خلافاً لأمنيات أنصاره وأعضاء حزبه وحلفائه، لن يكون بمقدور الرئيس اليمني المنتهية ولايته علي عبدالله صالح المشاركة في الانتخابات الرئاسية غداً، التي تسدل الستار فعلياً على فترة حكمه التي تجاوزت 33 عاماً، وهي الفترة التي ظل صالح يؤكد باستمرار أنها لم تخل من "رقص على رؤوس الثعابين"، وإن كانت قد تمكَّنت من لدغه في نهاية المطاف وأخرجته من المشهد السياسي. واستعاض صالح عن غيابه بتصريح من نيويورك دعا من خلاله أنصاره وحلفاءه لإنجاح الانتخابات، وحثهم على حشد الجماهير للمشاركة والتصويت لمرشَّح المؤتمر الشعبي العام عبد ربه منصور هادي، واعتبار ذلك نقطة الانطلاق لمرحلة الشراكة السياسية في ظل الفترة الانتقالية". وبينما أكدت مصادر دبلوماسية أن الولاياتالمتحدة مارست ضغوطاً مكثَّفة على صالح لعدم العودة إلى بلاده قبل انتهاء الانتخابات، كشفت مصادر سياسية مطَّلعة ل "الوطن" أن أسباب عدم عودته تعود لاعتبارات أمنية محضة، وأنه استجاب لنصيحة مقرَّبين منه بتأجيل ذلك إلى وقت لاحق بسبب الوضع الأمني المتذبذب وتصاعد احتمالات اندلاع أحداث عنف أثناء الانتخابات، ما قد يصعب من إمكانية تأمين الحماية الشخصية له، إضافة لإمكانية استغلال بعض القوى المعارضة للموقف واتهامه بالوقوف وراء أعمال العنف لعرقلة التحول السلمي. وهو الاحتمال الذي عزَّزته تصريحات المتحدث الرسمي باسم المنسقية العليا للثورة الشبابية والشعبية بساحة التغيير في صنعاء فؤاد الحميري الذي دعا الشباب المعتصمين في الساحات العامة للمطالبة بمحاكمة صالح فور عودته للبلاد، حيث قال مخاطباً إياه "لقد خرجنا من بيوتنا لإخراجك من السلطة والقصور ولن نعود إلا بعد إعادتك من الخارج إلى الزنازين والسجون". إلى ذلك واصلت السلطات اليمنية تحضيراتها لإجراء العملية الانتخابية في موعدها وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف في المناطق الجنوبية من البلاد بعدما أعلن فصيل في الحراك الجنوبي مقاطعتها ولو بالقوة. إلا أن شباب الثورة المؤيدين للانتخابات نظَّموا مهرجانات تدعو المواطنين للمشاركة في الاقتراع، فيما نظَّم الحراك الجنوبي مسيرات مشابهة. وهو ما دفع مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر إلى محاولة إقناع قادة الحراك بضرورة تجنب العنف، والتزام الهدوء قائلاً إن موقفهم من مقاطعة الانتخابات هو رأي خاص بهم ينبغي احترامه، شريطة احترامهم لقناعات الآخرين. كما فعل الشيء نفسه مع الحوثيين في صعدة الذين أعلنوا المقاطعة، إلا أنهم التزموا بعدم منع الراغبين في المشاركة. إلى ذلك عزَّزت القوات الأمنية وجودها في محافظة عدن بصورة كبيرة، وأشارت تقارير إعلامية إلى انتشار عشرات المدرّعات والأطقم العسكرية مساء أمس، وأن المدينة تشهد منذ يومين تعزيزات كبيرة لقوات الأمن مدعومة بوحدات من الجيش، مما حول المشهد إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، حيث يتوقع السكان أن يتم توزيع تلك القوات التي تم تجميعها على مديريات المحافظة.