لم يأت هذا العنوان من فراغ بل من واقع الحياة التي نعيشها اليوم في مجتمع انقلب فيه الهرم وأصبحت القمم في الأسفل. نسب حدوث الطلاق في مجتمعنا تفارقت من سيئها إلى أقصاها إلى درجة أن الطلاق قد يحدث في يوم الزواج أو الدخلة. وأنا أشاهد التلفاز وبالصدفة به عرض لحفل عقد قران مسيحي وسمعت ما نطق به الطرفان المعنيان واختتم كل منهما القسم في العقد بكلمات «حتى يفرقنا الموت». يحث الإسلام على الزواج وينهى عن التبتل، فيذكر أن الزواج من سنن المرسلين في قوله تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح)، رواه الترمذي، وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) أيضا: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، والزواج آية لقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). هذا هو مقام وأهمية الزواج في ديننا الحنيف، إلا أننا اليوم وللأسف الشديد نتعامل مع قيم الزواج بما لا نفهم ما أمر به الله والمصطفى (صلى الله عليه وسلم). عند الغرب يقسم الطرفان على الزواج أنهما لا يفرقهما إلا الموت وعندما يصل الطرفان إلى الرغبة في أن يفترقا يفكران كثيرا ويدرس كل منهما ما الممكن أن يعود عليهما من المضرات والخسائر المادية والمعنوية ويفكران في أبنائهما ومصالحهما وما سيترتب تجاه أبنائهما من تأثيرات سلبية على نفوسهم جراء الطلاق، والخسائر المادية في الغرب أول من يفكر فيها هو الزوج في حالة الطلاق لأنه هو في الغالب الذي سيكون في فوهة المدفع أمام القاضي ويخسر الزوج بيت العشرة الزوجية لأن القضاء في الغرب عادة ما يحكم بحق البيت للزوجة. أما الطلاق في ديننا الذي أنزله الله رحمة للمؤمنين يفهمه الكثير منا أن جعله الله أبغض الحلال ولكن قله من يعرف معنى البغيض والبغضاء فقد قال عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون). سئل فضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (يرحمه الله): ما صحة حديث أبغض الحلال عند الله الطلاق؟ فأجاب: هذا الحديث ليس صحيح، لأنه لا يصح أن نقول حتى بالمعنى (أبغض الحلال إلى الله) لأن ما كان مبغوضا عند الله لا يمكن أن يكون حلالا. لا شك أن الله سبحانه وتعالى لا يحب من الرجل أن يطلق زوجته، ولهذا كان الأصل في الطلاق الكراهة، والدليل على أن الله لا يحب الطلاق في الذين يؤلون من نسائهم قوله عز وجل: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم) وقال: (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم)، ففي رجوعهم قال: (فإن الله غفور رحيم)، يعني أن الله يغفر لهم ويرحمهم، وفي عزمهم الطلاق قال: (فإن الله سميع عليم)، وهذا يدل على أن الله لا يحب منهم أن يعزموا الطلاق. فعلينا أن نعمل بما يحب الله وننهى عما يكره، والله أعلم.