في السابع عشر من الشهر الجاري ظهر المرشد الإيراني علي خامنئي في خطبة الجمعة وهو يؤم المصلين بعد انقطاع دام نحو ثماني سنوات. لم يكن هذا الحدث مثيرا جدا للاهتمام، لكن الأمر غير العادي الذي ترافق مع ظهور خامنئي، كان حضور طبيبه الشخصي لأول مرة في العلن. ظهر الطبيب في إحدى الصور وهو يجلس في الصف الأول خلف خامنئي حاملا حقيبته وإلى يساره مجتبى النجل القوي للمرشد الإيراني، فيما جلس على يمينه مصطفى النجل الأكبر لخامنئي. ووفقا لصحيفة ” واشنطن إكزامنر” قد يكون هذا الظهور مؤشرا واضحا على تدهور حالة خامنئي (81 عاما) الصحية وبالتالي تثير الكثير من الأسئلة حول بديله وماذا سيحدث عند وفاته؟. وتعتقد الصحيفة أن هناك عدة معطيات تثبت أن المرشد الإيراني علي خامنئي والجناح المتشدد في طهران بدأوا بالفعل العمل على تهيئة خليفة خامنئي تحسبا لأي طارئ. من هذه المعطيات، وفقا للصحيفة، فإن الوضع اليوم في إيران مختلف بشكل كبير عما كان عليه بعد وفاة الخميني، بعد أن فقد النظام شرعيته بين معظم القوميات التي كانت داعمة له في البداية مثل الفرس والأذريين. هذا الافتقار إلى الشرعية الداخلية يقترن أيضا بضغط تمارسه قوى إقليمية ودولية على طهران، وبالتالي ربما يكون خامنئي قد توصل إلى استنتاج أن خليفته يجب أن يتحدد قبل وفاته من أجل الحفاظ على السلطة، حسب الصحيفة الأميركية. ووفقا للتقارير الواردة من إيران فإن مجتبى خامنئي ورئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي هما أبرز خياران، لأن كلاهما يمتلك شخصية قوية، لكن مجتبى يتفوق على منافسه من حيث الدعم المالي والعسكري. تقول الصحيفة إن خامنئي يركز حاليا على ثلاثة قضايا رئيسية تمهد الطريق لخليفته، تتمثل في كيفية قمع المتظاهرين الذين يسعون لتغيير النظام من خلال استهداف جماعات معارضة نشطة داخل البلاد، مثل جماعات التمرد العربية والكردية وكذلك الصحفيين والناشطين في الخارج. وثانيا كيفية التغلب على سياسة الضغط القصوى لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وثالثا الحفاظ على النظام موحد بأي ثمن، وهذا يستوجب القضاء على التهديدات من داخل دائرة السلطة التي تسعى إلى الوقوف مع المحتجين أو جماعات المعارضة من أجل إضعاف خامنئي وفيلق الحرس الثوري الإسلامي، والإطاحة بالنظام في نهاية المطاف. ونتيجة لذلك، بدأ خامنئي بالفعل في مواجهة هذه التهديدات، من خلال جملة تعيينات طالت قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس. فعلى سبيل المثال تم تعيين إسماعيل قاآني قائدا جديدا لقوة القدس، ومحمد حجازي نائبا له لقوات القدس، وحسن سلامي بصفته القائد الجديد لقوات الحرس الثوري، ومحمد رضا نقدي كرئيس للأركان المشتركة في الحرس الثوري. ووفقا للصحيفة تم اختيارهم جميع هؤلاء بسبب خبرتهم في مجالين رئيسيين، قمع المتظاهرين بوحشية في الانتفاضة الكردية في فبراير 1999، واحتجاجات الطلاب الإيرانيين في يوليو من العام ذاته، وانتفاضة عام 2009 في طهران، واحتجاجات إيران على مستوى البلاد التي حدثت منذ ديسمبر 2017. وثانيا تم اختيار كل من قاآني وحجازي ونقدي وسلامي لأنهم جميعا قاتلوا لسنوات ضد المتمردين الأكراد في إيران، وتعتمد تجربتهم العسكرية برمتها على محاربة المتمردين وليس على الخبرات العسكرية. وعلاوة على ذلك، يُعرف كل هؤلاء القادة بفريق سلامي، وهو معروف جيدا بولائه لعائلة خامنئي، كما أن رئيس مديرية الاستخبارات التابعة للحرس الثوري حسين طيب يعد أحد أقرب الأشخاص إلى مجتبى خامنئي. نقطة أخرى تناولها تقرير الصحيفة الأمريكية تمثلت في الإعلان الذي صدر مؤخرامن مكتب المرشد الأعلى وأشار إلى أن الشركات التي تسيطر عليها كيانات عسكرية ودينية، تحت إشراف خامنئي المباشر، سيتم إدراجها في بورصة طهران، ما يعني أن الشغل الشاغل لمؤسسة الحكم في إيران بات يتمحور حول كيفية إنقاذ النظام القائم والمحافظة عليه. وتختتم الصحيفة بالقول “إن التحليل الذي يشير إلى أن وفاة خامنئي قد تؤدي لتغيير النظام في إيران ليس له أي وزن”. فمع ظهور طبيب خامنئي الشخصي لأول مرة في الأماكن العامة، يرسل خامنئي رسالة إلى مؤيديه مفادها أن الزعيم الأعلى القادم سيتم الإعلان عنه قريبا وقبل وفاة خامنئي لتجنب أي فراغ في السلطة. وتضيف الصحيفة “حتى لو توفي خامنئي فجأة وقبل أن يتم اختيار خليفته، فإن الحفاظ على سرية وفاته لحين اختيار المرشد الجديد أمر سهل للغاية، فقد كان ظهور خامنئي في الأماكن العامة قليل جدا خلال العامين الماضيين، وبالتالي عدم الظهور لأشهر لن يكون شيئا خارجا عن المألوف”.