ارتبطت المتعة بالإجازة ، حتى في التصريحات الرسمية يقال " يتمتع بإجازته " ، والإجازة ممتعة لأنها تحرر الإنسان من ارتباط معين ، لكنها لا تعني التحرر من الجد والإنجاز ، فالملاحظ أن ( المتعة ) ارتبطت بالمفهوم السلبي لتبديد الوقت الذي صار نسقا ثقافيا لدى الكثيرين ، حتى صارت الإجازة تتبخر دون عائد يطور الذات، أو يجدد فيها وهج النجاح وتحقيق الذات ، بدافعية الإنجاز الحقيقي . بدأت إجازة الربيع، والأرض مزّينة بالأخضر، والسماء بين الصفاء والغيم الممتع ، والنسائم الرقراقة التي تجدد الحياة في صباحات البحر والصحراء والجبل على حد سواء ، هذه المعطيات الربانية الجليلة في جو جزيرتنا العربية المكفهر معظم أيام السنة ، يجب استغلالها أفضل استغلال ، وأن تتغير الثقافة السائدة بتمضية العطلة القصيرة بالسهر ليلا ، والنوم النهاري الطويل المتعِب ، حيث لا يشعر الإنسان بعد عودته إلى روتين الدوام بطعم الإجازة . الصباح هذه الأيام من أمتع اللحظات، وتفوق شاعريته شاعرية الليل الأعمى ، الليل القارس الذي يجبرنا على تمضية الوقت في الأماكن المغلقة ، لانجد نافذة إلى الخارج سوى شاشات أجهزتنا ، ربما لا يوافقني أبناؤنا الطلاب المتعطشين للسهر و ( الفلة ) على حد تعبيرهم ، والناقمين على الصبح وطابوره ، والحصة الأولى ، واللجنة الأولى من الاختبارات ، لكن ليرموا كل هذا وراء ظهورهم ، وليجربوا ( فلة ) الصباح ، والمشي على العشب ، والجري على الشواطئ ، وتسلق الجبال زرافاتٍ ووحدانا ، ثم بعدها يقبلون على مشاريعهم التي سينجزونها بطريقة مختلفة ومبدعة ، وقد تجددت أرواحهم وعقولهم بعد الترويح المقنن السليم . من لا يتيسر له الخروج ، وهم كثيرون ، يستطيع أن يستغل الإجازة بطريقة مغايرة لاستغلال الإجازات السابقة ، فقد سئمنا الزيارات العائلية الصاخبة ، ومللنا السهر إلى بزوغ التاسعة صباحا ، فلنجرب القراءة والكتابة والرسم والتأمل ولنحاول الابتكار ، لنحاول أن نقدم مشروعا متكاملا في هذه الإجازة ، فلدينا أعمال كثيرة مؤجلة ستكون سعادتنا بالغة بإنجازها ، ومن ليست لديه أعمال مؤجلة، ليفكر جديا في تخصيص هذه الإجازة بعمل معين ، كل ما نظر إليه تذكر قيمة الوقت الذي أنفقه فيها . يستطيع الإنسان في هذه الإجازة على قصرها أن يلتحق بدورة لتنمية مهاراته الحياتية أو اللغوية أو الفنية أو التقنية أو أيا كانت ، ويستطيع الإثراء الاجتماعي من خلال التطوع ، ومن خلال الزيارات الميدانية لأماكن يجهلها في مدينته ، ومن خلال الاطلاع أو خلق فكرة بناءة ، أو حتى العناية بالنباتات أو البيئة ، أو نظافة الحي ، أو ترتيب المسجد بطريقة مختلفة ، فلدى الإنسان الكثير والكثير إذا آمن أن حراكه يحدث فرقا سواء على مستوى أسرته أو حيه أو مجتمعه . وحتما سيكون ذلك ولو بعد حين . عشبة : " المتعة الحقيقية غالبا ما ترتبط بمنجز " . أحمد الهلالي @ahmad_helali رابط الخبر بصحيفة الوئام: يتمتع بإجازته «طال عمره»