فرحة جامحة تلك التي شعرت بها "أم عادل" وهي تتصفح أحد المواقع الالكترونية، وتحولت الفرحة إلى نوع من الشعور بالانتصار، وكأنها ربحت في مسابقة عظيمة، وتطور الأمر إلى أبعد من ذلك بحسب رأي زوجها أبو عادل إلى حد إرسال رسالة نصية إلى قائمة الصديقات تبشرهن بالانتصار على أزواجهن. يقول أبو عادل "اندهشت عندما رأيت تصرفات زوجتي، كنت أتوقع أن تكون فازت في إحدى المسابقات وهي المولعة بخوض هذا النوع من المنافسات، بل إنها تنفق أموالا طائلة على ذلك، وعندما سألتها عن سر هذه الفرحة، قالت لي: ليس الأمر كما تتوقع ياعزيزي، بل إن الأمر أكبر من ذلك". ويقول أبو عادل: "وبعد إلحاح ذكرت لي أن النساء تمت تبرئتهن من الثرثرة، ونسبت الأخيرة إلى الرجال، مضيفة أنها قرأت للتو أن دراسة بريطانية حديثة أثبتت أن الرجال أكثر ثرثرة من النساء بل وأكثر نميمة". وتابعت أن "الدراسة شملت ألف رجل وامرأة، وبينت النتائج أن الرجل يمضي ثلاث ساعات يوميا وهو يتحدث ويتناقل الأخبار، بل وأضافت الدراسة أن الرجل يستمتع بإطلاق الإشاعات ونقل الفضائح، وأن الرجال يمارسون هذه العادة السيئة أثناء ساعات العمل، بينما تمضي المراة وقتها بالتحدث عن الأزياء والموضة والمسلسلات والحياة الخاصة". وقالت أم عادل " لطالما كان الاعتقاد السائد بأن النساء هن الأكثر نميمة وثرثرة من الرجال، بل والأكثر نقلا للأحداث والأخبار المجتمعية. ويقول أبو عادل: لعل السبب في نتائج هذه الدراسة أن الرجل يتحدث أكثر من المرأة خلال العمل الرسمي، كون الرجل لا يتحدث في بعض الأمور أمام زوجته، أو يخشى من التفوه بها في محيط العائلة، مما يجعل من بيئة العمل متسعا لتلك الفضفضة". أما أبو عبدالله (موظف حكومي) فيفسر إسراف الرجل في الحديث أثناء عمله الرسمي، بكون بعض الموظفين قد يحكمهم مدير متسلط لا يسمح لهم بإبداء الرأي والمناقشة، فتزداد الأحاديث الجانبية بين الموظفين، والتي لا تخرج عن نطاق الفضفضة في كثير من الأحيان، وقد تتجاوز ذلك عند البعض لتكون نميمة غير مرغوب فيها في مجتمع العمل". ومن زاوية أخرى يرى معيض خليف الحبلاني أن الثرثرة بين الرجال قد تكون صحية في بعض الأحيان، حيث تساعد الموظف على تكوين العلاقات والصداقات في بيئة العمل، وتكون متنفسا للرجل من كثير من الضغوطات الحياتية". ويضيف "فضفضة الرجل ليست حكرا على النساء بل للرجال نصيب فيها، ولا أرى عيبا بها، وإن كنت أرفض التعميم، وأراها صفة متغيرة ناتجة عن البيئة والثقافة والشخصية". من جانبها أكدت اختصاصية الإرشاد النفسي مريم العنزي على أن "الفضفضة هي إحدى الطرق للترويح عن النفس سواء للرجل أو للمرأة، وهي اللجوء إلى صديق أو عدة أصدقاء ثقة للتحدث معهم في أمور لابد وأن يخرجها الإنسان من عقله حتى لا تؤثر عليه نفسيا". وعن كون الرجل يلجأ إلى الفضفضة في بيئة العمل أكثر من المرأة قالت: "بطبيعة الحال المرأة في مجتمع العمل لا تتعدى أحاديثها موضوعات الموضة، والأزياء، أو غيرهما، ولربما كان السبب في ذلك أنها تعتاد وفقا لطبيعتها الحديث خارج هذا الإطار مثلا لأمها أو لقريباتها". وأضافت مريم أن "خبراء علم النفس يرون أن الفضفضة من أهم الأدوات للعلاج النفسي، خاصة بالنسبة للرجل والمرأة، بحيث تعتبر من أهم الطرق الفعّالة للتخلص من القلق والتوتر، وطريقة للوصول إلى الصحة النفسية.