أقام النادي الادبي بالباحة محاضرة ثقافية عن السياحة في منطقة الباحة للدكتور عادل شاويش عضو هيئة التدريس بجامعة الباحة والتي أدارها عضو النادي الأدبي الأستاذ محمد زياد الزهراني الذي استهل الأمسية بمدخل عن السياحة وتحويلها إلى صناعة بدون تأثير على البيئة ومدى مردودها على الاقتصاد الوطني والمجتمعي والفردي من خلال الاستثمارات في كل ما يحتاجه السائح كما تحدث عن أهمية السياحة وتطورها وحاجة الأسرة لها ثم نبذة تعريف بالمحاضر بعده قرأ الدكتور شاويش محاضرته التي ذكر فيها أهمية السياحة وأهدافها وأنواعها ومقوماتها فيما ركز على منطقة الباحة ومشروعاتها السياحية ومقوماتها البيئية والحضارية والطرق التي تعزز موقعها بين مناطق الاصطياف كما اعتمد في محاضرته على البحث العلمي في بعض الإحصاءات وترتيب الباحة بين المناطق السياحية الناشئة وفي ختام المحاضرة خلص المحاضر غلة نتائج وتوصيات معتبرا صناعة السياحة في منطقة الباحة يمكن أن تشكل معلم هام من ملامح الخريطة السياحية بالمملكة العربية السعودية من الصناعات البكر، ويرجع ذلك لحداثة تلك الظاهرة وعمرها القصير الذي لا يتعدى ربع قرن من الزمان . وقال تتوافر بمناطق المملكة العربية السعودية الغربية والجنوبية ومنها منطقة الباحة مقومات طبيعية فريدة وجيدة تتميز بها عن مناطق المملكة الوسطى والشرقية والشمالية وخاصة عناصر المناخ والنبات الطبيعى الجبال المتميزة والتى يمكن أن تكون عناصر فعالة فى عملية توطن صناعة السياحة وخاصة سياحة المنتجعات والاصطياف والترفيه والتنزه والمسابقات وتسلق الجبال والصيد وغيرها ، كما يمكن أن تجذب نسبة كبيرة من الراغبين فى الراحة والاستجمام والترفيه من السعوديين والمقيمين إليها بدلا من السفر خارج المملكة إلى مناطق مماثلة . واضاف من خلال استقراء عناصر المكون البشرى الذى يتولى قيادة صناعة السياحة في محافظات المنطقة نجد أنه ينقصه الكثير من الخبرات العملية والعلمية فى مجال السياحة ، ويمكن أن نتلمس له العذر ، ذلك لأن النشاط السياحى بمفهومه الحديث لا يزال جديدا على الكثير من السكان والذين تمرسوا خلال تاريخهم الطويل على مزاولة النشاط الزراعى والرعوى ، وان كانت نسبة صغيرة من هؤلاء السكان قد لعبت دورا كبيرا فى رعاية الحجاج فى مكةالمكرمة خلال موسم الحج قبل الطفرة البترولية . وبين أنه يترتب على القصور فى مكونات العنصر البشرى الداعم لعملية صناعة وتنمية السياحية فى منطقة الباحة ظهور بعض السلبيات منها على سبيل المثال : عمليات التلوث البيئي بأشكاله المتعددة لعدد من مناطق الجذب السياحى ، أو المبالغة في أسعار الشقق المفروشة المعروضة لحساب النشاط السياحى ، أو التعامل السيئ مع الغطاء النباتى فى مناطق الجذب السياحى وذلك من خلال قطع الغابات أو الرعى الجائر أو صيد الطيور والحيوانات النادرة فى المنطقة أو هدم المناطق الأثرية أو إساءة استخدام المساقط الشلالات المائية. وأكد لقد قامت حكومة المملكة العربية السعودية خلال الربع قرن الأخير بإنشاء شبكة جيدة من البنية التحتية القادرة على خدمة توطن صناعة النشاط السياحي سواء فى مناطق منشأ الحركة السياحية أو مقصدها وخاصة شبكة الطرق والمطارات والكهرباء ، وان كانت فى حاجة لمزيد من الدعم الحكومى لكى تستطيع مواجهة التزايد المستمر فى حركة السياحة الداخلية . واختتم بأنه أخيرا لا تزال عقلية نسبة كبيرة من المستثمرين المحليين فى منطقة الباحة قاصرة عن استيعاب مقتضيات صناعة السياحة وعملية تنميتها مستقبلا،حيث لا يزال مبدأ التنافس سائدا بدلا من مبدأ التكامل بين المستثمرين ، وكذلك التنافس بين المشروعات الاستثمارية الخادمة للعملية السياحية فى محافظات منطقة الباحة وقراها المختلفة، ويتضح ذلك من تجمع وتشابه العديد من الخدمات بدلا من تنوعها وانتشارها جغرافيا على الصعيد المكانى لمناطق الجذب السياحى بالمنطقة مما يؤدى إلى وجود عجز وعدم كفاية أو كفاءة فى الخدمات السياحية فى بعض المناطق وفائض فى الأخرى . وفي ختام الأمسية شارك عدد من الحضور بمداخلات واسئلة اثرت الموضوع بالعديد من الإضافات والأطروحات التي تطالب في مجملها الجهات ذات العلاقة من خلال الشراكة بينها في دعم السياحة الداخلية وتعزيز مبادئها وتحقيق متطلباتها ومقوماتها التي تعطي المنطقة فرصة لاستثمارات أكبر وحضور أكثر معتبرين أن ما تحقق في الباحة منطقة الأربعين غابة لا يزال في بداية الطريق وأن على الجهات الخدمية مواصلة السير نحو التميز لتأخذ الباحة مكانتها المتقدمة باعتبارها واسطة عقد المصايف في المملكة .