تتسبب مخلفات السفن والناقلات النفطية العملاقة في تلوث البيئة البحرية في السواحل الشرقية والغربية للمملكة. وهذا التلوث يأتي في شكل أساسي من ناقلات النفط التي ترسو في الموانئ لفترة زمنية يتم خلالها ملء حاوياتها بمياه البحر وتسمى "مياه التوازن"، لتثبيت الناقلة، ولدى تحميل الناقلة بالنفط يعاد تفريغ تلك المياه في البحر وتكون ممزوجة بزيوت ما يشكل تلوثاً بيئياً يؤثر بشكل مباشر في الكائنات الحية في مياه الخليج والبحر الأحمر، حيث يوجد التلوث تركيزات من الهيدروكربونات في المياه تؤثر سلباً في البيئة البحرية والثروة السمكية التي تشكل مصدرا رئيسيا لصيادي الأسماك في المنطقة الشرقية. و"مياه التوازن" التي تنقلها ناقلات النفط من بحر إلى آخر، تجلب معها فطريات جديدة تنقل التلوث إلى بحار أخرى، وهذا ما يشكل عقبة تحول دون خلو الشواطئ من التلوث. وأعلنت "إدارة الاستجابة للحوادث البيئية بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة" في تقرير حديث لها، أنها تعاملت خلال الأشهر الستة الماضية مع 58 بلاغاً بيئياً خاصاً بحوادث التلوث في كل من البحر الأحمر والخليج العربي. الأرصاد والبلاغات وأوضح وكيل الرئيس العام لشؤون البيئة بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدكتور سمير غازي ل "الوطن" أن 50 شكوى وبلاغاً تتعلق بالبحر الأحمر، والثمانية الباقية كانت من نصيب الخليج العربي، مشيراً إلى أن البلاغات تركزت على الملوثات الناتجة عن الكسارات والصرف الصحي والتلوث النفطي والمرادم والتلوث الكيميائي والحرق، واستحوذت الكسارات على نسبة كبيرة من عدد البلاغات الخاصة بالبحر الأحمر. وأضاف: فيما يخص التلوث بالزيت، بلغ عدد البلاغات الناتجة عن التلوث النفطي في البحر الأحمر 5 بلاغات، أما الخليج العربي فبلغ عدد الشكاوى والبلاغات المتعلقة بالتلوث 4 بلاغات، وهي 3 بلاغات لتلوث نفطي، وواحد كيميائي والبقية تخص ملوثات أخرى". وأكد غازي أن "البلاغات والشكاوى سببها ممارسات خاطئة وتجاوزات بيئية إضافة إلى مخالفات المقاييس البيئية"، موضحاً أن "من مسببات التلوث: حوادث جنوح سفن أو تصادمها أو تسرب النفط أثناء التفريغ أو غير ذلك". وأوضح أن "عدم الإبلاغ عن الحوادث والتسريبات النفطية والكيماوية والمواد الضارة الأخرى يؤثر وبشكل كبير في تفعيل مهام دور الجهات المعنية بتنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة تلوث البيئة البحرية بالزيت والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة والتي تؤدي إلى إغلاق بعض المنشآت الحساسة والاستراتيجية مثل محطات تحلية المياه والكهرباء والموانئ إلى جانب الأضرار البيئية والاقتصادية البالغة على الدولة". خطط للطوارئ وقال غازي إن الجهات المعنية ملتزمة بوضع خطط الطوارئ اللازمة لحماية البيئة من مخاطر التلوث التي تنتج عن الحالات الطارئة التي قد تحدثها المشروعات التابعة لها أثناء القيام بأنشطتها، وتعتبر الخطة الوطنية لمكافحة تلوث البيئة البحرية بالزيت والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة ملزمة للجهات المختصة وبالتنسيق والتعاون مع الجهات العامة والمعنية في الخطة بوضع خطط تنفيذية لتفعيلها، فضلا عن تقويم الأضرار البيئية الناجمة عن حالات التلوث الطارئة. وأضاف: لهذه الخطة في الحالات الطارئة مستويات عدة هي: المستوى المحلي الذي يعنى بالمدن الصناعية والمنشآت والمناطق الحيوية والمنشآت البترولية. أما على مستوى المنطقة فيخص الخليج العربي والبحر الأحمر الذي تم تقسيمه إلى منطقة شمالية ووسطى وجنوبية. أما المستوى الوطني فيشمل خطة البحر الأحمر والخليج العربي. أما المستوى الإقليمي والدولي فيتم الاستعانة فيه بالدول الإقليمية والدولية. ويتطلب كل مستوى الاستعانة بجميع الإمكانات المتوفرة في كل مناطق المملكة وما يتوفر لدى المنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة أو ضمن حدود اتفاقات أو عقود تنفذ عند الطلب مع أي من الأفراد أو المؤسسات أو الشركات أو الجهات الحكومية والخاصة سواء كانت سعودية أو أجنبية". عقوبات بيئية ولفت غازي إلى أن المخالفات والعقوبات يتم تطبيقها عندما يتأكد للجهة المعنية أن أحد المقاييس أو المعايير البيئية قد تم الإخلال بها حيث يتم اتخاذ الإجراءات التي تلزم المتسبب، بإزالة أي تأثيرات سلبية وإيقافها ومعالجة آثارها بما يتفق مع المقاييس والمعايير البيئية خلال مدة محددة، تقديم تقرير عن الخطوات التي قام بها لمنع تكرار حدوث أي مخالفات لتلك المقاييس والمعايير في المستقبل، مؤكدا أن الرئاسة تناشد المواطنين والجهات الحكومية ضرورة التعاون والتنس يق معها حيال تلك البلاغات بهدف الحد من الأضرار الناجمة عن التلوث. الصيادون يميزون من جانبه، أكد عضو لجنة الصيادين بالمنطقة الشرقية داوود سلمان آل سعيد ل"الوطن" أن "مياه الخليج من أكثر المياه المعرضة لتأثيرات التلوث على البيئة البحرية سواء من تأثيرات شاطئية أو أرضية أو حتى مقذوفات السفن، كونها أكثر منطقة تستقبل السفن لأنها غنية بالبترول. حيث إن التلوث يكون له تأثيرات في الغالب على الأسماك، مشيرا إلى أن الصيادين لديهم القدرة على تمييز السمك المصاب بالتلوث وذلك من خلال وجود أورام في جسد السمكة المصابة والتي يتم إتلافها".