بات الهروب مما يسمى بأرض الخلافة حلماً يراود الاف المواطنين الذين ما زالوا تحت سيطرة عناصر تنظيم «داعش» في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك . وبرغم المخاطر الكبيرة التي يتعرضون إليها والتي أودت بحياة الكثير منهم إلا أن الفرار من مناطقهم بات الشغل الشاغل لكل من تحمله قدماه على المسير لمسافات طويلة في أرض وعرة وفي ظل ظروف جوية سيئة جداً. طريق الأبيض وهو ممر جبلي ضيق يبلغ طوله 10 كم يقطع جبال حمرين من شرقها إلى غربها هو أقصر طريق للعبور من قضاء الحويجة الذي يسيطر عليه تنظيم داعش نحو بلدة العلم في صلاح الدين التي تسيطر عليها قوات الحكومة العراقية والتي أصبحت أرض الأحلام بالنسبة لأبناء أقضية الحويجة والشرقاط والقيارة في نينوى وجميع المناطق التابعة لها. يروي فرحان حسين وهو معلم، كيف تمكن من الهرب من قضاء الحويجة إلى ناحية العلم عبر جبال حمرين: «كان الأمر بمنتهى السرية فقد اتصلت بوسطاء وادلاء وبعد أن دفعت 300 دولار أمريكي لهم من أجل ايصالي إلى بداية الطريق ثم واصلت المسير بمفردي مسرعاً عبر رحلة استمرت ثمان ساعات حتى وصلت إلى الجهة الثانية الغربية من جبال حمرين وكنت على تواصل مع أقربائي في بلدة العلم الذين أخبروا الشرطة وحضروا إلى المكان ثم أخذوني إلى أقربائي». ويقول أحمد علي وهو طالب في جامعة تكريت أنه وبمعية أحد أبناء عمومته ضلوا الطريق في جبال حمرين ففوجئوا بأحد عناصر داعش يستوقفهم على دراجة نارية مما أصابهم بالذعر. ويضيف: «سألنا عنصر داعش لماذا تريدون الفرار من أرض الخلافة إلى أرض الكفر فقلنا له النجاة في الصدق أننا ننوي الفرار إلى ناحية العلم للالتحاق بجامعة تكريت لكن ما لدينا من ماء وزاد قد نفد وقررنا العودة من حيث أتينا». ويتابع: «كنا نتوقع أن يقوم بقتلنا لكنه مد يده في علبة كان يحملها على دراجته النارية فأعطانا خبزاً وتمراً وماء وقال لنا عجلوا بالمسير فهذه الطريق تؤدي بكم إلى ناحية العلم واحذروا أن يراكم أحد غيري». ويشير علي إلى أنه شاهد العشرات من جثث الأشخاص في واد سحيق تحت طريق الأبيض وكذلك العشرات من الفطائس من الأغنام والأبقار التي سقطت في الوادي. وبنفس الطريقة يقول: «استقبلتنا الشرطة بعد أن تأكدوا أننا لسنا من عناصر داعش نقلونا إلى أقربائنا في ناحية العلم». وتصل إلى ناحية العلم يومياً عشرات العوائل والأشخاص الهاربين من المناطق التي يسيطر عليها داعش بحسب الالمانية. وتبذل شرطة العلم جهوداً استثنائية من أجل تأمين وصول تلك العوائل التي غالباً ما تضم أطفالاً ونساء وشيوخا. يقول العقيد نعيم أحمد: «أننا ندور على أصحاب المحال التجارية ونطلب منهم المواد الغذائية والمعجنات والحلويات وقناني الماء والعصائر وحبوب معالجة الصداع ثم نتوجه إلى المكان الذي تصل إليه العوائل النازحة فنستقبلهم ونقدم لهم ما جمعناه من أصحاب المحال التجارية لأنهم يصلون في حالة مزرية من التعب والانهاك». ويوضح العقيد نعيم أحمد أن شرطة العلم تقوم فوراً بالتأكد من أسماء العوائل الداخلة وعدم علاقتها بعناصر داعش ثم تقوم بنقلها بعجلاتها الخاصة إلى داخل الناحية، ومن ثم إلى أقاربهم أو السماح لهم بالمغادرة إلى مناطق أخرى مثل كركوك وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة. وقال رئيس المجلس المحلي في ناحية العلم جاسم العفري إن ناحية العلم تضم الآن حوالي 10 الاف عائلة مهجرة أغلبهم يسكنون في الهياكل أو في بيوت مكتظة وهم جميعاً لا يملكون ما يكفي لتسيير أمورهم المعيشية. ويضيف أن الناحية تقوم بجهود جبارة مع منظمات الأممالمتحدة ومع الأغنياء وتبرعات الأهالي من أجل توفير الحد الأدنى من الظروف المعيشية في هذا البرد القارس.