تواصلت المصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن المصرية في ميدان التحرير بقلب القاهرة ومحافظة الإسكندرية أمس، وسط مخاوف من عودة فرض حظر التجول الذي شهدته البلاد مع بداية الثورة، أو تعطيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراء المرحلة الأولى منها 28 نوفمبر الجاري. وارتفع أمس عدد المصابين بين قوات الشرطة والمتظاهرين إلى 780 مصابًا بينهم 40 شرطيًا، ووفاة ثلاثة بينهم شاب بمحافظة الإسكندرية. وواصلت قوات الأمن اغلاق الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية خشية الهجوم عليها من قبل المتظاهرين، واطلقت القنابل المسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين، فيما رشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة محولين ميدان التحرير الى «ساحة حرب». وتحاصر الشرطة العسكرية ميدان التحرير تمهيدًا لنزول قوات الجيش لتأمين الميدان كما قالت مصادر أمنية، بعد أن فشلت الشرطة في إخلاء الميدان من المتظاهرين المنتمين لعدد من التيارات المختلفة. وبعث 68 شخصية عامة و11 من شباب الثورة برسالة الى المشير محمد حسين طنطاوي يطالبونه بإقالة حكومة عصام شرف وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة تتولى إدارة ما تبقى من فترة انتقالية على أن تنقل إليها جميع الصلاحيات السياسية للمجلس العسكري، وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية في موعد غايته ابريل 2012، والبدء في هيكلة تامة لوزارة الداخلية تتضمن حل قطاع الأمن المركزي، وضمان محاكمة من تلوثت أيديهم بدماء المصريين، بينما دعا ائتلاف شباب الثورة في بيان صباح أمس جموع المواطنين الى الدخول في اعتصام مفتوح حتى تحقيق المطالب. من جانبه أعلن المجلس العسكري المصري على لسان اللواء محسن الفنجرى انه لا تعديل وزاري ولا نية لإقالة حكومة عصام شرف لأن الانتخابات البرلمانية باتت على الأبواب، فى حين يطالب المتظاهرون بإقالة حكومة شرف. واتهم الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة قوى سياسية -لم يسمها- بالعمل وفق أجندات خارجية ومحاولة تعطيل الانتخابات، من خلال تحريض مصابي الثورة على الاعتصام، مؤكدًا أن الانتخابات البرلمانية ستقام في موعدها، وقال إن المجلس العسكري قادر على تأمين مصر وحمايتها بتعاون الشعب، وأن الجيش سيلعب الدور الرئيسي في تأمين الانتخابات، مناشدًا المواطنين المشاركة في الانتخابات لاختيار أنسب من يمثلهم، مضيفا أن القوات المسلحة ستعود إلى ثكناتها قبل نهاية عام 2012 اذا هدأت الامور. من جانبه أعلن مجلس الوزراء المصري أمس أن ما يحدث أمر خطير ويؤثر بشكل مباشر على مسيرة البلاد والثورة، وأوضح في بيان أن التظاهر السلمي حق دستوري لا يمكن المساس به، وأن تطور الأحداث بهذه الصورة المتلاحقة يحتاج من الجميع العودة السريعة لتحكيم العقل وتحمل المسؤولية، مضيفا: يجري الآن الوقوف على ملابسات الأحداث وسيتم عرضها بشفافية ووضوح على الشعب خلال أيام قليلة. من جانب آخر عقد وزير الداخلية المصري اللواء منصور العيسوي اجتماعًا طارئًا أمس مع القيادات الأمنية لمتابعة الأحداث المتلاحقة والاشتباكات التي وقعت بين المتظاهرين ورجال الأمن، بقصد التوصل إلى أسباب وقوعها،والمتسبب فيها، في محاولة للسيطرة على الأمر، كما شكلت الوزارة غرفة عمليات طارئة ضمت مساعدي أول الوزير لقطاع الأمن العام والأمن المركزي وأمن القاهرة لبحث الأمر قبل التصعيد. ووصف اللواء عماد الدين الوكيل، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، المتواجدين في ميدان التحرير الآن ب»بالبلطجية وعديمي الأدب» وأنهم ليسوا ثوارًا ولا يتبعون أى فصيل سياسي، وليس لهم أي علاقة بالثورة. وقال إن الذين كانوا في التحرير كانوا يحملون بنادق خرطوش وقنابل، نافياَ أن تكون الشرطة استخدمت الخرطوش ضد المتظاهرين، لأنها لم تكن مسلحة ببنادق الخرطوش من الأساس، ولم تستخدم سوى قنابل الغاز المسيلة للدموع فقط. وحول تفسيره للإصابات في العين بين صفوف المتظاهرين قال الوكيل: الإصابات قد تكون بسبب الزجاج والحجارة الذي القي من الجانبين، وقوات الأمن قامت بالانسحاب من الشوارع المتفرعة من ميدان التحرير، وتفرغت لحماية مبنى وزارة الداخلية لمنع أي محاولة لاقتحامها. ونفى مصدر أمني ل»المدينة» ما تردد عن تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال إن ما تردد عن إعلان التعبئة العامة لا أساس له من الصحة.