غدا من المألوف في ملتقيات ومنتديات المثقفين تشكيل فضاءات حوارية عفوية تأتي على هامش المناسبات، لتكوّن متناً يوازي متن أوراق العمل، ما يقلّص مساحة الرسمية، ويرفع مستوى العفوية، ولم تخل الليلة الأولى لوصول المدعوين والمدعوات إلى فندق الماريوت، من تفعيل طاولات الحوار الموزع بحسب اهتمامات وميول الحاضرين، ففي مساحة متوسطة من صالة الفندق «اللوبي»، فتح رئيس أدبي تبوك السابق الدكتور مسعد العطوي، ورئيس أدبي حائل الأسبق محمد الحمد، والشاعر محمد الجلواح، نافذة حوار مع الكاتب والمفكر الدكتور محمد الرميحي، انصبت في معظمها على التحولات في العالم العربي، وبروز التيارات الإسلامية على سطح المشهد السياسي، والرهان المستقبلي على هذه التيارات، وتحليل الواقع من خلال استعادة نماذج تاريخية لاتزال شواهدها ماثلة على مسافة قريبة من المتابع، ولم يمل الرميحي من تشعب الطرح، ومشاركته الرؤى، لكن المحاورين ملوا وآثروا النوم في ظل تزعزع أفكار الرميحي التي ظنها بعضهم ثوابت غير قابلة للنقاش. طالع والأساطير وفي حيّز مكاني آخر، آثر الكاتب إبراهيم طالع الألمعي، إعادة فتح ملف الأساطير وعلاقتها بالواقع، مستثمراً ما طرحه المؤرخ محمد ربيع الغامدي منذ أيام في ورقة عمل عن أساطير السراة في تهامة، داعياً ربيع إلى الاشتغال على رصد الأساطير بعيداً عن المنهج الأكاديمي وتنظيرات المقعدين، كون جمالية الأسطورة في شعبيتها ورواجها، مؤكداً على ضرورة استغلال محمد ربيع لحسه السارد المشوق في طريقة العرض، ولو التزم بتتبع الأساطير وقدمها للقارئ كما هي لحقق منجزاً لم يسبقه إليه أحد. ولم يفوّت رئيس أدبي أبها السابق، أنور خليل، فرصة تقديم مداخلة حول كتابات كمال صليبي، وانتقال إبراهيم الخليل عليه السلام من مناطق زراعية إلى واد غير ذي زرع، ليثير شيئاً من شواهد الإعلامي عيسى سوادي، وربطه بين أساطير أهل الجنوب وأساطير أمريكا اللاتينية، في حين علّق الشاعر سعد الثقفي على الأساطير بإمكانية العلم عبر الحمض النووي بكشف وتحليل رفات الراحلين، لتوثيق الأسطورة، والتأكد من صحتها، فيما أصغى مريع سوادي، وظافر الجبيري، لوجهات النظر، مؤثرين أقداح الشاي والقهوة المفعّلة لسخونة الحوار. خال والرطيان وفاطمة وكعادتهما، يحقق الروائي عبده خال، والكاتب محمد الرطيان، شعبية واسعة، وجماهيرية عريضة، في كل مناسبة ثقافية، وبينما تطغى هموم المقالة على طاولة خال والرطيان، بحضور الدكتورة فاطمة إلياس، والدكتورة فائزة الحربي، والدكتورة فتحية عقاب، والكاتبة نجلاء مطري، والكاتبين شتيوي الغيثي، وقالط العنزي، يتناولان شيئاً من علاقة الكتاب بالرقباء، وفضاء التقنية، ودوره في توسيع دوائر الحرية الكتابية، ما دفع خال إلى القول بأن الكتابة عن القضايا الساخنة بحكمة مدعاة للقبول وتحقيق هدف ورؤية، ليرد الرطيان بأن الكاتب كلاعب كرة القدم المحترف في مراوغته وتمريراته، مؤكداً احترامه لكل رؤساء التحرير الذين عمل معهم، كونهم يتفهمون وجهة نظر الكاتب، ويراعون مشاعره باستجابتهم لنشر المقالات، برغم ما تسببه أحياناً من ردود أفعال قاسية عليهم. ولم ينج فضاء الفيسبوك وتويتر من مطاولته بالنقد، كونه فضاء تنفيس خاضع للرقيب الأكثر تسامحاً من الرقيب الورقي. موكلي وحفلة فيروز ولا تكاد تخلو جلسة حوار يحضرها الشاعر عبدالرحمن الموكلي دون أن يزينها بحديث البيئة، وفضاء المكان والإنسان، مستعيداً مواسم الأسماك في جازان، ومنها (سمك المجفنن)، وشارحاً لرئيس أدبي حائل السابق عبدالسلام الحميد ارتباط الحوت بالأماكن في مواسم محددة، ومنها موسم الحريد الفرساني، فيما عرّج الموكلي وصديقه الشاعر غرم الله الصقاعي على فضاء معرض بيروت للكتاب، وحضور حفلة فيروز، رابطين بين روعة السيدة فيروز وتجلياتها في المناسبات الثقافية، وبين بيروت، كونها ذاكرة لا تشيخ. محمد الرطيان