أسلاك شائكة، شوارع خالية، مبان مهجورة، حال منتجع فاروشا السياحي الذي تحول من “لؤلؤة قبرص” التي كانت تضج بالحياة إلى مدينة أشباح تسيطر عليها تركيا. منتجع فاروشا الذي يقع في جنوب شرق الجزيرة، والذي استحق لقب “لؤلؤة قبرص” بفضل مياه البحر الصافية التي يطل عليها بأضواء مبانيه ونواديه الليلية، كان في الماضي وجهة مفضلة لنجوم السينما العالمية، أمثال صوفيا لورين وبريجيت باردو. لكن منذ العام 1974، بدأت فاروشا تتحول تدريجيا إلى مدينة أشباح مهجورة بعدما أغلقها الجنود الأتراك، بعد غزوها ردا على ما نفذه قوميون قبارصة يونانيون بهدف ضم قبرص إلى اليونان. وفي عام 1983، أعلن شطر قبرص الشمالي الاستقلال في خطوة لم تعترف بها إلا أنقرة في حين لا يزال المجتمع الدولي يعترف بالحكومة في نيقوسيا على أنها السلطة الوحيدة في الجزيرة. مجلس الأمن الدولي دعا في عدة قرارات إلى قيام الأممالمتحدة بإدارة فاروشا، وإلى عودة سكانها الأصليين. وأمرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية تركيا بدفع تعويضات لسكان المدينة السابقين الذين انتزعت أملاكهم. وتقدر تعويضات فاروشا لسكانها الأصليين أكثر من خمسة مليارات دولارات، وفق تقديرات غير رسمية، بحسب وكالة فرانس برس. ولتجنب تقديم التعويضات، قد تعيد تركيا الممتلكات في فاروشا إلى السكان السابقين الذين لا يزالون على قيد الحياة، ويتوقع أن تقوم تركيا بتسليمها ل “جمهورية شمال قبرص التركية”، ما يسمح لها بالاحتفاظ بسيطرتها الفعلية عليها. وزير الخارجية التركي خلال زيارته لفاروشا عندما أعلن عن توجه لإعادة إعمارها في سبتمبر الماضي وأعلنت تركيا و”جمهورية شمال قبرص التركية” في سبتمبر الماضي إمكانية إعادة فتح المنتجع. ويرى السكان الأصليون في الإعلان التركي خطوة “انتقامية” للرد على الخلاف بشأن موارد الطاقة في البحر التي تعمل نيقوسيا على تطويرها. وبموجب اقتراح من “وزير خارجية” قبرص التركية قدرت أوزرساي، ستجري عملية إعادة الإعمار على مراحل، انطلاقا من القسم الأقرب من فاماغوستا وهي مدينة تضم ميناء وكانت فاروشا تابعة لها قبل تطويقها. ويأمل أصحاب الأملاك في فاروشا من القبارصة اليونانيين بأن تتخذ نيقوسيا، التي تطالب إما بإعادة فاروشا وإما بتسليمها للأمم المتحدة لإدارتها، موقفا صلبا.