تبدأ اليوم في جنيف جولة جديدة من مفاوضات السلام بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك برعاية الأممالمتحدة لإنهاء أكثر من أربعة عقود من الانقسام في الجزيرة المتوسطية. وعلى جدول أعمال المباحثات ملفات شائكة كالممتلكات وتبادل الأراضي والقوات التركية المنتشرة في قبرص. وإثر احتلال الجيش التركي لقسم من الجزيرة عام 1974 فرّ مئتا ألف شخص بين ليلة وضحاها، من القبارصة اليونانيين إلى الجنوب والقبارصة الأتراك إلى الشمال، تاركين ممتلكاتهم ومنازلهم وأراضيهم. ويقيم في الشطر الشمالي للجزيرة قبارصة أتراك أو مستوطنون من تركيا أو أجانب في عدد من المنازل التي تعود إلى قبارصة يونانيين عقب عمليات بيع وشراء مثيرة للجدل. وفي جنوب الجزيرة تشرف الحكومة على المنازل العائدة إلى القبارصة الأتراك وخصص بعضها لنازحين قبارصة يونانيين. وتم تشييد بنى تحتية كمطار لارنكا على أراض تعود إلى قبارصة أتراك. ويطالب الأصحاب الشرعيون للممتلكات إما باستعادتها أو بالحصول على تعويضات. وازداد عدد القبارصة اليونانيين الذين يشعرون باليأس من استعادة ممتلكاتهم يوماً ما، أو الذين يحتاجون إلى المال، فيستعينون باللجنة التي شكلتها تركيا لدفع تعويضات لهم. وتقدر جمهورية قبرص بأكثر من 160 ألفاً عدد المستوطنين الذين وصلوا من أفقر المناطق في تركيا، آملين في الحصول على مساكن وأراض وباتوا يقيمون في الجزيرة ويشكّلون أكثرية بين سكان الشمال. وأظهرت الإحصاءات التي أجرتها السلطات القبرصية التركية العام 2011 أنه من أصل 286 ألف نسمة في القسم الشمالي هناك 118 ألفاً (40%) من الأتراك. وهذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار القوات التي تنشرها أنقرة وتقدر حالياً ب 30 ألفاً وفقاً للسلطات القبرصية التركية. وعندما فرَّ القبارصة اليونانيون من فاروشا عام 1974، نشر الجيش التركي حول المدينة أسلاكاً شائكة مانعاً العودة إليها منعاً باتاً. وتحوَّل هذا المنتجع السياحي الضخم بفنادقه إلى مدينة أشباح لاتزال راسخة في ذاكرة سكانها السابقين البالغ عددهم ما لايقل عن 40 ألفاً. وبسبب الحظر المفروض على «جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من جانب واحد والتي لا تعترف بها سوى أنقرة، فإن التجارة مع الخارج أمر مستحيل. واقترح الزعيم القبرصي التركي مصطفى اكينجي إمكانية إعادة فاروشا مقابل تشريع ميناء فماغوستا ومطار أرجان. وأعلنت الأممالمتحدة العام 2010 نزع معظم الألغام من المنطقة العازلة التي تديرها منذ تقسيم الجزيرة. لكن عدم توفر خرائط مفصلة عن المناطق المزروعة بالألغام قبل 1974 منع الأممالمتحدة من إنهاء عملية نزعها في سائر أنحاء الجزيرة.