[b]الحمدلله حمداًيليق بجلال وجه وعظيم سلطانه الحمدلك ياربي حتى ترضى والحمدلك بعدالرضى.......والصلاة والسلام ماتعاقب الليل والنهار على سيدنا محمدوأله وصحبه أجمعين:: أيها المسلمون:: لقد مضى من رمضان صدره، وانقضى منه شطره، واكتمل منه بدره، فاغتنموا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، ولِجوا قبل أن يُغلق الباب، وبادروا أوقاته مهما أمكنكم، واشكروا الله على أن أخّركم إليه ومكّنكم، واجتهدوا في الطاعة قبل انقضائه، وأسرعوا بالمثاب قبل انتهائه، فساعاته تذهب، وأوقاته تُنهب، وزمانه يُطلب، ويوشك الضيف أن يرتحل، وشهر الصوم أن ينتقل، فأحسنوا فيما بقي، يغفر لكم ما مضى، فإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي. أيها المسلمون، تنصَّف الشهر وانهدم، وفاز من بحبل الله اعتصم، وخاف من زلّة القدم، واغتنم شهر رمضان خير مغتنم، وشقي الغافل العاصي بين الذل والسقم، والأمن والندم، ويا ويله يوم تحل على أهل المخالفة الآفات، يوم تنقطع أفئدة أهل التفريط بالزفرات، يوم يُحشر أهل المعاصي والدموع على الوجنات، يقول الرب العلي في الحديث القدسي: ( يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) أخرجه مسلم . التكاسل في المنتصف : أيها الناس، إننا نشعر بنوع من نقص العبادة ونوع من التكاسل والفتور في وسط رمضان، هذا شيء ملاحظ فإن الناس في العادة ينشطون في أيام رمضان الأولى لما يحسّون من التغيير وما يجدون من لذة العبادة نتيجة الشعور بالتجديد في أول الشهر، ثم ما يلبث هذا الشعور أن يبدأ في الاضمحلال ويصبح الأمر نوعاً من الرتابة في العشر الأواسط ونلحظ هداية الرجل على بعض الصلوات في المساجد خلافاً لما كان عليه في أول الشهر، ونلاحظ نوعاً من القلة في قراءة القران في وسط الشهر عما كان عليه في أوله، ثم تأتي العشر الأواخر بعد ذلك وما فيها من القيام وليلة القدر لتنبعث بعض الهمم والعزائم مرة أخرى، لكن فكروا معي هل من الصحيح أن يحدث لدينا نوع من التكاسل ونوع من الفتور في وسط هذا الشهر أم أنه ينبغي علينا استدراك ذلك، ويجب علينا أن لا نخسر شيئاً من أيام رمضان ولا نركن إلى شيء من البرود في أواسط هذا الشهر. تذكر وأنت في المنتصف : أن النبي صلى الله عليه وسلم :قال (( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردت الجن وغلّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة - أول الشهر وأوسط الشهر وآخر الشهر كل ليلة، في جميع رمضان-: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)). ثم انتبهوا أيها المسلمون لهذه العبارة العظيمة في هذا الحديث، عبارة حساسة جداً تجعل الصوم عبادة لنا في جميع الشهر، عبارة تمنع من تحول صيامنا إلى عادة، عبارة تمنعنا من التكاسل والفتور، قال صلى الله عليه وسلم: ((ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة))، فقد تكون أنت عتيق الله من النار في أواسط هذا الشهر، فلماذا الكسل والتواني؟ لابد من الانبعاث وإعادة الهمة. ونتذكر كذلك أن بعض كتب الله العظيمة نزلت في أواسط رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: ((أنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان)) فنزول الإنجيل والزبور كانا في الوسط، وسط هذا الشهر الكريم، كما كان نزول صحف إبراهيم عليه السلام والتوراة في أول الشهر، ونزول القرآن العظيم في آخر الشهر. ابتغاء وجه الله في هذا الصيام، قال صلى الله عليه وسلم : ((من صام يوماً في سبيل الله يعني: صابراً ومحتسباً، وقيل في الجهاد باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله من جهنم مسيرة مائة عام))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفاً)). مطالب المغفرة: ونحن في وسط الشهر نطلب المغفرة نحث الناس على الإقبال لكي ينالوا مغفرة الله عز وجل خصوصاً ونحن في أيام المغفرة ونحن نركز على المغفرة لأنّنا في أشدّ الحاجة إليها في زمن المعاصي والموبقات التي أحاطت بنا من كلّ جانب وكبّلتنا وأثقلتنا فنحتاج إليها فهما ووعيا وتمثّلا . لأنّ المغفرة دليل فعليّ على رحمة الرّحمن الذي وسعت رحمته كلّ شيء. لأنّ المغفرة مشتقّة من اسم الغفّار وهي دالّة على واسع مغفرته تعالى بحيث لا ييأس أحد من خلق الله من رحمة الله ولو بلغت ذنوبه عنان السّماء . لأنّنا اقتربنا أشدّ القرب من شهر الرّحمة والمغفرة ، شهر الصّيام والقيام ، لنعقد العزم على الرّجوع إلى الله والإقلاع عن المعاصي ، لتغصّ المساجد بروّادها ويبطل كيد الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفا . لتتطهّر قلوبنا وأرواحنا وتجتمع على طاعة الله فتتآلف وتتّحد وتتلاشى الأحقاد ونستقيم جميعا على الطّريقة المثلى كاستقامتنا في صلاتنا واتّحادنا في صيامنا . أسباب المغفرة : من أعظم أسباب المغفرة: أولاً :أن العبد إذا أذنب ذنبا لم يرجح مغفرته ألا من الله وبكل حال فالإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى موجب للمغفرة والله تعالى يقول: "أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بِي فَليَظُنَّ بِي مَا شَاءَ".وفى رواية "فلا تظنوا بالله إلا خيرا". ويروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا: "يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيقربه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق فيقول: لم أقرأ فيعرفه ذنبا ذنبا أتعرف؟ أتعرف؟ فيقول: نعم نعم، ثم يلتفت العبد يمنة ويسرة. فيقول الله تعالى: لا بأس عليك يا عبدي أنت في سترى من جميع خلقي، ليس بيني وبينك أحد يطلع على ذنوبك غيري غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به.قال: ما هو يا رب؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحد غيري".