حرصت قطر خلال السنوات الماضية، على حشر نفسها في شؤون أغلب الدول العربية، عبر دعمها جماعات متشددة، ولم تنج دول المغرب العربي من سياسات الدوحة القائمة على نشر الفوضى والإضرار بالأمن القومي العربي. في تونس، مثلا، أظهرت وثائق ومعلومات استخباراتية، سنة 2014، أن جهات تمولها قطر كانت تقف وراء اغتيال الزعيم النقابي التونسي شكري بلعيد. ووفقا ل "سكاي نيوز عربية"، فإن أصابع الاتهام اتجهت إلى الدوحة، بعد عملية عين أميناس الإرهابية بالجزائر، التي نفذها ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فضلا عن دعمها جماعات متشددة أخرى. وذكرت مصادر أمنية واستخباراتية في تقارير تناقلتها صحف تونسية وقتئذ، أن قرار اغتيال بلعيد تم اتخاذه بعد أن أعلن امتلاكه معلومات وحقائق خطيرة عن دخول أطراف مشبوهة للتراب التونسيوالجزائري عبر سيارات قطرية رباعية الدفع مجهزة بمعدات متطورة، من النوع الذي منحته الدوحة للحكومة التونسية. وأوردت المصادر أن بلعيد كان يمتلك وثائق سرية وخطيرة تكشف ضلوع قطر في حادثة عين أميناس بالجزائر، وهي المعلومات التي جعلت لورانس لويس؛ النائب البرلماني البلجيكي يتهم قطر بالتورط في اغتيال بلعيد. وقالت مصادر استخباراتية إن الهدف الرئيس لدولة قطر في تلك الفترة كان إيجاد جو من الفوضى وعدم الاستقرار الأمني في الجزائر، فضلا عن وضع يدها على بلدان المغرب العربي من خلال دعم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي. وتحولت بلدة غدامس الواقعة في المثلث الصحراوي الحدودي بين ليبيا وتونسوالجزائر، خلال الأشهر التالية، إلى وكر وملاذ آمن لعناصر القاعدة، كخلايا جاهزة للقيام بعمليات تخدم أجندة الدوحة في المنطقة، مستفيدة من حالة الانفلات الأمني التي تشهدها المنطقة. كما وضعت قطر يدها على كتائب ليبيا المسلحة، وكان عبد الحكيم بلحاج الذي ضمه البيان السعودي المصري الإماراتي البحريني الأخير إلى قائمة الإرهاب يتلقى الدعم المباشر من الاستخبارات القطرية. وألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) القبض، في وقت لاحق، على الإرهابي أبو أنس الليبي، واعترف بعد استجوابه بأن الاغتيالات السياسية التي كانت تحدث في تونس، وأهمها قضية اغتيال السياسي شكري بلعيد، تورط فيها عبدالحكيم بلحاج الذي كان ينسق مباشرة مع تونسيين، وهذا التنسيق كان بعلم القطريين. أما عمليات الخطف والقتل (كاغتيال شكري بلعيد) فقد قام بها رجال من (كتيبة النواصي) التي تضم قادة كتائب، معظمهم تورطوا مباشرة في حادثة عين أميناس في الجزائر. وظل المتورطون على اتصال دائم بالإرهابي هيثم التاجوري، الذراع اليمنى لعبدالحكيم بلحاج الذي سيطر على رجال المجلس الانتقالي بدعم من الاستخبارات القطرية. ورتبت الاستخبارات القطرية الأمر مع هيثم التاجوري وعبدالحكيم بلحاج اللذين أمرا كتيبة النواصي، وتحديدا خالد البصير، بإقناع كتيبة "الموقعون بالدم" ومعهم الإرهابي مختار بلمختار بتنفيذ العملية مقابل دعم مالي كبير. وهكذا رتبت عملية عين أميناس التي ظلت خيوط إعدادها وتنفيذها غامضة إلى أن أعادتها إلى الواجهة عملية اغتيال شكري بلعيد، وتوصلت التحقيقات إلى معلومات متداولة على نطاق واسع في مكاتب الاستخبارات الأوروبية والأمريكية.