عاد الجدل مجددا حول كتابات وآراء الدكتور كمال الصليبي بعد مداخلة لموسى عقيل في خميسية الموكلي بجازان تساءل فيها عن تأثير ودورالأساطير فيما ذهب إليه الصليبي من أن المهد الأصلي للتوراة هو جنوب غرب جزيرة العرب باعتماده على بعض الأساطير. وكان الباحث محمد ربيع الغامدي قد استهل فعاليات الموسم الثقافي الجديد للخميسية بالحديث عن أساطير تهامة والسراة في محاضرة أدارها عمرو العامري. وغفل الغامدي عن التعريف بمصطلح الأسطورة وحصر كلامه في سرد عدد من الأساطير التي جمعها على مدى سنوات طويلة، موضحا أنه اعتمد على الرواية الشفوية وعدّها مصدرا جيدا من مصادر فهم أصول الأشياء بنقله عن ثلاثة أشخاص هم الحاج عبد الله المحويتي راوي أسطورة جبل قاف وهو جبل أسطوري تحدثت عنه بعض كتب التاريخ وذكره ابن عباس في تفسير أول سورة "ق" ومحمد بن منسي راوي أسطورة تهامة والسراة وساق الغراب التي كانت سهلا وفير الخيرات فطغى أهلها وظلموا بعضهم فعاقبهم الله بالزلازل وأصبح بعض ذلك السهل مرتفعا وبعضه منخفضا، فبحث الناس عن الماء حتى إذا وجدوه قالوا: ته ماء، أو شي ما، أو تي ماين فعرفت أماكن الماء بالشام وتهامة واليمن، ويرى بن منسي أن الشام وتهامة واليمن بمعنى واحد. وكانت الرواية الثالثة عن جبل شدا وقرية "ذي عين" التي رواها الغامدي عن سعيد بن عيضة الملقب ب كوعان حيث يرى أن جبل شدا في الباحة كان مجاورا لجبل "حزنه" لكنه رحل طوعا واختيارا إلى تهامة، وأن "ذي عين" وهي قرية على الطريق العام بين الباحة والمخواة لها أسطورة حين تكونها. بعض الحضور ذهب إلى أن ما أورده الغامدي كان أقرب للحكاية منه إلى الأسطورة وأثارت مداخلاتهم العديد من القضايا التي لم يتطرق لها كمصطلح الأسطورة والفرق بينها وبين الخرافة والحكاية. حيث تساءل الدكتور خميس الغامدي عن إمكانية إسقاط الأسطورة على الواقع نظرا لتطابق ماتذكره الأساطير مع بعض دلالات الأسماء وتشابهها لغة ومكانا مع الواقع الحالي، مبينا أن ذلك التطابق يشي بامتلاك الأساطير للحقيقة في بعض أجزائها أما غرم الله الصقاعي فقد أشار إلى أن الأسطورة في الحضارات القديمة ارتبطت ب"الآلهة" مما يعني أن الأسطورة تقوم على معتقد فكري للبحث عن الغائب الذي يفسر الظواهر الطبيعية وطالب الصقاعي محمد ربيع بكشف حقائق التاريخ من خلال الأساطير التي تعبر عن حياة اجتماعية وثقافية في الزمن القديم. وقال إبراهيم طالع في مداخلته إن إبراز الميثولوجيا الشعبية الخاصة بجزيرة العرب كشف عن ثقافة أصيلة غيبها كتّاب التاريخ العربي على حساب تدوين أخبار الفاتحين الذين خرجوا من جزيرة العرب باتجاه الشمال وبقيت الثقافة الشعبية لعمق الجزيرة العربية تحت وطأة النسيان مضيفا أن ذلك أدى لتحول المكان من ممارسة دور التأثير إلى الاستسلام للتأثر وعد طالع تجربة الغامدي خطوة مهمة ينبغي على المثقف رصد ما بقي من ثقافة المكان المغيبة بجمعها ودراستها ونشرها. وأجاب الغامدي على تساؤل موسى عقيل بخصوص الصليبي بقوله : لو اطلع الصليبي على عدد من الأساطير لغير بعض آرائه واستفاد منها في كتاباته. وعن الهدف من طرق الخميسية لموضوع الأساطير بين صاحب الخميسية عبدالرحمن الموكلي أن الهدف يتمثل في فتح آفاق جديدة لجماليات المكان ولإثراء الجوانب المعرفية والإنسانية مضيفا أن الأساطير هي أشبه بسرد تاريخي لأفكار قد يكون تعلقها بالغيبي أكثر من الواقعي في علاقة الإنسان بما حوله، وترتبط بعوالم زمنية قديمة، فكرتها الرئيسة واحدة لكن سردها والهدف منه يختلف من مجتمع لآخر، ونبه الموكلي إلى أهمية جمع الأساطير والحكايات الشعبية بمنطقة جازان. يذكر أن أعضاء نادي القراءة بجامعة جازان سجلوا حضورا مميزا، وانتهت الخميسية بإنشاد الشاعر إبراهيم طالع عددا من "الدمّات" العرضات- الألمعية.