مع تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران، والمقرر لها أن تبدأ اليوم، يدخل الاقتصاد الإيراني مرحلة جديدة، يصعب على طهران تجاوزها، خاصة مع تفاقم الأزمة الداخلية، وتعرض سوق العملة لحالة غير مسبوقة من التذبذب، أدت بدورها إلى انخفاض قيمة العملة الإيرانية أمام الدولار الأميركي، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبيرة أمام مستقبل اقتصاد ايران، ومن ثم سياساتها الخارجية، في الوقت الذي تحاول فيه طهران البحث عن مخرج من تلك الأزمة، التي تتزايد حدتها يوما بعد الآخر، ليظل المصير مجهولا. وتشمل المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية، القطاع النفطي، والحد من صادرات طهران، وحرمانها من أحد وأهم مصادر دخلها، وذلك بمحاولة إيصال الصادرات النفطية الإيرانية إلى حد الصفر، مما يربك الإدارة الإيرانية، التي تحاول جاهدة تجنب الآثار السلبية لتلك العقوبات، التي تعد الأخطر، بعد انسحاب الولاياتالمتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني في العام 2015. ووفقا للتوقعات الأميركية لنتائج تلك المرحلة من العقوبات، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن جهود بلاده أسفرت عن تقليص صادرات النفط الإيرانية، بمقدار مليون برميل يوميا منذ مايو الماضي، الذي بدأت خلاله المرحلة الأولى من العقوبات. وتوقع بومبيو، في تصريحات له، أن صادرات النفط الإيراني تتقلص، مع دخول المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ، بأكثر من مليون برميل يوميا، وذلك مقارنة بالمعدلات المسجلة في مايو الماضي، وهي أرقام قال عنها بومبيو، أنها تتجاوز 3 أو 5 أضعاف ما توقعه كثير من الخبراء والمحللين لنتائج العقوبات الأميركية على طهران، في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مايو الماضي، انسحاب أميركا من الاتفاق المبرم مع طهران، ومجموعة «5+1»، معتبرا أن ما تفعله أميركا حيال طهران، يمثل أقسى ضغط. ويأتي هذا في الوقت الذي أحكمت فيه واشنطن، مواصلة الضغط على الشبكات العالمية، من أجل زيادة تأثير العقوبات، وبدا ذلك واضحا في إعلان الخزانة الأميركية، التي هددت بتوقيع عقوبات على شبكة سويفت العالمية، حال تعاملها مع مؤسسات إيرانية محظورة. وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، في وقت سابق، إن شبكة سويفت للتحويلات المالية العالمية، ومقرها بلجيكا، قد تتعرض لعقوبات أميركية، حال قامت بتقديم خدمات مالية لمؤسسات إيرانية، مما يجعل واشنطن تضعها في القائمة السوداء. فيما تم الإعلان عن استثناء 8 دول من عقوبات الاستيراد من النفط الإيراني، بشكل مؤقت. هكذا تريد واشنطن الوصول بتأثيرات العقوبات على طهران إلى أعلى درجة، خاصة أنها تصل هذه المرة، إلى قطاعات الشحن، والطاقة، والمال، مما يجعل لها أثرا بالغ الخطورة على اقتصاد إيران. من جانبها تحاول طهران، التخفيف من ردة الفعل الناتجة عن العقوبات، واتبعت في ذلك سياستين، الأولى داخلية، خشية تعرض إيران لانتفاضات شعبية، واضطرابات داخلية، وأخرى خارجية بمحاولة طمأنة شركائها التجاريين من دول أوروبا، وغيرها من الدول التي لازالت متمسكة بالاتفاق النووي، خاصة بعد أن وعدت طهران اتجاهها لتدشين كيان مالي، يتيح لها استئناف بيع النفط لتلك الدول، دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية. فهكذا تحاول طهران تجنب الآثار السلبية للعقوبات الأميركية، سواء برسائل الطمأنة الداخلية أو الخارجية، في وقت تمارس فيه واشنطن مزيدا من الضغط للوصول بالصادرات الإيرانية من النفط، الى الصفر، وتهديد المؤسسات المالية الدولية التي تحاول التعامل مع طهران، من الباب الخلفي للعقوبات الأميركية، ليبقى نظام الملالي، معرضا للمصير المجهول، ويدور في فلك السياسات الخاطئة، التي جعلته يدور في حلقة مفرغة، من الاضطرابات الداخلية، والعقوبات الخارجية. Your browser does not support the video tag.