أكد عضو مجلس الشورى الدكتور ماجد بن عبدالله المنيف خلال فعاليات اليوم الثاني للقاء التشاوري لرؤساء برلمانات مجموعة العشرين أمس في الرياض، أن المملكة ملتزمة مع المجتمع الدولي على مواجهة التحديات العالمية المتعلقة بالطاقة والتقدم الاقتصادي، وتشجيع التقنيات النظيفة المتعلقة بمجال النفط والغاز، والانضمام إلى الجهود الدولية للحد من تقلب أسواق الطاقة. وأشار إلى أن الاستثمار في مجال النفط والغاز يهدف إلى جعل الإمدادات آمنة ومتاحة وتسير بالتوازي مع الاستثمار في الموارد البشرية والبنية التحتية وتطوير القطاعات غير النفطية لتحويل الاقتصاد من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة. وقال المنيف إن حصة النفط من استهلاك الطاقة تبلغ اليوم حوالي 35% مما يجعله مصدر الطاقة الأهم نظراً لدوره المهيمن في قطاع النقل في حين أن حصة الغاز في استهلاك الطاقة هي 25%، وتتركز أساساً في توليد الكهرباء. وعلى الرغم من النجاح النسبي لخفض حصة النفط في استهلاك الطاقة العالمي (لاسيما في الدول الصناعية). وذكر أن النفط والغاز يمثلان حتى الآن 60% من استهلاك الطاقة، ومن المتوقع أن يستمر دورهما في هذا المجال على مدى العقود الثلاثة المقبلة على أقل تقدير، مبينا أنه على الرغم من بعض النجاح النسبي في تنويع اقتصاداتها، لا يزال النفط مستأثراً بحصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي وفي إمكانات النمو في معظم البلدان المنتجة له. واعتبر أن التغيرات في هيكل أسواق الطاقة وعلاقاتها على مر السنين وكذلك أنماط الاستهلاك والإنتاج والتجارة غيرت المشهد العالمي للطاقة، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى المستقبل فإن توقعات منظمات الطاقة العالمية مثل منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة في الولاياتالمتحدة تظهر أن الجزء الأكبر من احتياجات الطاقة العالمية لعدة عقود مقبلة سيوفره الوقود الأحفوري من الفحم والنفط والغاز التي من المتوقع أن تساهم بنسبة 82% في مزيج الطاقة العالمية بحلول عام 2035. وأبان أن توقعات وكالة الطاقة الدولية عام 2011 (سيناريو السياسات الحالية) تفيد بزيادة قدرها 124 مليون برميل من النفط المكافئ يومياً في الطلب العالمي على الطاقة أما توقعات منظمة أوبك فتشير إلى زيادة 127 مليون برميل نفط مكافئ، من الآن وحتى عام 2035. وتوقع أن تسهم أنواع الوقود الأحفوري في الزيادة في الاستهلاك العالمي للطاقة بنسبة 78% حسب تقديرات أوبك و 74% حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، في حين أن النفط والغاز سيسهمان بنسبة 43% و 46% من الزيادة لكل منهما على التوالي. ومع ذلك، وفي إطار سيناريو تطبيق سياسات جديدة، تتضمن معظم سياسات الطاقة والبيئة، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تنخفض مساهمة الوقود الأحفوري في الطلب العالمي على الطاقة إلى 60% خلال 2010-2035 منها 40% للنفط والغاز. وطرح المنيف خمسة تحديات تواجه سوق الطاقة المتجددة وتنويع مصادرها مع وجود شكوك بيئية واقتصادية وتكنولوجية وسياسية كثيرة، ويتمثل التحدي الأول في توجيه الاستثمار لتنويع مصادر الطاقة، وكذلك ضمان إمدادات كافية، في حين تبلور التحدي الثاني في المواءمة بين الاقتصاد والطاقة والبيئة العالمية، ملمحاً إلى أن السعودية تشارك المجتمع الدولي في هذا المسعى لأن جميع التوقعات تشير إلى أن النفط والغاز سيلعبان دورا مهماً في مسيرة النمو الاقتصادي العالمي لعدة سنوات، وحيث إن المملكة تتمتع بثروات هائلة من تلك الموارد، فقد وجهت جهودها الوطنية وعلاقاتها الدولية لجعل هذه الموارد صديقة للبيئة. فقد قامت بتمويل البحوث، وإقامة مشاريع تجريبية لاحتجاز وتخزين الكربون (CCS) والشروع في التعاون الدولي لاستكشاف إمكانات تكنولوجية في هذا المجال. مشيرا إلى جهود المملكة في تطوير مصادر الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية بشكل رئيس، من أجل تنويع مواردها في مجال الطاقة. وحدد المنيف التحدي الثالث في السعي إلى تقليل التقلبات في أسواق الطاقة التي أثرت بدورها على الاستثمار، والسياسات الاقتصادية وسياسات وبرامج الطاقة في المناطق المنتجة والمستهلكة، وبالتالي على آفاق الاقتصاد العالمي. أما التحدي الرابع فهو التصدي لفقر الطاقة أي ضعف إمكانات الدول النامية الفقيرة في الحصول على طاقة تجارية بشكل مستدام إذ يقدر أن نحو 3 مليارات من سكان العالم يفتقرون إلى الطاقة الحديثة، ونحو 1.3 مليار نسمة (ولاسيما في أفريقيا جنوب الصحراء وأجزاء من آسيا) لا يحصلون على الكهرباء. وحصر المنيف التحدي الخامس في دور التكنولوجيا في المستقبل للحصول على الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة لافتاً في هذا السياق إلى أن تطور وانتشار التكنولوجيا عاملان رئيسان في زيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتنويع مصادرها، وخفض تكاليفها، والتخفيف من آثارها البيئية. مطالبة بتعاون لمعالجة فقر الطاقة والتعافي من آثار الأزمة المالية برر رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ غياب بعض الدول عن المشاركة في اللقاء التشاوري لرؤساء برلمانات الدول العشرين الذي اختتم أعماله بالرياض أمس بسبب ظروفهم والانتخابات البرلمانية التي تجرى في بلدانهم، لافتا إلى أن هناك دولا غابت كذلك عن اللقاء التشاوري السابق، مبينا أن بعض الدول أرسلت ممثلين عن رؤساء البرلمانات. على صعيد متصل أكد رؤساء وفود برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين الذين شاركوا في اللقاء دعمهم الكامل لإعلان الأممالمتحدة اختيار عام 2012 ليكون "السنة الدولية للطاقة المستدامة للجميع". وشددوا على أن تحقيق الأهداف التنموية للألفية الثالثة يتطلب إيجاد السبل والوسائل كي تكون مصادر الطاقة الملائمة بيئياً متاحة للجميع، إلى جانب تطوير التقنيات النظيفة من أجل تحقيق تنمية مستدامة. كما أكدوا ضرورة تفاعل المجتمع الدولي مع مبادرة خادم الحرمين لزيادة المساعدات الإنمائية من المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية وتوجيهها لمعالجة فقر الطاقة. وخلص اللقاء الذي استضافه مجلس الشورى إلى التأكيد على أن التفاهم والحوار بين الشعوب والثقافات ضروري جداً لترسيخ السلم والأمن الدوليين، مطالباً المجتمع الدولي بأن يضع الأطر ويوجد المناخ الملائم لذلك للحوار والتسامح وتنمية ثقافة حقوق الإنسان بعيداً عن التعصب والتطرف والعنصرية والانطباعات المسبقة على أن يتضمن ذلك النظر إلى الاختلافات باعتبارها ميزة إنسانية، وتبني مفهوم الحوار بين أتباع الديانات والمعتقدات لإزالة سوء الفهم، ونبذ مظاهر الخلاف والعداء والكراهية.