وفي ختام الأمسية علق رئيس النادي الشاعر حسن الزهراني مرحبا وشاكرا للمحاضر والحضور والمداخلين مشيرا إلى بعض النقاط التي جاءت في ثنايا المحاضرة ثم كرم المحاضر بدرع تذكاري بهذه المناسبة . التوصيات :- - يتوقع أن تشهد صناعة السياحة الداخلية بين مناطق المملكة المختلفة نموا كبيرا فى السنوات القادمة وذلك لعدة أسباب منها داخلى وأيضا خارجى ، وفيما يتعلق بالداخلى والذى يتمثل فى الحرص الشديد من جانب الحكومة السعودية على تشجيع وتنشيط حركة السياحة الداخلية كبديل للسياحة الخارجية التى تستنزف نسبة كبيرة من مدخرات السعوديين اللازمة لعملية التنمية السعودية ، بالطبع لا يمكن وقف نزيف خروج تلك المدخرات الوطنية إلا بتوفير البدائل السياحية المحلية المقبولة لدى السعوديين الراغبين فى قضاء عطلاتهم الصيفية أو الشتوية ، و تعتبر منطقة الباحة بمقوماتها الطبيعية والبشرية وفى ظل تعظيم وتنمية تلك المقومات فى المستقبل القريب واحدة من تلك البدائل ، وخارجيا فتتمثل في ارتباط حركة السياحة بالمتغيرات السياسية والعلاقات الدولية والتى تشهد تقلبات كبيرة فى الوقت الراهن والتى سيكون لها نتائجها المؤثرة على حركة السياحة العربية خاصة المتجهة منها إلى الغرب ويمكن استثمار تلك النتائج لصالح عملية تنشيط وتنمية صناعة السياحة الداخلية بين مناطق المملكة المختلفة وخاصة مناطق الجذب السياحى فى كل من عسيروالباحة والطائف . - إن عملية استثمار النتائج الخارجية والداخلية للظروف الراهنة لحساب تطوير صناعة السياحة يتطلب تخطيطا علميا مدروسا لكل من مناطق توليد الحركة السياحية وأيضا مناطق الجذب السياحى بالمملكة بما يحقق إشباع الحد الأعلى لرغبات السائحين والزائرين وأيضا تحقيق العائد المجزى للمستثمرين فى المشروعات السياحية بمنطقة الباحة والذى يساعد على دفع مسيرة التنمية إلى الأمام ، ويمكن أن يتم ذلك من إنشاء مكاتب متخصصة للترويج العلمى الصحيح لإمكانيات المواقع السياحية بمنطقة الباحة . - ضرورة قيام جهاز التنمية السياحة بمنطقة الباحة بتولي إدارة عملية التنمية السياحية والتنسيق بين الجهات المعنية بمنطقة الباحة وتكون له صلاحية اتخاذ القرارات التى تساعد على حل المعوقات والمشاكل الميدانية التى تواجه عملية التنمية السياحية بالمنطقة. - يجب أن يتولى جهاز التنمية السياحية فى منطقة الباحة عملية تنمية وصيانة البيئة الطبيعية النباتية والحيوانية ومناطق الشلالات المائية وكذلك المناطق التاريخية والأثرية بالتعاون والتنسيق الفعال مع الجهات المعنية المحلية والقومية بالمملكة ، وذلك بحمايتها من الاستخدام والاستغلال الجائر من جانب السكان فى منطقة الباحة . - يجب على الجهات المعنية بعملية التنمية السياحية فى منطقة الباحة إعلان المواقع السياحية الطبيعية فى المنطقة بأنها محميات طبيعية تخضع لقوانين المحميات الطبيعية . - يجب على مديرية الطرق والنقل فى منطقة الباحة بذل المزيد من الجهد فى مجال إنشاء ورصف وتمهيد الطرق الثانوية والفرعية أو ما يسمى بطرق التغذية التى تربط المواقع الطبيعية السياحية بالطرق الرئيسية ، وذلك لتحسين وتأمين إمكانية الوصول للسائحين والزائرين إلى المواقع الداخلية فى الغابات والشلالات والمواقع الأثرية . - ضرورة إنشاء معاهد علمية أو أقسام علمية بجامعة الباحة لتخريج طلاب مؤهلين علميا للعمل في مجال صناعة السياحة والتنمية السياحية في المنطقة أسوة بمنطقة