فذنوب العبد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم، فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته. وفى صحيح الحاكم عن جابر: "أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: واذنوباه، مرتين أو ثلاثا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها ثم قال له: عد، فعاد، ثم قال له: عد، فعاد، فقال له: قم قد غفر الله لك". السبب الثاني: الاستغفار ولو عظمت الذنوب : الاستغفار ولو عظمت الذنوب وبلغت العنان وهو السحاب. وقيل ما انتهى إليه البصر منها. وفي الحديث : "لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم". والاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سرها وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار. فتارة يؤمر به كقوله تعالى: {وَاستَغفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمُ}. سورة المزمل: آية 20، وقوله: {وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ}. سورة هود: آية 3، وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: {وَاٌلمُستَغفِرِينَ بِالأَسحَارِ}. سورة آل عمران: آية 17، وقوله تعالى: {وَاٌلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنُوب إِلاَّ اللهُ}. سورة آل عمران: آية 135 ، وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: {وَمَن يَعمَل سُوءًا أَو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستغفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً}. النساء: آية 110. إن مجرد قول القائل: اللهم اغفر لي طلب منه للمغفرة ودعائها فيكون حكمه حكم سائر الدعاء فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، ولا سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب أو صادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات. ويروى عن لقمان أنه قال لابنه: يا بني عود لسانك اللهم اغفر لي . فإن الله ساعات لا يرد فيها سائلا. وقال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفى طرقكم، وفى أسواقكم، وفى مجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة. وخرج ابن أبى الدنيا في كتاب حسن الظن من حديث أبى هريرة مرفوعا: "بينما رجل مستلق إذ نظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: إني لأعلم أن لك ربا خالقا، اللهم اغفر لي فغفر له". وعن مورق قال: "كان رجل يعمل السيئات فخرج إلى البرية فجمع تراب فاضطجع مستلقيا عليه، فقال: رب اغفر لي ذنوبي، فقال: إن هذا ليعرف أن له رب يغفر ويعذب فغفر له". وعن مغيث بن سمى قال:" بينما رجل خبيث فتذكر يوما اللهم غفرانك اللهم غفرانك ثم مت فغفر له". ويشهد لهذا ما في الصحيحين عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عبدا أذنب ذنبا فقال: رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، قال الله تعالى: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين". وفى رواية لمسلم أنه قال في الثالثة: "قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء".والمعنى: ما دام على هذا الحال كلما أذنب استغفر .ولهذا في حديث أبى بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أصر من استغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة" خرجه أبو داود والترمذي. قال تعالى: {وَمَن يَعمَل سُوءًا أَو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستغفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً}. موجبات المغفرة : أيها المسلمون : إن الشيطان قال : و عزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الرب : و عزتي و جلالي لا أزال أغفرلهم ما استغفروني صحيح الجامع كم أيام مرت علينا ؟ وكم ذنب فيها أتينا ؟؟ فهل تريد أن تمحى عنك هذه الذنوب قال الله تعالى : يا ابن آدم ! مهما عبدتني و رجوتني و لم تشرك بي شيئا غفرت لك على ما كان منك و إن استقبلتني بملء السماء و الأرض خطايا و ذنوبا استقبلتك بملئهن من المغفرة و أغفر لك و لا أبالي صحيح ) انظر صحيح الجامع . فلا تتكاسل و افعل ما يلي : 1- بادر بالتوبة و الاستغفار : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتبت واحدة . حسن انظر صحيح الجامع . 2- عند سماع الأذان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع المؤذن : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه (انظر صحيح الجامع . 3- الوضوء و الصلاة: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنبه . صحيح الجامع . 4- في شهر رمضان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . صحيح ) انظر صحيح الجامع . 5- قيام ليلة القدر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . صحيح ) انظر صحيح الجامع . 6 - التسبيح : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال : سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر . (صحيح الجامع . 7 - المداومة على قراءة سورة الملك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له و هي : { تبارك الذي بيده الملك صحيح الجامع . 8 - التسامح في المعاملة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا اقتضى . ( صحيح ) انظر صحيح الجامع . 9 - صلاة الجمعة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل و تطهر فأحسن الطهور و لبس من أحسن ثيابه و مس ما كتب الله له من طيب أو دهن أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ و لم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه و بين الجمعة الأخرى . صحيح الجامع 10- الذكر دبر الصلوات : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ! ألا أعلمك كلمات تقولهن تلحق من سبقك و لا يدركك إلا من أخذ بعملك ؟ تكبر دبر كل صلاة ثلاثا و ثلاثين و تسبح ثلاثا و ثلاثين و تحمد ثلاثا و ثلاثين و تختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير من قال ذلك غفرت له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر . ( صحيح ) انظر صحيح الجامع . 11- إماطة الأذى عن الطريق : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له..... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته