تباينت إلى حد بعيد مقترحات المؤسسات المعنية بالشرق الأوسط في واشنطن للخروج من الأزمة السورية. وتنقسم هذه المقترحات إلى قسمين، الأول يدور حول المسار الدبلوماسي ويتباين بين التفاوض مع النظام أو رحيله، أما الثاني فيرى ضرورة التدخل عسكريا إما بتسليح المعارضة أو التدخل المباشر من قبل حلف دولي وإقليمي واسع. وطبقا لموقف أي من المحللين كانت الاقتراحات التي يقدمها تتسق مع رؤيته لأسلوب الحل. فقال مركز الأزمات الدولية مثلا في ورقة نشرت بواشنطن إنه من الضروري حاليا منح جهود الممثل الأممي العربي المشترك كوفي عنان فرصة للنجاح بافتراض أنها تهدف لإبعاد النظام عن السلطة، ونقل رموزه الأساسية بعيدا عن دمشق مع الإبقاء على مؤسسات الدولة الأساسية للحفاظ على التماسك الوطني، ومع إجراء عملية تطهير تدريجية لتلك المؤسسات، ثم مع تبني عملية قضائية سلسة ومستقرة للحيلولة دون تصفية الحسابات بين الفئات المختلفة على نحو يعرض الوحدة الوطنية للخطر. بيد أن الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية آنتوني كوردسمان يرى أن من الصعب تصور أن يقبل الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي طوعا. وأوضح "لا أرى كيف يمكن لرؤية مجموعة الأزمات الدولية أن تطبق ذلك. إن جهود عنان ضرورية، لكن هل يمكن أن يقبل الأسد بالتنحي دون أن يشعر أنه يواجه خطر الإبعاد القسري، أو متغيرا على الأرض يدعوه للقبول بأقل الضررين والرحيل؟. لا أعتقد ذلك. النظام يشعر الآن أنه يستعيد زمام المبادرة ولا يدرك أنه في مثل هذه الظروف فإن ما يحدث الآن قد يتبدل غدا". وأضاف "لقد حدث انشقاق كبير لعدد من قيادات الجيش قبل أيام ويمكن ذلك أن يتكرر. فضلا أن العالم لم يغلق بعد بحث ملف التدخل العسكري". وتابع كوردسمان "إن الأسد حاول أن يخفي عملياته العسكرية على نحو لا يتيح لها أن تنكشف أمام عمليات عسكرية خارجية". وشرح ذلك بقوله "الملاحظ هو أن الأسد استثنى سلاح الجو من المواجهة حتى لا يتيح لدعوة فرض منطقة حظر طيران فرصة التماسك والتحقق. وتجنب في البداية أن يرتكب مجازر جماعية، لكن حمص أجبرته على التنازل عن هذا الحذر. وفي الحقيقة فإنني أعتقد أن أي فرصة أمام عنان للنجاح ستظل بعيدة المنال ما لم يكن هناك تلويح جاد بالتدخل العسكري. الدبلوماسية في مثل هذه الحالات تحتاج إلى أسنان". وبدوره قال الباحث بمجلس العلاقات الخارجية جوناثان تبرمان إن من الخطأ أصلا الرهان على المسارات الدبلوماسية. وأوضح "أي صفقة دبلوماسية تستدعي التنازل عن هذا الجزء أو ذاك. لكن طبيعة ما يحدث بسورية تدل على أن الأمر لا يتعلق بتجزئة القضية. فطلب الشعب السوري هو رحيل الأسد ونظامه. ولا أعرف كيف يمكن للنظام أن يتفاوض على أن يقتل نفسه بنفسه. إما أن يجبر الأسد على الرحيل أو أنه سيواصل قتل السوريين الذين لم يكفوا عن الخروج للشارع منذ عام كامل للتعبير عن رفضه". وتابع تبرمان "التعلل بالطرق الدبلوماسية هو باختصار محاولة للتهرب من المسؤولية الإنسانية والأخلاقية التي ينبغي علينا جميعا أن نتحملها. إنني لا أجد مناصا من التدخل العسكري وهو ما سنصل إليه من استنتاج لكن بعد موت آلاف إضافيين. علينا أن نتدخل، وأقول لمن يعارضون بدعوى أن أنظمة الدفاع الجوي السوري قوية، إن بوسعنا شل تلك الأنظمة لو أردنا، ولمن يقولون إن علينا انتظار الجهود الدبلوماسية، إن ثمن تلك الجهود هو موت المزيد من المدنيين".