يتسابق العلماء في إيجاد لقاح لمرض الطاعون الذي كان يعتبر شيئًا من الماضي إلى حد بعيد والذي اشتُهر بمحوه ثلث سكان أوروبا من خلال "الموت الأسود" في القرن الرابع عشر. ويحذر الخبراء من كون الطاعون واحدًا من بين أقوى المرشحين ليصبح سلاحًا بيولوجيًا، لاسيما في ظل تزايد المقاومة للمضادات الحيوية. كما حذر الدكتور أشوك شوبرا، رئيس فريق البحث المدعوم من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، من احتمال أن يصبح هذا السيناريو واقعيًا خلال فترة قريبة. وقال الدكتور شوبرا الذي يعمل في قسم علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة بجامعة تكساس: "يمكن للإرهابيين أن يسهموا في نمو البكتيريا بكل سهولة وكذلك تطوير سلالات مقاومة للمضادات الحيوية. ويعتبر الطاعون الرئوي مرضًا معديًا جدًا يمكن أن يقتل الملايين ومن الصعب علاجه". وأضاف شوبرا موضحًا: "علينا إعادة التفكير في "الموت الأسود" الذي ساد خلال القرن الرابع عشر، فمن غير الواقعي مواجهة نفس العدد من الإصابات الجماعية التي قد تكون مدمرة وقاتلة". توجد 3 سلالات من الطاعون: الرئوي والدبلي والإنتان الدموي، وتحدث جميعها بسبب انتشار بكتيريا تُسمى "Yersinia pestis". ويعتبر الطاعون الدبلي النوع الأكثر شيوعًا حيث يوجد عادة في الحيوانات وينتقل إلى الإنسان عن طريق البراغيث. وقد تسبب هذا النوع من الطاعون ب "الموت الأسود"، كما ظهر في الولاياتالمتحدة لأول مرة عام 1900، عندما تم استيراد الحيوانات المصابة من آسيا لتصل إلى سان فرانسيسكو. وينتقل الطاعون الرئوي عبر الهواء، ويعتبر مميتًا بنسبة 100%، ومن الصعب تشخيص كل أنواع المرض من خلال أعراضه التي تشبه البرد أو الانفلونزا. ويمكن القول إن المضادات الحيوية هي العلاج الوحيد، ولكن يجب تطبيقه في الوقت المناسب وإلا لن يكون فعالًا على الإطلاق. ويحذر الخبراء من تطوير سلالات الطاعون لأجل أن يبدي مقاومة فعالة للمضادات الحيوية، كما يؤكدون ضرورة تسريع عمليات البحث عن خطط احتياطية. وفي الواقع، ثبت وجود سلالة واحدة مقاومة للمضاد الحيوي المسمى "chloramphenicol" الشديد السمية والذي يُستخدم عادة مثابة "الملاذ الأخير". وقال الدكتور شوبرا: "إن مقاومة المضادات الحيوية تعتبر مشكلة كبيرة بالفعل، ويمكن للإرهابيين تسهيل عمليات تطوير السلالات لمقاومة مضادات الحيوية، لذا لا بد من البحث عن البدائل". وأضاف موضحًا: "يعتبر اللقاح الوسيلة الأفضل لتقوية الجهاز المناعي من أجل مقاومة مرض الطاعون". وكان الدكتور شوبرا واحدًا من بين علماء مراكز مكافحة الأمراض واتقائها (CDC)، المعينين لدراسة مرض الجمرة الخبيثة بعد هجمات عام 2001، وثمة تكهنات تقول بانتشار الجمرة الخبيثة مباشرة بعد الهجمات الإرهابية على الولاياتالمتحدة يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001. وقام مركز السيطرة على الأمراض ومعاهد الصحة الوطنية بتحذير العلماء في شأن البدء في دراسة بكتيريا "يرسينيا الطاعونية"، باعتبارها واحدة من الأسلحة البيولوجية الأكثر سهولة في الانتشار. وأكد الدكتور شوبرا أن الأبحاث حققت نتائج مهمة في السنوات القليلة الماضية، وذلك بعد اختبار 2 من النماذج الحيوانية.