قام الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أمس الاثنين بزيارة إلى مواقع الرسوم الصخرية في جبة بمنطقة حائل للوقوف ميدانيًا على أبرز المشاريع الجاري تنفيذها وعمليات التنقيب الجارية في الموقع وخصوصًا بعد أن نجحت الهيئة في تسجيل الرسوم الصخرية في جبة والشويمس على قائمة التراث العالمي لليونيسكو كرابع موقع سعودي بعد مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية. وأكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في تصريح صحافي أن الزيارة تأتي بهدف الوقوف على أعمال الاستكشافات الجارية ولقاء الفريق العلمي السعودي البريطاني الذي يعمل في استكشاف هذه المواقع التاريخية الفريدة والتي ثبت علميًا أن بعض الرسوم الصخرية فيها يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة. وأوضح أن هذه الزيارة تأتي تنفيذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله المؤكدة دومًا على ضرورة متابعة المشاريع ميدانيًا والالتقاء بالمواطنين والإنصات إليهم، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن «سيدي الملك سلمان حفظه الله هو رجل التاريخ ورجل الحضارة، وقد أكد وشدد أكثر من مرة على أهمية أن يرتبط المواطن بوطنه وتاريخه ويتعرف على حضارات بلاده». والتقى رئيس الهيئة خلال الزيارة بالفريق البحثي الذي يضم عددًا من الباحثين والباحثات من جامعات المملكة وجامعة أكسفورد والموكل له عملية التنقيب على الرسوم الصخرية وإعادة ربطها ببعضها البعض لمحاولة فهم الترابط التاريخي والإنساني بين الحضارات باعتبار أن المملكة وحضارتها حلقة مهمة في تاريخ الحضارات الإنسانية. وأعرب سموه عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة على ما تجده المشاريع السياحية ومشاريع العناية بالتراث الوطني من اهتمام كبير ومتابعة دائمة وإشراف مستمر، مؤكدًا أن الزيارة تتم بالتنسيق مع سموه لمتابعة أعمال الاستكشافات الصخرية ولقاء فريق العمل الميداني والاستماع إليهم عن نتائج أعمالهم، كما قدم سموه الشكر لشركاء الهيئة في المنطقة من الأمانة والبلدية والجامعة على مثابرتهم وحرصهم على أن تكون هذه المواقع التاريخية مصانة ومحفوظة من العبث. وبين سموه أن مشروع جبة هو ضمن مشروع المملكة العربية السعودية للجزيرة الخضراء الذي يجري العمل على دراسته مع جامعة أكسفورد، وهو جزء من معرفة تاريخنا ومعرفة الحضارات الإنسانية التي قامت على الجزيرة العربية والتي توجتها وهذبتها حضارة الإسلام الخالدة، مشددا على أن «الإسلام خرج من بلد الحضارات، ومن أرض حدث عليها تقاطع حضارات عظيمة، وقد ثبت ذلك علميًا من خلال الرسوم الصخرية، حيث عثر الفريق العلمي على أكثر من 300 لوحة فنية جديدة، ونحن مسرورون جدًا لهذه المستكشفات الأثرية الهائلة ونشعر بالفخر والاعتزاز لتاريخ وطننا العظيم فهذه المهمة الإنسانية التي سيستفيد منها العالم أجمع أثبتت أن كل حجر أو رسم يعبر عن تاريخ أو قصة أو مكان». ونبه سموه إلى أن الأخطاء التي حدثت في الفترة الماضية وفي مقدمتها حجب هذه المعلومات والمستكشفات الأثرية والتاريخية عن الناس يجب أن لا تتكرر، مؤكدًا بالقول «المفاجأة أننا كنا نظن أن هذه المواقع هي من الأسرار التي يجب أن لا تعرف وهذا خطأ تاريخي يجب أن لا يتكرر». ولفت سموه إلى أن «كل مواطن سعودي يفتخر أنه يعيش في هذا البلد الشامخ، منبها أن المملكة لم تبن حضارتها وقوتها ونهضتها بسبب البترول الذي أنعم الله به على هذه البلاد، بل بسبب الدين العظيم الذي جمع شملنا اليوم ولله الحمد، وجمع شملنا في هذه الأرض الغنية»، مضيفا بالقول «العالم لا بد أن يرى المملكة العربية السعودية على حقيقتها ويجب أن ينظر لها على أنها كما ساهمت في صنع التاريخ فإنها ستعمل وبقوة في صنع المستقبل، وأنها بلاد تأتي من ثقل اقتصادي وتاريخي ومكاني وسياسي وقبل ذلك فهي قبلة المسلمين أجمعين». وأضاف سموه «لا يستغرب اليوم أن نسعد في جبة بلد الكرم والشيم والأخلاق بهذه المستكشفات الأثرية، وسعادتنا أكبر أن إنسان جبة هو من يحافظ على هذه المستكشفات الأثرية ويصونها من العبث كونه يدرك أن هذه المستكشفات هي خير لهم ولمستقبل أبنائهم، وأنا وزملائي في الهيئة مسرورون أن إنسان جبة أصبح واعيًا تماما ويدرك أن هذه الصخور هي كنوز اقتصادية لأبناء المنطقة في مستقبل الأيام وبالتالي فهم يتسابقون للمحافظة عليها». وأضاف: «بعض المواطنين يرى أن المحافظة على مواقع الآثار هي مسؤولية الدولة فقط وهذا غير صحيح، يجب يدرك المواطن أن المحافظة على هذه المواقع هي مسؤولية الجميع وهي لا تتعلق بحقوق الأجيال الحالية بل أبنائنا في المستقبل، ومن يعبث بتاريخ وطنه أو يسمح بنهبة فهو كمن يقطع لحمه إلى أوصال بنفسه». وشدد سموه على أن الأمة أو المواطن الذي لا يعرف تاريخ بلده ولا يستشعر قيمة وطنه وأصالته ومجده سيكون أكثر عرضة للاختراق، ويكون خصبًا لتلقي أفكار أخرى وتكون عملية حقنه بالأفكار الأخرى سهلة، مشددًا على أن المواطن السعودي وإنسان الجزيرة العربية الأولى له أن يعرف الكثير من حضارة وطنه وعمقها وصلابتها ويحمل الكثير من قيم وأفكار وأخلاق الجزيرة العربية التي هي أرض الإسلام وتعاقب الحضارات وبلد الكرم والشيم. وخلص سموه إلى القول إن معرفة التاريخ ومعايشة الناس وقصص الأماكن ضرورة لنواصل مسيرتنا إلى المستقبل، وأن ضعف معرفة المواطن بقيمة الأرض التي يعيش فيها هو نتيجة تراكم غياب التوعية بقيمة وتاريخ وأصالة وشهامة إنسان هذه الأرض المباركة. وتجول سمو رئيس الهيئة بصحبة الفريق العلمي من جامعات حائل والملك سعود وأكسفورد في الموقع الأثري، حيث شدد سموه على أهمية مواصلة أعمال الاستكشافات الصخرية وتقديمها إلى العالم أجمع كون المملكة بلد حضارات وفهم ما يجري على أرضها ضرورة لفهم ما يجري من تاريخ للعالم أجمع. وفي وقت لاحق، زار سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قصر النايف الأثري في جبة والتقاء مالكه واستمع إلى شرح واف عن مكونات المبنى وعناصره ومحتوياته كما تجول سموه في أرجائه مبديًا إعجابه بما احتوى عليه من عروض ووثائق وشواهد تثبت أن الحضارة القائمة في جزيرة العرب قديمة وراسخة وحافلة بالإنجازات والبطولات.