أرجو من بعض الإخوة الكتاب أن يعرفوا أن ليس كل صاحب لحية إخوانياً، كما أن ليس كل حليق ليبرالياً، و أن يعلموا أن لا فرق بين المسئول الأمير والمسئول العادي من حيث الأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة، فليس من المقبول أن يتعاملوا مع كل ما يصدر عن المسئول الأمير على أنه فعل خارق و عمل جبار ونية صادقة، بينما يتعاملون مع كل ما يصدر عن المسئول العادي على أنه فعل شائع و عمل دعائي ونية فاسدة، ثم تراهم يُفتِّشون في صفحات الماضي ليقتنصوا منها صفحة سوداء للنيل منه و تشويه سمعته ومحاولة إسقاطه، فإن لم يجدوا شيئاً من ذلك حاولوا تزييف الحقائق بالادعاءات والتخرصات والأكاذيب أو التهم الجاهزة التي لا سبيل إلى نفيها ولا إثباتها، ولا تكذيبها ولا تصديقها، و مع أني لا مانع لدي من نقد المسئول حين يخطيء بغض النظر عن سمعته وتاريخه، فليس النجاح والسمعة لقاحاً للمسئول ضد النقد، بل قد يكون مبدعاً في جانب لكنه مخفقٌ أو مقصرٌ في جانب آخر، بيد أن ما يثير الإنسان ويدعو لاستغرابه هو أن يأتيك من يكيل بمكيالين فيُعلي من أشخاص بلا سبب، و يدني من أشخاص بلا سبب، ويمدح هذا بلا سبب، ويسب ذاك بلا سبب، فما من نقد يوجه إلى أمير ثري – حقاً كان أم باطلاً – إلا أتاك مسرعاً ليدافع عن الأمير متباكياً على المهنية الضائعة والأمانة المفقودة، حتى لو كان الأمير أقدرَ في الدفاع عن نفسه، و يملك من الأدلة والحجج والبراهين – بحكم التخصص – ما يفوق كلام صاحبنا الذي هو – في الغالب – خوض في الوجدانيات الخاصة و استغراق في الأنا المتضخمة للفت الانتباه، ولو كنت مكان الأمير لشكرته و لكافأته ثم أخذت تعهداً عليه بألا يعود لهذا العمل السخيف مرة أخرى!، فمن الظلم أن يصدر ذات الفعل من شخصين بنفس الدرجة أو يكون الثاني أفضل من الأول، فيُنظَر إلى الأول على أنه عمل عظيم، و يُمدَح صاحبه، في حين يُنظَر إلى الثاني على أنه (فلاش سري)، و يُسب صاحبه أو يُحرَّض عليه، في عملية لا يمكن أن تصدر من إنسان لديه أدنى درجات الموضوعية و المصداقية، كما أنها تتناقض مع أدنى معايير العدالة والأخلاق والأمانة والدين، و لا يمكن إنكار أن المهمة التي يواجهها المسئول العادي أصعب كثيراً من المهمة التي يواجهها المسئول الأمير، لأسباب تتعلق بالوجاهة و المكانة الاجتماعية والنقص في ثقافة احترام الأنظمة، و من الأجدى الوقوف إلى صف المسئول العادي خصوصاً حين يكون في مواجهة جيش من الفاسدين الذي يتوجسون خيفة من كل إصلاح، و يقيمون في طريقه سداً منيعاً من الوصوليين والانتهازيين والمأجورين. في ظاهرة استثناء قد لا تجد لها مثيلاً في تاريخ الصحافة السعودية هب الناس زرافاتٍ ووحدانا في الذود عن وزير التجارة السعودي الدكتور توفيق الربيعة، حين سوَّل الشيطان لبعضهم الإساءة إليه و التقليل من إنجازاته بطريقة شخصية ساذجة هي أبعد ما تكون عن المهنية والموضوعية، و ليست المشكلة في نقد مسئول ناجح حتى لو كان محلُ إجماع بين الناس؛ بقدر ما أن التهم غبية وتافهة بل دنيئة، و لا علاقة لها بعمل الوزير أو تقييم أدائه، حتى أن الناس أثارهم هذا النقد، و وجدوا فيه قلةَ وفاء بحق وزير وجدوا فيه ضالتهم، ورأوا فيه مثالاً على الإصلاح في عهد خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – سيما وأنهم جربوا مسئولين سابقين طالبوهم بتغيير عاداتهم الغذائية!. إنهم بدفاعهم عن الوزير الربيعة إنما يدافعون عن قيم الوفاء والعدل والإخلاص. مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ … لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ إنني حين أصف هذه الظاهرة بالاستثناء فلأنها استثناء بالفعل، و أمر خارج عن المألوف، إذ جرت العادة أن الكاتب حين يسب مسئولاً رفيعاً في الدولة يُنظَر إليه على أنه بطلٌ صاحبُ مبدأ لا تأخذه في الله لومة لائم، أما حين يمدحه يُنظَر إليه على أنه كاتب مأجور، لا يلبث أن يسقط من أعين الناس، ويخرجوا ألسنتهم تكذيباً لما يقول، غير أن الربيعة أسقط كل المفاهيم وقلب كل المعادلات، فشكراً – يا معالي الوزير- بالنيابة عن كل المسحوقين من جشع التجار في هذا الوطن الغالي، شكراً لملك القلوب الذي أتى بأمثالك. شافي الوسعان رابط الخبر بصحيفة الوئام: لماذا ثاروا من أجل الربيعة؟!