فوجئ سكان محافظة الطائف بوضع لوحة ضخمة تحمل صورة قبر، تعلو واجهة مدرسة هوازن الابتدائية التي تتوسط أهم شوارع المحافظة، تضمنت عبارة "مردك لي". وقد أثارت هذه الصورة كثيرا من التساؤل حول مغزى وضعها في مكان معظم مرتاديه من الأطفال وصغار السن، في الوقت الذي يفترض فيه نشر رسائل تدعو إلى التفاؤل والإقبال على العلم ونشره بدلا من توجيههم إلى الموت مبكرا. وأبدى بعض أولياء أمور الطلاب مخاوفهم من انتشار "فوبيا الخوف من القبر وعذابه" وسط أبنائهم، وهم في سن صغيرة مما قد يصرفهم كليا عن التحصيل الدراسي، ويوجههم إلى أعمال بعيدة جدا عن الهدف الذي التحقوا بالمدرسة من أجله. وفي المقابل، ناشد سكان الحي الذي تتوسطه المدرسة الجهات المعنية وخاصة إدارة التربية والتعليم بإزالة هذه اللوحة ووضعها في المكان المناسب. من جهته، قال المستشار القضائي الخاص، المستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية لدول الخليج العربي والشرق والأوسط الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان: فيما يتعلق بالتذكير بالموت والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى فهذا أمر مفروغ منه، والموت حق وكفى بالموت واعظا، لأن المرء لا يعلم بعد الموت ما يحصل له إلا أنه يجب أن يحسن الظن بالله سبحانه وتعالى. أما فيما يتعلق بظاهرة التذكير بالموت وتفعيل هذا بلوحات أو إعلانات أو نصائح تعلق على الجدران، أو على مداخل الجهات ذات المسؤولية تعليمية أو غير تعليمية، فإن هذا مما لم يرد به نص، وما يجري إنما هو اجتهاد يفتقر إلى فهم الأدلة وربط الدليل بالواقع، وربط الواقع بالدليل، والمسلم ليس مرده إلى القبر، وليس مرده إلى الموت، فالمرد والمرجع هو الله سبحانه وتعالى، وإنما القبر فترة وقضاها الله عز وجل على الخلق "ثم يردون إلى عالم الغيب والشهادة". ودعا الدكتور اللحيدان المعنيين كافة بالدعوة والتوعوية والإرشاد أن يركزوا على أصول التوحيد والأخلاق والقيم، فإن هذا هو أصل ما جاءت به الرسل وأذاعوه ونشروه. إلى ذلك، أوضح مشرف الإرشاد والتوجيه بادرة التربية والتعليم بالطائف عبدالرحمن الشهري، أنه من الناحية النفسية السيكولوجية، فالنفس دائما لا تقبل السلبية أو أي شي يضعها في ميزان الخوف, والنشء يحتاج إلى دعم إيجابي وتعريفه بالحياة بشكل أفضل لأن الطفل إذا بدأت معه فيما يخص الآخرة فليس لديه ذلك الإدراك الذي يستشعر فيه الموقف. وقال الشهري: يكفينا في كل مرة وخاصة في المنزل عبارة "هذا حرام وهذا حلال"، فالطفل يحتاج إلى بيئة تربوية ناضجة ومشجعة لتقديم أفضل ما لديه من أفكار في الحياة. أما بخصوص هذه الصورة فإنها تثير الفزع لدى الطفل، فيصبح كثير التساؤل ويعيش في دائرة ضيقة، مع العلم بأن الطفل متأثر بشكل كبير فيما يدور من حوله. وقال إنه ينبغي وضع هذه الصورة في أماكن مناسبة لدى المدركين وعيا بها. وعبر عن أسفه لانتشار ظاهرة الموت بشكل كبير، ففي الأسبوع الماضي عندما أقامت جمعية حقوق الإنسان معرضا لها وشاركت فيه عدد من الجهات قامت إحدى الجمعيات المشاركة بتوزيع هدايا على الحضور عبارة عن "كفن ومستلزماته". وأضاف الشهري: من المؤسف تلك النظرة السوداوية للحياة. من جهة أخرى، اتصلت "الوطن" بمدير إدارة الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بالطائف عبدالله الزهراني، فأشار إلى أنه بالتنسيق مع مدير التوعية الإسلامية بالإدارة مساعد العبيلان، أوضح أن اللوحة ضمن البرامج المقدمة لتوعية المجتمع المحيط بالمدرسة وليس لطلاب المدرسة، ولذا فاتجاه اللوحة باتجاه الشارع الرئيس، وليس باتجاه المدرسة. وأضاف أن هذا البرنامج اسمه "التوعية الإسلامية بالإيحاء"، ويقوم على استخدام صورة أو عبارة قصيرة للتوعية، مستهدفا شريحة الشباب. وأشار الزهراني إلى أنه يتم اختيار أماكن هذه اللوحات في المدارس على الشوارع الرئيسة، وسبق أن وضعت لوحة في شارع شبرا بمدرسة الإمام عاصم، وأن برامج توعية المجتمع المحيط بالمدرسة ضمن منظومة برامج التوعية الإسلامية الواردة من الوزارة، مؤكدا أن محتوى اللوحة يتغير بتغير المناسبات. نصائح اللوحات والإعلانات على مداخل الجهات التعليمية اجتهاد يفتقر إلى فهم الأدلة.... صالح اللحيدان