عسير والطائف ، حيث لايمكن أن يكون النشاط السياحي في المنطقة هو العمود الفقري لاقتصادها في الوقت الراهن ومستقبلا ولا يوجد معهد علمي يتولي تخريج طلاب قادرين على التعامل العلمي مع صناعة السياحة في المنطقة . - يجب على مديرية الشئون البلدية والقروية بالتعاون مع مديرية التجارة والجهات الأخرى فى منطقة الباحة تَبنى خطة علمية مدروسة فى منح تراخيص إنشاء وتوطن المحلات التجارية والترفيهية وأيضا الفنادق والشقق المفروشة بحيث تراعى الحد الأدنى للمسافة الفاصلة بين تلك المحلات الجديدة والقديمة وذلك حتى يمكن توزيعها بدرجة جيدة تحقق التكاملية لحساب خدمة النشاط السياحى فى منطقة الباحة . - يوصى بضرورة تدعيم المؤسسات الحكومية للمنشآت السياحية والتجارية والترفيهية للقطاع الخاص التي تتوطن فى المناطق البعيدة عن المناطق الحضرية فى منطقة الباحة ، ويمكن ذلك من خلال بيع أراضى رخيصة للمستثمرين وإمدادها بشبكة البنية التحتية اللازمة للمشروعات التنموية مع منحهم تسهيلات وتخفيضات كأن تحصل على كهرباء رخيصة نسبيا أو مياه مدعمة من قبل الدولة ، لاشك كل ذلك سوف يشجع عمليات توطن المشروعات السياحية فى المواقع المعزولة نسبيا كما سيساعد على تنميتها اقتصاديا واجتماعيا ، ونؤكد أن سياسة المملكة فى مجال الدعم المالى والمعنوى للمشروعات التنموية ليست جديدة بل هى سياسة تبنتها المملكة لسنوات طويلة فى السبعينات والثمانينات من القرن العشرين . - يجب أن يقوم جهاز التنمية السياحية فى منطقة الباحة بدور أكبر في إقامة المهرجانات السياحية المختلفة التى تراعى فيها العادات والتقاليد وأحكام الشريعة الإسلامية بحيث يخرج المنتج السياحى نقيا من الشوائب الأخلاقية التي تتنافى مع مفهوم السياحة النظيفة التى تتبناها المملكة ، وكذلك تولي جهاز التنمية تشجيع سياحة المؤتمرات التي يمكن أن تعقد في قاعة المؤتمرات الكبرى على مدار العام وبأسعار مخفضة وخاصة في فصل الشتاء . - يجب أن تخضع عملية تسعير الخدمات السياحية والتجارية والترفيهية المقدمة من قبل القطاع الخاص للسائحين والزوار لرقابة الهيئات الحكومية المختصة بصفة دورية خاصة أثناء الموسم السياحى ، ولا يقصد بالرقابة الحكومية هنا تحقيق غبن لأصحاب المشروعات السياحية أو التجارية بل يجب أن يحقق دورها نوعا من التوازن بين طموحات المستثمرين فى تحقيق عوائد كبيرة وسريعة وبين الاستفادة القصوى للسائحين والزوار من الأموال التى ينفقونها بهدف إشباع رغباتهم المحددة فى الفترة الزمنية التى يقضونها فى ربوع منطقة الباحة ، وذلك مقارنة بمناطق أخرى مشابهة فى داخل المملكة وخارجها . - يجب مد الفترة الزمنية للموسم السياحى بمنطقة الباحة بحيث يكون مركزا فى فترة الصيف والخريف فى محافظات الباحة وبلجرشى والمندق والقرى التى تتميز بصيف معتدل فى درجة حرارته مع سقوط الأمطار، أما فصل الشتاء فيجب أن يكون مركزا على محافظات تهامة وهى المخواه والعقيق وقلوة والتى تتميز بدفئها وصفاء سمائها فى فصل الشتاء ومن ذلك يمكن تحقيق التكاملية السياحية بين محافظات منطقة الباحة . - تشجيع إقامة القرى السياحية في محافظات المنطقة والسماح للقطاع الخاص والحكومي للمشاركة في ذلك ، كما يمكن تشجيع المؤسسات الحكومية من خارج المنطقة على إقامة فللل ومنتجعات خاصة بالعاملين فيها . وأخير لابد أن يقوم جهاز التنمية السياحية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالمنطقة بحملات دعاية وترويج للمواقع السياحية بالباحة خارج المنطقة ، ويجب أن توجه تلك الدعاية لمناطق توليد الحركة السياحية بمناطق المملكة ، على تكون تلك الحملات مدروسة ومخططة بطريقة علمية حديثة وتكون وقادرة على مخاطبة وتغيير عقلية السائح السعودي الذي تعود على قضاء عطلاته فى الدول الغربية بصفة خاصة لأن هذا السائح هو المصدر الخطير فى استنزاف الأموال السعودية إضافة إلى ما تمثله السياحة في الدول الغربية من خطر على الثقافة والعادات والتقاليد العربية والإسلامية .