أثار مجموعة من الشباب والشابات ضجة، أمس، احتجاجاً على عدم السماح لهم بالمداخلات، وغادروا القاعة قبل نهاية جلسة “الدولة”، وهي الأولى في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي العاشر لمؤسّسة الفكر العربي، الذي يعقد بدبي تحت عنوان “ماذا بعد الربيع؟”. وعلّقت إحدى الحاضرات على ما حدث بأن الشباب صاروا “ديكتاتوريين” بفعل أحداث ونتائج “الربيع العربي”. وبرر مدير الجلسة محمود الورواري تأخير أخذ مداخلات الشباب بأن الجلسة تندرج ضمن برنامج “حوار العرب”، الذي يبث على قناة العربية برعاية مؤسسة الفكر العربي، ولابد من اكتمال الحلقة بأحاديث الضيوف، وبعد ذلك يفتح المجال للحوار مع الحضور. طرحت جلسات أمس أسئلة أكثر حساسية وعمقاً يبحث الشارع العربي عن إجابات لها، واختلف الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى مع الآخرين، معترضاً على مصطلح “الشارع العربي”، ومقترحاً استخدام مصطلحات بديلة، مثل الرأي العام، أو الناس، وليس الشارع. فيما استمر بقية المتحدثين باستخدام تعبير “الشارع العربي” للدلالة على المحتجين والمتظاهرين وأصحاب المطالب في الدول العربية. كما أكد المشاركون في الجلسة الصباحية أن شرعية أي نظام تأتي من الشعب، وناقشوا مفهوم النخب الثقافية، ورأوا أنها لم تقدم كثيراً للثورات. وكان عنوان “الدولة” هو المسيطر على الحوارات في الجلسة الثالثة من “فكر 10′′، وهي الأولى صباح أمس، وتمحورت الفكرة في أنه بعد تمدد الثورات الراهنة، بات من الصعب على مختلف الأنظمة أن تتغاضى عن ضرورة الإصلاحات التي لا تنفك الشعوب العربية تنادي بها. فأصبح من الضروري اليوم أن تقوم هذه الأنظمة بمراجعة موضوعيّة، وأن تتقن رسم خارطة طريق توافقية تتلاءم والإرادة الشعبية العامة في سياستها وبرامجها. والاعتراف بالتنوع وتعيد بناء هيكلية الدولة ومؤسساتها بدل أن تقوم بعض الدول بإقناع الناس بأنه لا بديل لها سوى الفوضى. وتم بحث السبل التي يمكن عبرها قراءة مستقبل الأنظمة بعد الربيع العربي، بالإضافة إلى الهوية المقبلة للحراك السياسي العربي بين حالتي الدولة وتحدي اللا دولة. كما ناقش المشاركون فكرة التخوف مما بعد الربيع العربي، خاصة التخوف من وصول أحزاب الإسلام السياسي للحكم. أدار الجلسة محمود الورواري، مقدم برنامج “حوار العرب” على “قناة العربية”، مصر، وشارك فيها طارق متري، لبنان، وعلي الخشيبان،السعودية، وعمرو موسى، مصر، ومحيي الدين عميمور،الجزائر، وخليل جبارة، لبنان. رأى المتحدثون في الجلسة الرابعة، التي عقدت تحت عنوان “العرب والجوار والعالم” أنه برغم أن ما سمّي ب”الربيع العربي” عمّ بعض البلدان العربية، إلا أن دولاً عربية عديدة بقيت في معزل عن الاضطرابات. ليتم طرح احتمال أن يكون “الربيع العربي” محفزاً لها نحو مزيد من العمل على الترابط، ودعم أسس الدولة الحديثة، لتكون قوية ومتماسكة.وفي هذا الإطار، أبدى الأمير تركي الفيصل تفاؤله بمستقبل جيد لعلاقات العرب مع بعضهم، ومع دول الجوار. أدار الجلسة سعد بن طفلة العجمي، الكويت، وتحدث خلالها الأمير تركي الفيصل، وعبد الحسين شعبان،العراق، ومحمد الحسن ولد لبات، موريتانيا، ومفتاح طويليب، ليبيا. وتناقش المشاركون حول مدى تأثير “الربيع العربي” على العلاقات بين الدول العربية، وهل الوضع الجديد سيشهد ظهور تحالفات عربية جديدة، أو تقوية وتفعيل العالم العربي المشترك من خلال الجامعة العربية؟ وتساءل المتحدثون عن الدور الذي قد تلعبه دول الجوار في رسم الأحداث العربية، وإمكانية محافظة الدول غير العربية على العلاقة ذاتها التي كانت تجمعها مع الدول العربية قبل الربيع العربي، وطرحت فكرة استشراف العلاقات العربية بكل من إيران وتركيا، كحالتين تمثلان دول الجوار. وكذلك تداعيات التدخل الأجنبي في أحداث الربيع العربي، وما إذا كان مثل هذا التدخل جائزاً ومقبولاً. أما الجلسة الخامسة فكانت تحت عنوان “هل للثقافة من ربيع؟”، ضمن فكرة توضح أن ثقافة الشعوب تشكل عنصراً رئيساً في تحديد الهوية، ولها مساحات واسعة على صفحات تاريخها. والثقافة دائماً تلعب إلى جانب السياسة دوراً مهماً في استيعاب تاريخ الشعوب، وتحديد مصيرها، ورسم مستقبلها. لذلك، لا يمكن التغاضي عن دور الثقافة في هذه الحقبة الجديدة من تاريخ العرب.ونوقش الدور الفعلي للمثقف، وكيف يمكن ترجمته على أرض الواقع إن كان موجوداً. أدار الجلسة صلاح جرار، وزير الثقافة الأردني، وشارك فيها كل من الطاهر لبيب، تونس، وزياد الدريس،السعودية، وضياء الموسوي، البحرين، وعبدالله ولد أباه، موريتانيا، وفاطمة الصايغ، الإمارات.