إن تطورات العصر السريعة، وتداخل الثقافات بعضها ببعض، لم يغيرا من مفهوم (الطلاق) في المجتمعات الشرقية، والذي ما زال يصور للمرأة أن الطلاق شبح مخيف كالوشم في الوجه، ليجعلها أمام خيارين، إما أن تكون إمراة حديدية وتتحمل نتائجه، وإما تنحني لأحكام (سي السيد) حتى لا يُطلقها، وإن حدث و(خربت على نفسها)، أقصد تم طلاقها، عليها قبول أول عرض زواج، فالفرص قليلة، وأسئلة الناس كثيرة، فتسمح لنفسها أن تستمع لشروطه المجحفة تحت مسمى مسيار أو مصياف، مذكرًا إياها بأنها مطلقة، والطريق أمامها مغلق، وما هو إلا متفضلٌ عليها بهذا الزواج العقيم، فهذا نتاج مجتمع ناقص العدل، يكرر عليها أن المرأة ليس لها إلا زوجها، وإن كان (ظلًا) أو أجحف حقها؛ عليها بالثلث الأخير من الليل تدعو الله أن يهديه، فشريعتهم تَنصّ أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، بينما ليس في الصحيح شيء اسمه أبغض الحلال، ولا يصح حتى أن يقال على شيء حلله الله، أنه مبغوض لديه سبحانه، وهذا أوضحه حتى الشيخ ابن عثيمين، بل في صحيح البخاري -وهو أصح الكُتب بعد كتاب الله- حديث شفاعة الرسول لزوج بريرة، كان زوجها يبكي خلفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث! فقال لها هل راجعتِهِ؟ فقالت أتأمرني يا رسول الله؟ -أي أن الدين يفرض عليّ هذا- فقال: لا إنما أنا شافع. فقالت: لا حاجة لي فيه. يبين لنا الحديث كيف أن الإسلام احترم مشاعر المرأة حتى في الزواج، ولم يقل لها كما يقال للكثير منا (ما الحب ما هذا الكلام الفارغ الأهم العِشرَة ومعها يأتي الحب أو أخشى عليكِ من الطلاق). بل من يدقق بسيرته -صلوات الله عليه- يجد من فعل هذا هو -تبت يداه- أبو لهب هو وزوجته، حين أتى الرسول بالرسالة أمر أبي لهب وزوجته بطلاق بناته قائلا: رُدّوا عليه بناته فاشغلوه بهن، الطلاق نعمة في ديننا الاسلامي، الذي يربينا على حرية الاختيار، واحترام حقوق الآخر، فإن كان مسمى الطلاق مخيفًا ويبغضه سبحانه، لمَ أنزل سورة باسم الطلاق في القرآن العظيم؟ لمَعَلّمنا الرحمن وأكد لنا (وإن يتفرقا يغني الله كلًا من سعته)؟ لمَ لم يقُل سبحانه يغنيها هي فقط من سعته؟ بل كليهما في ميزان الله واحد الرجل والمرأة. كم من النساء في مجتمعنا ينقصهن العلم والوعي والثقة بالنفس، حتى ضاعت حقوقهن التي منحها لهن الدين الإسلامي، فتجد سنين عمرها تذبُل في داخلها؛ لأنها ولسبب بسيط، لم تجد نفسها مع زوجها، ولكنه الخوف من الطلاق والمجتمع الذي ينظر إليها وكأنها في طريقها إلى فقر الحياة الدنيا، وبئس المصير، هذا هو بالضبط دين الجهل تبت يداه. رابط الخبر بصحيفة الوئام: إيمان السالم تكتب : المرأة وشبح الطلاق #الوئام #مقالات