كقراءة لمستقبل الأنظمة بعد الربيع العربي، حاول المشاركون في جلسات اليوم الثاني من مؤتمر فكر العاشر أمس، الإجابة على مفهوم بلورة الحراك السياسي العربي بين الدولة وتحدي اللادولة. وبدأ الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى حديثه كمشارك في جلسة عن "الدولة"، بقراءة تحليلية للمرحلة الحالية في العالم العربي، معتبرا أن "تعبير الربيع العربي ليس دقيقاً، وما زلنا في البداية والحديث عن ما بعد الربيع ما زال مبكراً"، مستطردا في شرح التغيير رابطاً إياه بحالةٍ تاريخية، ومؤكداً فشل النظم الديكتاتورية في الحكم في البلاد العربية. وقال موسى: الأنظمة العربية لا تتفق، أو على الأقل البعض منها، على عكس الشعوب، بدليل تأثير ما حصل في تونس على باقي الدول العربية، لافتا إلى أن العرب اليوم أمام عهد جديد "يطرقون بابه بقوة من خلال الانتخابات الديموقراطية التي يليها عمل كبير من أجل الإصلاح، تماماً كما في مصر بعد الأخطاء والخلل في الحكم لأنها مرتبطة مع الجوار العربي، الأفريقي والمتوسطي". أما وزير الثقافة الجزائري السابق محيي الدين عميمور فرأى ضرورة الانتقال من الثورة في الدولة إلى دولة الثورة، مبينا أن بعض الشعوب ضاقت بما تتعرض له من مضايقات وقمع وممارسات مهينة لحقوقها ومطالبها. وفي تأكيد على دور الشعوب في التغيير وبناء الدولة قال عميمور: المجلس النيابي ليس بديلاً عن شرعية الشارع، معربا عن خوفه وقلقه الكبير على مصير سورية نظراً لحجم التناقضات والأطماع حولها، خاتماً كلامه بتساؤل عن شرعية الدولة المقبلة واستقرارها وأمنها. في حين أشار وزير الإعلام اللبناني السابق طارق متري عبر مشاركته، إلى أن الأنظمة الاستبدادية خلقت تعارضاً بين فكرة الوطنية والديموقراطية، موضحا أن مشروع بناء الدولة "أعمق وأبعد من امتلاك وتداول السلطة.. فالديموقراطية تقوم على مبدأ فصل السلطات والتوازن والتعاون فيما بينها". واختتم متري قائلاً: إن توحيد المجتمع يجب أن يبدأ بالاعتراف بالتنوع مما ينتج مؤسسات تكفل وحدة المجتمع وتحترم تنوعه. أما الكاتب في صحيفة الرياض علي الخشيبان، فلفت إلى "الدور الكبير للمثقفين في إحداث التغيير"، مضيفاً أن التفاؤل أو التشاؤم المطلق حول أشكال الدول المقبلة لا يجوز. وقال "الفرصة متاحة أمام جميع الدول العربية من أجل أن الإصلاح السياسي يتضمن إعادة هيكلية في مؤسسات الدولة، وإشراك الشباب في المرحلة الانتقالية". في حين رأى مدير وحدة الحكم الصالح في مكتب الرئيس سعد الحريري خليل جبارة أن "الربيع العربي ليس منتجاً مستورداً بل حالة وطنية تعبر عن كلّ دولة بمفردها"، مشيرا إلى أن "الشارع العربي فقد دوره في الثمانينات واستعاده اليوم، وأضاف "المسألة السياسية ظهرت بذورها التي تعزز مفهوم الديموقراطية".