلا صافحها شيطان وعرضها للفتن وموت الجاهلية فالعاقل يدرك خطورة ذلك. لذا حرص أهل السنة والجماعة منذ القرون الأولى للدعاء لولاة الأمر وهذا يميز منهج أهل السنة العقدي عن غيره من المناهج البدعية الطارئة، حتى لا يختلط الأمر على طلب حق ومبتغي رشد، وحري بالعلماء والدعاة والخطباء أن يتحدثون عن منزلة الدعاء والنصيحة ويدعون للولاة على المنابر، لكي يكون في دعائهم تعليم الحضور لدعاء لولاة الأمر بالصلاح والتوفيق وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة وتركه من منهج المبتدعة. قال الإمام أحمد بن حنبل: "لو لي دعوة مستجابة لصرفتها للإمام لأن بصلاحه تصلح الرعية". ومن فوائد الدعاء لولاة الأمر: 1- قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: الدعاء لولاة الأمر من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات. 2- إن الدعاء لولاة الأمر فيه إبراء للذمة لأن الدعاء من النصيحة والاستمرار فيه دليل على صلاح الطوية. 3- قال الشيخ السعدي: وأما النصيحة لأئمة المسلمين وهم ولاتهم من السلطان الأعظم والأمير والقاضي والوزير. وكل من له ولاية صغيرة أو كبيرة. فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم وجب لهم النصح بالسر. والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق وصلاح النية وصلاح البطانة. 4- يقول الإمام البربهاري رحمه الله: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فأعلم انه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح والتوفيق فأعلم انه صاحب سنة إن شاء الله. 5- وقال القاسم بن مخيمرة الذي توفي عام 100للهجرة: إنما زمانكم سلطانكم فإذا صلح سلطانكم صلح زمانكم وإذا فسد سلطانكم فسد زمانكم. 6- وقال الفضيل بن عياض: وإذا صلح الإمام أمن العباد والبلاد وكثر الخير وزال الفساد. وأخيراً الله الله بالدعاء لولاة الأمر قبل الإفطار في هذا الشهر المبارك.. وفي الوتر فإن الشيطان حريص كل الحرص على ألا ندعو لولاة الأمر. لأن في صلاحهم غضبه. فكم ضيع كثير من طلبة العلم وأهل الخير والصلاح على أنفسهم من الخير الكثير بتركهم الدعاء لولاة الأمر.