شهران وتبدأ أعمال هدم منازل وبنايات عشوائية "الرويس" وسط جدة، الحي الأول الذي نشأ خارج أسوار جدة القديمة، وكان رأس بر يدخل إلى البحر، وترسو فيه السفن القديمة قبل ميناء جدة الحديث، وذلك ضمن خطة تطوير العشوائيات التي تشهدها مدينة جدة. ووفقا لتاريخ جدة، فإن هذا الحي كان يطلق عليه الإنجليز مسمى "سقالة تتشن"، ويستقبل السفن التجارية المحملة بالمواد البترولية التي كانت تفرغ عبر أنابيب إلى شركة التعدين التي عملت على اكتشاف آبار البترول في المملكة آنذاك، ليتحول موقع الميناء إلى ما يعرف الآن "بالرويس"، تصغيراً لكلمة "رأس" التي تطلق على الأرض اليابسة الممتدة داخل البحر. ويشير الباحث التاريخي، ورئيس بلدية البلد التاريخية المهندس سامي نوار، إلى أن حي الرويس يعتبر ضمن الأحياء القديمة التي نشأت خارج سور جدة قبل نحو 100 عام، حيث كان عبارة عن قرية للصيادين والمقبلين من القرى المجاورة لمدينة جدة، لافتاً إلى أن كثيرا من القبائل استوطنت هذا المكان. وبين أن منطقة الرويس تقع حالياً على امتداد وادي يمر بشارع فلسطين حاليا، ولوجود ذلك الوادي، عمد الأهالي آنذاك إلى إنشاء آبار لاستخراج المياه لتوفرها بغزارة، وهو ما كان سببا في استيطانهم هذه المنطقة، حيث كان كثير من المباني الطينية متناثرة في هذا الموقع، إلا أنها تلاشت بسبب التأثيرات المناخية للمدينة الساحلية. حي الرويس الذي ستطال بناياته العتيقة يد التطوير بعد نحو 60 يوما، يقع ضمن الأحياء العشوائية، التي ستتم معالجتها في مدينة جدة، والبالغ عددها نحو 52 حيا عشوائيا، ويأتي كثاني حي عشوائي تتم إزالته بعد حي خزام، ولكن اقتصاديين يرون أن هذا الحي سيقود أعمال تطوير بقية العشوائيات لما سيمثله من نقلة حضارية لمدينة جدة وساكنيها. ويغطي مشروع منطقة الرويس حسب معلومات صادرة من شركة الرويس العالمية للتطوير العقاري، التي تشارك فيها شركة تحالف الرويس وشركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، مساحة مليونين و121 ألفا و950 متراً مربعاً في وسط مدينة جدة، وتغطي مساحات البناء المعتمدة ضمن مخطط المشروع 8.5 ملايين متر مربع تقريباً. ورصدت الشركة المطورة والمالكة للمشروع نحو 10 مليارات ريال وفق نظام الشركات المساهمة المحدودة، ويشارك عدد من الصناديق الحكومية بأسهم مالية ضمن رأس المال، لاستثمارها في تطوير الحي، الذي يتكون من أبراج سكنية وتجارية ومناطق مخصصة للفلل السكنية وملاعب، ومساحات خضراء، ومجمعات للخدمة والمرافق العامة، وسيراعى فيه وجود المباني الأثرية، حيث سيتم حصرها وإدراجها ضمن برنامج التطوير الخاص للحي. وعملت الشركة المسؤولة عن التطوير على إعداد لائحة تضمن حقوق سكان الحي، من خلال تعويضهم ماديا أو إدراج قيمة عقاراتهم في رأسمال الشركة، وأنهت الشركة المطورة نسبة كبيرة من تثمين العقارات. وتأتي أهمية حي الرويس كموقع جغرافي من نواح كثيرة، وفق ما يشير إليه الخبراء، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياحية، كونه يقع بالقرب من شاطئ البحر الأحمر، ومن المنطقة التاريخية "البلد" وميناء جدة الإسلامي، وكثير من المعالم والمؤسسات الحكومية التجارية.