منازل محترقة ومبان منهارة وشوارع تتناثر فيها الأنقاض والزجاج المحطم وفوارغ القذائف في أحياء حمص المدمرة التي ظلت لأشهر الخط الأمامي في الانتفاضة. وخلال رحلة استغرقت عشر دقائق بالسيارة عبر حي بابا عمرو حين رافق صحفيون مراقبي الهدنة التابعين للأمم المتحدة أول من أمس لم نشاهد سوى امرأتين مسنتين. وتهدمت المباني في الشارع الرئيسي والأزقة القريبة خلال قصف الجيش. وتمثل حمص ثالث أكبر مدينة سورية مركزا صناعيا مهما على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب قرب الحدود مع لبنان. وشهدت المدينة والمحافظة التي توجد بها أكبر خسائر في الأرواح، ونزوح عشرات الآلاف. وفي حي الإنشاءات قالت امرأة إنها عادت إلى المنطقة مع أسرتها الأسبوع الماضي لأنهم لا يستطيعون الاعتماد على الآخرين في رعايتهم بلا نهاية. وأضافت "ماذا بوسعنا أن نفعل غير ذلك؟ الدمار هائل لكننا لا نستطيع أن نستمر في العيش في منازل الناس". وعلى غرار مدن أخرى مضطربة في سورية يسود الهدوء بعض مناطق حمص. ويقول مسلمون ينتمون للطائفة السنية إن المناطق التي يغلب على سكانها العلويون الذين تنتمي إليهم عائلة الأسد تمتعت بحماية الجيش بينما قصفت بقية مناطق المدينة. وفي حي الحمراء الذي يوجد فيه مقر إقامة المحافظ لم تمس المنازل وتزين الزهور والأشجار الشارع. لكن في حي الخالدية الذي مازال مسلحو المعارضة يقاتلون فيه قوات الأسد يمكن سماع دوي إطلاق النيران باستمرار فضلا عن قذائف المورتر وانفجارات قال سكان إنها نيران دبابات.وينطق كل شيء من المراكز التجارية المحترقة إلى الأضرار التي لحقت بمسجد خالد بن الوليد بالعنف الذي شهدته حمص وفيما انتظر صحفيون انتهاء مراقبي الأممالمتحدة من المحادثات مع ممثلي المعارضة تم نقل جثمان مقاتل لقي حتفه في المحافظة لدفنه وكان ملفوفا ببطانية مخضبة بالدماء. وتحدث مواطنون بغضب عن منازلهم التي فقدوها وأقاربهم الذين خسروهم. وقال محمد عزالدين (62 عاما) إن الجيش أحرق منزله في حي البياضة بحمص مما اضطر أسرته إلى التوجه إلى دمشق أو مغادرة البلاد أو الانتقال إلى منطقة أخرى من حمص. وأضاف "من الذي سيعوضني وكيف ستعيد الموتى؟".وساعد عبدالرزاق طلاس زعيم كتيبة الفاروق وهي إحدى وحدات مقاتلي المعارضة الرئيسية في نقل الجثمان وإقامة الجنازة. ولم يسهم وجود المراقبين الذين يفترض أنهم يراقبون وقفا لإطلاق النار في طمأنة الناس في الخالدية ويبدو أن كثيرين منهم من مقاتلي المعارضة. وقال غانم (24 عاما) "الناس في حمص لا يتوقعون الكثير من المراقبين. الآن يتحدثون عن الحوار. من قال إننا نريد حوارا... خرجنا إلى الشارع لإسقاط بشار الأسد وليس للحديث معه".