أوصى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين بتقوى الله، وشكره على عموم نعمه وإحسانه. وقال سماحته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض : إن الصيام منع فيه الطعام والشراب شرعة لغاية عظيمة آلا وهو إصلاح القلب وجوارحه ، مستشهدا بقوله تعالى " يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". وأوضح أنه من الواجب على المسلم الصائم أن يتحلى بالفضائل ويترفع عن الرذائل وأن يراقب أقواله وأفعاله ، وحركاته وسكناته ، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ومعنى ذلك أن يصم سمعك عن سماع ما حرم الله وعن سماع الغيبة والنميمة ليكن صوم السمع صوماً عن كل ما يغضب الله، وبصرك أيضاً فلا تنظر إلى ما حرم الله مستشهدا بقوله تعالى " قل للمؤمنين يغضون من أبصارهم ويحفظون فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"، فيصوم البصر إلى ما حرم الله عليه ويصوم الإنسان عن الأقوال البذيئة التي لا خير فيها. وبين أن الصوم يكون عاماً لكل الجوارح، وتحلى بالأخلاق الفاضلة فدع عنك أذى الجار في الصيام وغيره، وأجعل أثر الصيام يظهر عليك بخضوعك لربك وطاعة أوامره وتجنب المعاصي، فيوم الصيام يتميز بالأخلاق العظيمة وصوم النظر واللسان والسمع والجوارح وصلاح القلب والابتعاد عما حرم عليك، فلا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سوءاً. وقال سماحته " من ظن أن الصوم مجرد ترك الطعام والشراب والنساء مع الوقوع في المحرمات عموما فإنه ليس هذا الصيام المطلوب شرعا، يقول صلى الله عليه وسلم" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، فايها الصائم صم عن الكذب على الله والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه من أعظم الذنوب، قال الله جل وعلا " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب"، ويقول صلى الله عليه وسلم" من كذب عليا متعمدا فليتبؤا مقعدة في النار". وأفاد سماحته أن الكذب على الله ورسوله أن يحرم شيئاً لم يحرمه الله أو يبيح ما حرمه الله وينسب إلى الله ذلك كذباً وافتراءً،" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير حق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون". وخاطب سماحته الصائمين قائلاً " أيها الصائم صم عن شهادة الزور وقول الزور فشاهد الزور وقول الزور مما يصوم المسلم عنها دائما وأبدا، ولكن في رمضان أشد تحريما من غيرها ، شهادة الزور هي الشهادة الباطلة التي لا حقيقة لها لأن الغرض من الشهادة معرفة الحق فإذا الإنسان كذب فإن شاهد الزور يقلب الحقائق ويزورها بلا خجل وخوف من الله ، ولهذا يقول الله " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور" ، موصيا الصائم بالصوم عن الكذب بأقواله لأنها من كبائر الذنوب ومن صفات المنافقين ، – عن عبد الله رضي الله عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا ، وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا)) . ودعا سماحة مفتي عام المملكة، المسلمين إلى صون الصوم من لغو الكلام الذي لا جدوى فيه، يقول صلى الله عليه وسلم- "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي" فصن لسانك عن الغيبة والنميمة وليكن أيام صيامك أن تكون أبعد الناس عن الفواحش، وصن صومك عن الافساد في الأرض من مخدرات ومسكرات وترويع المجتمع مثل التفجير والتدمير والاعتداء على العباد في أموالهم فإن صومك يمنعك عن هذا كله. وقال " أيها المسلم صن صومك بالابتعاد عن أصدقاء السوء وصن صومك عن الغش والخداع والخيانة فاتق الله في ذلك ، من غشنا فيس منا، كذلك فليحافظ المسلم على الصلوات في أوقاتها ، قال تعالى " والذين هم على صلاتهم دائمون"، وقال " والذين هم على صلواتهم يحافظون" ، فلتحافظ على صلاتك فإنها من واجبات الصيام ، كما أن تأخير الصلاة بغير عذر شرعي عن وقتها هي من كبائر الذنوب فاتق الله في صلواتك وحافظ عليها كل المحافظة ، بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم لسائر المسلمين ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم. ولفت سماحته النظر إلى أن البعض من أبناء المسلمين يستغل شهر رمضان المبارك بالبرامج الهابطة والخبيثة والاستهزاء بالشريعة وتعاليمها ، يقول الله سبحانه وتعالى عن رسوله " وانك لعلى خلق عظيم " ، ويقول جل وعلا " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وذكر الله كثيراً ". وأوصى سماحة مفتي عام المملكة ، المسلمين بتقوى الله في أنفسهم ومحاسبة أقوالهم ، وقال " اتق الله في نفسك وراقب الله قبل كل شيء إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ، هذه المحطات والقنوات هداهم الله جعلوا في هذه الأيام المباركة برامج فيها تشويه للإسلام وطعن للسنة وسخرية بها واستهزاء بها وإظهار بأنها وحشية، فترى بعضهم يصور اللحية كأنها جريمة منكرة ويصور السنة في عدم الاسبال ويستهزئ بذلك ويجعل هؤلاء يقومون بأعمال إجرامية خبيثة تشويها للإسلام وأهله. وأكد سماحته أن الاستهزاء برسول الله وسنته أمر خطير وأثم كبير ، يقول الله جل وعلا " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم . وقال سماحته " أيها المسلم أجعل برامجك أو مسلسلاتك لها غايات لا تخالف الشريعة ولا من أخلاق الإسلام فإن الاستهزاء بالإسلام أمر عظيم لا يصدر من قبل مسلم فيه إيمان ، فيا أصحاب القنوات الفضائية اتقوا الله في أنفسكم وأعلموا أن الله محاسبكم عن كل جريمة ارتكبتموها في حق الاسلام وأهله ، فإن سنة الرسول حق ونور والعمل بها واجب ، " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ممن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً "، فلماذا يتم السخرية بهذه الشريعة وآدابها فاتقوا الله في أنفسكم وراقبوا الله قبل كل شيء ، وأعلموا أن الاصغاء إلى هذه البرامج من كبائر الذنوب ، فإن الله يقول " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين". ودعا سماحته جميع الشركات إلى تقوى الله وأن لا تذيع هذه البرامج الهابطة فهي برامج ضارة ومسيئة للإسلام وأهله. رابط الخبر بصحيفة الوئام: المفتي ل أصحاب القنوات الفضائية: اتقوا الله واعلموا أنه سيحاسبكم على البرامج الهابطة والمسيئة للإسلام