كم مرة تناقشت مع أحد أبنائك، دون أن تذكره بإخفاقه السابق، وأنك تخاف منه إعادته ؟ كم شاب ضاع مستقبله، وفقد ثقة واحترام عائلته، وزملائه؛ بسبب ذنب اقترفه في مراهقته ؟ كم صديق، وقريب خسرناه؛ لأننا أخذناه بأول زلة منه، ربما لم يقصدها ؟ إلى متى يرفض مجتمعنا المسلم، الذي يتبع دين الإنسانية، أخطاء أفراده ؟!، الخطأ سلوك بشري وكلنا يعرف حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطاء)، لن تجد شخصًا معصومًا من الخطأ، إنما هي فطرة في الإنسان، ومنه ما هو ابتلاء من الله لعباده؛ يمتحن به إيمانهم، وأعني بالخطأ هنا الخطأ الأخلاقي، أو السلوكي تجاه الآخرين، والنفس، وليس الذنب بحق الله – تعالى – فذاك شأن آخر، بين العبد وربه، ولا خَص لأحد به، لا تكمن المشكلة في معالجة الأخطاء بل في طريقة تعاملنا مع المخطئ، بعد أن يعتذر، ويتوب، ويعود إلى جادة الصواب، فبدلاً من احتوائه، ومنحه فرصة أخرى، واستثارة الخير الموجود بداخله، نقوم بتكرار لومه ونبذه وإلصاق الذنب به حتى الممات. كثيرًا ما يتردد على مسامعنا: (الله يسامح وأنت لا تسامح!)، (الله يغفر وأنت لا تغفر!)، ترى لماذا نتداول هذه الجمل، أليس من قسوة البعض، وخلو قلوبهم من الرحمة، في حين أن الله – عز وجل – يقول: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)، المعاملة الدونية والاحتقار تدفع بالشخص إلى النفور، والانتكاس، والحب والنصح لا علاقة له بما نقوم به من تأنيب وإقصاء!. أما آن لنا أن نتعلم اللين، والسماحة، ومحبة الآخرين، من غير شروط، أن نحب الشخص، بأخطائه، نستوعبه، ونحتويه، بالاحترام والتقدير، الكلمة الطيبة لها مفعول السحر، فقد أجرى عالم ياباني تجربة تأثير الكلمة الطيبة والسيئة على الأرز!! وضع أرزًا في إناءين متشابهين، أحد الإناءين يقول له كلامًا طيبًا، وللآخر كلام سيئ، فوجد أن الإناء، الذي قال له كلامًا سيئًا، تعرض الأرز فيه للتلف بعد يوم واحد فقط، أما الآخر، الذي سمع كلامًا طيبًا، بقي في حالة جيدة لمدة ثلاثة أيام، هذا حال الأرز، فما هو حال إنسان يرى، ويسمع، ويشعر، وينتمي لأمة محمد – عليه أفضل الصلاة والسلام – ولنا في محمد قدوة حسنة، وهدي حتى في الرفق بالمخطئين، فحين تكلم معاوية بن الحكم – رضي الله عنه – وهو يصلي مع الصحابة خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول معاوية: فَلَمَّا صلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دعاني – بأبي هو وأمي – ووالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، ما رأيت معلمًا قبله، ولا بعده، أحسن تعليمًا منه، قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) كلنا مخطئ، وعند الله خير الخطائين التوابون، ولأننا عُبَّاد الله، فليكن لدينا خير في الخطائين، وللخطائين. ومضة إنسانية: اعتراف المخطئ دليل إنسانيته، في حين أن جلدك له هو فقد لإنسانيتك. رابط الخبر بصحيفة الوئام: كلنا مخطىء