من أقبح أنواع التنمر وأشدها أَذىً على النفس. التنمر ببساطة هو تعرض شخص أو مجموعة من الأشخاص للإساءة اللفظية، التلاعب النفسي والإكراه أو التعنيف الجسدي بشكل متقطع أو مستمر. وفي التنمر الديني يكون المعتقد هو المحرك الأساسي لهذا التنمر حيث إن المتنمر يرى أن تصوّره عن الدين هو التصور الوحيد الصحيح، لذلك فإن الهجوم على من يخالف فكره أو أفعاله الدينية لا يمثل مشكلة لديه! المعتقد في عقل الإنسان يقاوم كل ما يخالفه وما تم ترسيخه عبر السنين من طقوس ومشاعر وولاء! فمجرد أن يفعل الشخص ما يمثل ممنوعاً في عقيدته يبدأ جلد الذات والإحساس بالذنب المستمر حتى يكفّر عما فعل حسب ما يمليه عليه هذا المعتقد أياً كان! الأمر هنا مقبولا وأحياناً مستحسنا إن كان تكفير الإنسان عن ذنبه لا يتعدى حدود ذاته ولا يتعدى على حريات الآخرين! المشكلة عندما يعتقد الشخص أن ذنوبه ومصائبه في الدنيا ستُغفر إن تسلط على غيره متذرعاً بالدين وأراد أن يدير حياتهم كما يشاء ليمنعهم من مفاسد يصورها عقله المريض ومعتقداً أن صلاحهم ودخولهم الجنة ضمن مسؤلياته ويكون "بإجبارهم" على معتقده! لا أعتقد بوجود مواطن أو مواطنة سعودية لم يتعرض لهذا النوع من التنمر في حياته ممن حوله سواء من عائلته أو أصدقائه أو عمله أو غيرهم! التنمر الديني مقبول لدى المتنمر والضحية في أحيان كثيره إن لم يكن هذا الأمر روتينياً لدى البعض! "حرام عليك ترا، استغفر ربك!" مع تلك النظرة المؤنبة التي تهوي بالمتلقي مجازاً إلى الدرك الأسفل من النار حتى قبل أن يموت! ورد المستقبل يكون ب"جزاك الله خيرا" أو "إن شا الله" مع عدم الاقتناع أحياناً إمّا بسبب أسلوب المتنمر أو لعدم وجود دليل صريح قاطع لما يراد منعه! الطامة الكبرى عندما يُشكّل المتنمر حزباً مع أتباعه – الذين يحبون الصالحين وليسوا منهم كما يرددون – لإيذاء من يخالف فكرهم بشتى الطرق التي تنافي أساسيات الإسلام من تعامل ولين في الطرح! نرى بعضهم يهاجم بالدعاء أو الشماتة أو القذف وحتى أحيانا يتعرضون بشكلٍ مخزٍ لمن توفاه الله ومن هو أعلم بسريرته منهم! يقذفون هذا بالنفاق ويرمون هذا بالدياثة وأصبح الأمر طبيعياً وكأنما التخلق بأخلاق الرسول ليس بالأمر المهم في دعوتهم لما يؤمنون به! الواضح أن افتقارهم للمنطق في النقاش واعتيادهم على إرضاخ من حولهم بالقوة هو أسلوب حياة لدى كثير منهم! ماهو ملاحظ أن تحريك الكثير كالقطيع بلا تفكير ليهاجموا البعض لا يستلزم أحيانا ممن يحركهم سوى أن يستعرض عليهم دينياً! الأيام الماضية قرأنا كثيراً ممن يتهجمون على أشخاص بعينهم فالمتنمر يذكر آية من القرآن تصف المنافقين أو الكافرين وهكذا، ثم يتبعون ذلك بقولهم إن هذه الآية تنطبق على فلان أو من يفعل فعله أو يؤيده! تكفير ودخول في النيات "على قفا مين يشيل"! أخيراً، الحلال بابه واسع ومن أراد إرضاخ الناس لاتباع رؤاه بالقوة والتنمر فقد ينجح في البداية غير أن العدل والمنطق السليم والاقتناع بالشي هو ما يجعله يدوم!