متابعات - الوئام أربعة أيام مرت على دخول المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ الفعلي، حيث شملت مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية وعلى رأسها قطاع النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الأساسي للعملات الصعبة التي تحتاجها إيران. وتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمواصلة الضغط على نظام طهران “من دون هوادة”، بسبب سياسته “المزعزع للاستقرار” في الشرق الأوسط، وحذر أي دولة أو مؤسسة من الدخول في أنشطة مشبوهة لمحاولة انتشال إيران من تجاوز العقوبات. في الوقت الذي لوح فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني في غير مناسبة بأن بلاده ستلتف على العقوبات الأمريكية في إشارة إلى ممارسات قد تكون غير قانونية طالما لجأت لها طهران لتجاوز العقوبات، صرح نائبه الأول إسحق جهانغيري بأن العقوبات الأمريكية تأثيرها واضح جدا ولا يجب التجمل في هذا المجال، يجب علينا بذل مزيد من الجهد للتقليل من أثر العقوبات الأمريكية الأخيرة، وطالب الإيرانيين الوقوف إلى جانب الحكومة للتقليل من وطأة تلك العقوبات. لكن يبدو أن الإيرانيين لم يكن بيدهم حيلة عندما أصبحوا يومهم الرابع على حزمة العقوبات الأمريكية الثانية بغضب ينذر بعاصفة أخرى في الشارع من سياسات النظام الإيراني التي طالما حذروا منها وجلبت عليهم أثار وخيمة وسط تخوفات من المستقبل، بعدما استهدفتهم العقوبات في أدق تفاصيل حياتهم. ويواجه الشعب الإيراني ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات، ونفاد إمدادات الأدوية الحيوية المستوردة، على خلفية تراجع قيمة الريال الإيراني، منذ تطبيق المرحلة الأولى من العقوبات، بينما تلوح في الأفق موجة احتجاجات ثانية تضرب أنحاء متفرقة من البلاد بسبب تدهور المستوى المعيشي، في الوقت الذي قال فيه المجلس الوطني الإيراني الأمريكي إن نحو 80 مليون مواطن متوسط الحال يشعرون بالضرر الناجم عن العقوبات الجديدة منذ المرحلة الأولى، وفي انتظار موجة أكبر من السخط بسبب المرحلة الثانية الأشد وطأة على البسطاء. ولجأت طهران قبل ذلك بأسابيع، في خطوة للتخفيف من وطأة العقوبات الأمريكية، إلى بيع النفط الخام لشركات خاصة، لكنها لم تستطع سباق الزمن، عندما أتت رياح أسعار النفط العالمية الهابطة بما لا تشتهيه سفن طهران، فوفقا لما نشره موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية "شانا"، إن من بين مليون برميل طرحت في بورصة الطاقة تم بيع 280 ألف برميل بسعر 74.85 دولار للبرميل. وأنهت شركات تأمين وسمسرة وشحن أوروبية أعمالها في طهران بعد دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، وأفاد بيان بأن شركة التأمين أمريكان إنترناشونال جروب (ايه.آي.جي) تنهي أنشطة في طهران كانت تزاولها عبر شركة استحوذت عليها وتواجه الآن العقوبات، بينما علق “سويفت” المزود الدولي لخدمات التراسل المالي وصول بعض البنوك الإيرانية إلى شبكته، بعد ساعات من دخول قرار واشنطن فرض حزمة ثانية من العقوبات على إيران تشمل قطاعي النفط والمال حيز التنفيذ، وأوضحت الشركة المصرفية الكبرى في بيان “أن هذا الإجراء، اتخذ لمصلحة واستقرار ونزاهة النظام المالي العالمي في مجمله”. وفي تقرير لقناة “دويتشه فيله” الألمانية عن تأثير العقوبات الأمريكية الأخيرة على طهران، ألقى الضوء على حالة الذعر أصابت مسؤولين إيرانيين بارزين نتيجة تداعيات العقوبات الجديدة، ومن المؤكد ستكون مصاحبة بتغييرات فجائية في بعض السياسات الحكومية، على حد قولهم. وتطرق تقرير الشبكة الألمانية إلى محاولات الفشل من دول الاتحاد الأوروبي لمحاولة إيجاد نظام مالي مستقل للتخفيف من تأثير تداعيات العقوبات سلبا على طهران، وأشار إلى ادعاءات محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي بشأن وجود خطط لدى بلاده لمواجهة العقوبات الأمريكية، تناقضت في الوقت نفسه مع مطالب إيران الرسمية وغير الرسمية المتكررة لدول الاتحاد الأوروبي في إيجاد وسائل دعم بعد بقاء دول “ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا” ضمن الاتفاق النووي المبرم قبل 3 سنوات.