في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، احتشد آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير أمس لليوم الثاني على التوالي، واشتبكوا مع قوات الأمن التي أطلقت الرصاص والغاز المسيل للدموع. كما اندلعت مواجهات عنيفة أمام مبنى وزارة الداخلية عندما حاول المتظاهرون اجتياز الطريق المؤدية إليها وسط إغلاق تام لحركة المرور بالميدان، بينما قامت قوات الأمن بتدعيم مواقعها في الطرق المؤدية لمختلف الأماكن الحيوية. وشوهدت أرتال من سيارات الأمن المركزي وهي تجوب شوارع وسط البلد للحيلولة دون وصول الحشود الغاضبة. واعتبرت جماعة إخوان المسلمين هذه الأحداث "محاولة من أياد خفية لإفساد الانتخابات وإشاعة الفوضى"، مستنكرة قيام الشرطة بفض الاعتصام بالقوة طالما أنه لم يخالف القانون. وناشدت الجماعة في بيان أمس "العقلاء من أبناء مصر بتفويت الفرصة على من أرادوا السوء بالبلاد، وترك الميدان لتفويت الفرصة على الذين يسعون لوقف مسيرة مصر الحضارية ومحاولاتهم لتخريب الانتخابات وإدخال البلاد في الفوضى". من جانبها، اتهمت المؤسسة العسكرية جهات لم تسمها "بتحريك ما يجري في البلاد، والمتاجرة بملف الشهداء والمصابين"، في أول رد على المصادمات التي أودت بحياة قتيلين وإصابة المئات، وسط دعوات "بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى مهمة إدارة المرحلة الانتقالية لاستعادة الأمن وإجراء الانتخابات في موعدها". إلا أن عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء محسن الفنجري وجه انتقادات عدة لقوى سياسية، ورؤساء أحزاب، دون تسمية، وقال "الشعب يرى أن ما يحدث يعد من أهداف تسعى إليها جهات كثيرة كلنا يعلمها دون أن نحددها"، مطالبا "بعدم المتاجرة بملف الشهداء والمصابين". وتعهد "بأن الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها، كما تعهد بتسليم السلطة قبل نهاية العام إذا كانت الأمور على طبيعتها". وبدوره أعلن المتحدث الرسمي لوزارة الصحة محمد الشربيني "أن عدد الوفيات في الأحداث التي شهدها ميدان التحرير وبعض المحافظات أول من أمس بلغ حالتي وفاة، بالقاهرة والإسكندرية، فيما بلغ عدد المصابين 766 بينهم 750 مصابا في ميدان التحرير، 4 بالإسكندرية و12 بالسويس". كما أعلنت الوزارة عن سقوط 3 قتلى ورصابة 192 باشتباكات أمس. يأتي ذلك في الوقت الذي أرسلت فيه 68 شخصية عامة وسياسية و11 من شباب الثورة خطاباً إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، يتضمن 6 مطالب رئيسية للخروج من الأزمة الراهنة، على رأسها تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى وضع دستور للبلاد، وتسيير شؤونها. وعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا أمس لمناقشة تطورات الأحداث الأخيرة في ميدان التحرير، وعدد من المحافظات، وإجراءات إعادة الأمن والانضباط للشارع المصري. كما تابع المجلس إجراءات تأمين مقار الاقتراع استعدادا لإجراء الانتخابات التي ستبدأ في 28 نوفمبر الجاري. في سياق منفصل توفي أمس بإحدى مستشفيات القاهرة رئيس حزب مصر القومي والنائب البرلماني السابق طلعت السادات إثر أزمة قلبية مفاجئة تعرض لها أثناء مشاركته في ندوة انتخابية مساء أول من أمس مما استدعى نقله على الفور إلى المستشفى التي توفي فيها لاحقاً. من جهة أخرى، عاد سفير إسرائيل في مصر إسحق ليفانون إلى القاهرة أمس بعد شهرين من مغادرتها، في زيارة وداعية قصيرة تستغرق يوما ونصف لوداع زملائه وأصدقائه، وفقا لمصدر بالخارجية إسرائيلية أمس.