تعتبر مروة "الحمل" نعمة وبهجة وتفاؤلا، بمجرد أن علمت بالخبر طارت فرحة لتخبر زوجها الذي تقافز من البهجة والسعادة، ولكن في المقابل قابلت "سعاد" الطبيبة التي أخبرتها بحملها بالعبوس، خاصة عندما تذكرت فترة الحمل وما تتضمنه من تعب، وآلام، وأعراض جانبية. تقول مروة "كنت أنتظر الأمومة بفارغ الصبر، ولذلك دوافع نفسية، فالمرأة تحتاج إلى أن تثبت لمن حولها مقدرتها على الحمل، وأن تستمتع بشعور الأمومة، أما زوجي فكان يحتاج إلى أن يسعد بالذرية، ويشعر بالأبوة، لذلك كانت سعادتنا لا توصف عندما تلقينا الخبر". أما سعاد فتقول "خرجت من عيادة النساء والدموع تملأ عيني، وتحدثت مع زوجي عبر الهاتف، وأخبرته بحدة بأنني لا يمكن أن أتحمل الحمل وتعبه مجددا، فابنتنا لم تتجاوز السنتين، ولم أنس متاعب الحمل وآلام الولادة بعد، إضافة إلى مهام المنزل ومسؤوليات العمل"، وتضيف "اضطررت إلى تقديم استقالتي من عملي للتفرغ للحمل، فلم أكن أستطيع الجمع بين مسؤوليات الحمل والعمل". وتختلف ثقافة النساء تجاه حالة الحمل، ففي حين يعتبره بعضهن حالة مرضية، ومرحلة حرجة يجب أن تعلن فيها حالة الطوارئ، وتتوقف فيها المرأة عن أي عمل، تجده أخريات شيئا ممتعا، يزيد من الحيوية، والإقبال على الحياة، الأمر الذي يزيد من الإنتاجية في العمل، وأمور الحياة. وتقول استشارية النساء والولادة في مستشفى الخبر الدكتورة وفاء الموسى إن تقبل السيدات للحمل يتفاوت حسب الخلفية الثقافية والاجتماعية لكل سيدة، وتضيف أن "عددا كبيرا من المراجعات للعيادة أثناء فترة الحمل يعتبرنه حالة مرضية، ويجدن صعوبة في التعايش مع هذه الفترة، ويطلبن إجازات مرضية من وظائفهن، بل بعضهن يفكرن في الاستقالة من أعمالهن ويفضلن المكوث في المنزل، والاسترخاء الزائد عن الحاجة". وترى إن قدرة تحمل الجسد للحمل تتفاوت بين سيدة وأخرى، ويرجع ذلك الأمر إلى طبيعة المناعة عند المرأة، والهرمونات، ومستوى اللياقة الجسمية، إلى جانب النظام الصحي في الطعام والمعيشة، ومزاولة التمارين الرياضية، وصحة الأعضاء، التي من أهمها الرحم والظهر. وعن الحمل الصحي ومستوى تحمل النساء والفترة السليمة ما بين حمل وآخر، أوضحت الدكتورة وفاء أن الأفضل أن تكون هناك فترة عامين بين كل حمل وآخر، وهي مدة الفطام للرضيع، وهو ما نص عليه القرآن الكريم. وعن كيفية التغذية الصحية، أوضحت الدكتورة الموسى أن على الحامل الاستزادة من الأغذية الصحية، والألياف، والخضروات الخضراء، إلى جانب تناول أقراص الحديد يوميا، والتي تساعد على رفع درجة الهيموجلوبين في الدم. ومن الناحية النفسية للحامل تصنف الاختصاصية النفسية الدكتورة عائشة القحطاني الحوامل إلى نوعين، سلبي وإيجابي، وتقول إن "كثيرا من النساء لا يتحمل أكثر من حالتي حمل طوال حياتهن، في حين تتحمل أخريات تجربتي حمل في العامين". وتضيف أن "الأصل في طبيعة المرأة التي جبلت عليها هي الأمومة والحنان، الأمر الذي يستوقفها عند أي موقف عاطفي أو طفل بشكل عام، فالإنجاب في الثقافة العامة مكمل للمرأة، ودليل على صحتها وأمومتها، إلا أن بعض النساء يرفضن الحمل، وقد يرجع ذلك إلى خلفيات ثقافية، أو اجتماعية، أو ضغوط اقتصادية تمر بها الأسرة، أو قرب فترتي الحمل من بعضهما، أو وجود طفل رضيع لديها، كما يمكن أن تكون راجعة إلى أسباب فسيولوجية كنقص الفيتامينات، وبعض المواد الهرمونية المتغيرة بالجسم، يصاحبه حالة من التذبذب النفسي". وأشارت القحطاني إلى أن بعض السيدات يصبن بهلع من وجود شيء بداخلهن، ويشعرن بضيق لاقتسام الجنين المواد الغذائية، أو المواد التي تساعد في نموه كالكالسيوم مثلا" . ودعت الاختصاصية النفسية الحوامل إلى التعامل مع الحمل بشكل اعتيادي، وإدراك المغزى من الحمل، وهو إنجاب الذرية الصالحة، ويؤمن أنها حالة طبيعية تمر بها معظم النساء، ودليل على عطاء المرأة، ويزاولن مهامهن الحياتية المعتادة، مع الاهتمام بالنواحي الصحية والنفسية.