استطاع أهالي قرى محلية والعين في محافظة رجال ألمع، أن يفكوا عزلتهم عبر شق طريق يبلغ طولها أكثر من سبعة كيلو مترات، على نفقتهم الخاصة من خلال جمع التبرعات. ويرى الأهالي أن الطريق التي شقوها بأنفسهم عبر الجبال وأنشأوا لها جسوراً استنادية من الحجارة، جاءت لتنقذ مرضاهم بتسهيل الوصول إلى مستشفى المحافظة، وإخراج أكثر من خمسمئة أسرة من عزلتها التامة التي فرضها عليهم عدم وجود طريق تؤدي إلى الطريق العامة في المحافظة التي تربطها بمنطقة جازان. وكان تحرك الأهالي هو الخطوة الأولى التي دفعت البلدية لاستكمال تنفيذ الطريق بتوسعته وسفلتته. وقال رئيس بلدية رجال ألمع حسين علي رجب إن المواطنين شقوا الطريق بأنفسهم، واستكملته البلدية بالتوسعة والسفلته. وعانى الأهالي كثيراً مع الوادي الذي يخترق قراهم ويعزلهم عن خدماتهم وعن المستشفى خاصة مع هطول الأمطار وجريان السيول، مما كان يتطلب منهم إعادة تأهيل الطريق بعد السيل بواسطة أدوات الحفر اليدوية مثل: "الكريك" و"المسحاة" وغيرها. وأوضح نائب قرى محلية أحمد محمد أن تعاون الأهالي وتبرعاتهم من حساباتهم الشخصية كان وراء إنجاز المشروع وكان لمشاهدتهم أثر تبرعاتهم حقيقة على أرض الواقع ينعمون به، وقع إيجابي كبير في نفوسهم. وقال: الأهالي عزموا على فتح باب التبرع لتنفيذ المشروع من بداية الوادي وحتى نهايته، وبالفعل تم الاتفاق على إنشاء الطريق لتتجلى قيمة التعاون والتكاتف وانتماء المواطن لوطنه رغم قلة دخل أغلب المتبرعين، فقليل منهم من يعمل بوظيفة، والأغلبية تعتمد على المساعدات التي يوفرها الضمان الاجتماعي. وتابع: بالفعل نجح الأهالي في تحويل طريقهم البدائية التي كانت تعبر وسط الوادي وتجرفها السيول دائمًا، إلى طريق جيدة تم العبور بها من الجبال وبعض الأملاك الخاصة لمواطنين تبرعوا بها للمصلحة العامة. وأكد أنه تم تنفيذ الطريق دون انتظار رأي المهندسين وإنما بخبرة الأهالي وخاصة كبارالسن الذين ساهموا في تخطيط مسار الطريق لتجنب الأودية. وتحدث المواطن محمد علي حديش فقال: كانت معاناتنا مع المريض الذي تستدعي حالته نقله إلى المستشفى سريعاً بينما جرفت السيول الوادي، ولا نستطيع الوصول به إلى المستشفى إلا بحمله على الأكتاف حتى نصل إلى الطريق العام، أما الآن فبفضل الله ثم بتعاون أهالي هذه القرى تم تنفيذ الطريق وباشرت البلدية سفلتته. وأكد المواطن أحمد محمد حديش أن هناك هجرة لأهالي هذه القرى ولكن بعدما نفذ الطريق تراجع كثير عن عزمه على الانتقال للعيش في مكان آخر وعاد كثير ممن هجروها. أما المواطن حسن آل هداش فقال: كنا نعاني من مشقة كبيرة وعندما تكون لدينا امرأة في حالة مخاض نضطر لحملها على كرسي بواسطة مجموعة من الرجال إلى الطريق العام حتى تصل إلى المستشفى، أما الآن فقد تغيرت الصورة تماما بفضل المشروع الذي بدأنا العمل فيه قبل عامين وكلفنا أكثر من مليون ريال، حيث تضمن المشروع شق الجبال، وإنشاء جسور استنادية من الحجارة لحمايته من جرف السيول في الوادي. وأضاف آل هداش أن الطريق يخدم مدرستين ابتدائيتين للبنين والبنات أيضاً، ونتوقع أن يخدم السياحة في الوادي والقرى المحيطة به حيث الأشجار المتنوعة والأجواء الدافئة، إضافة إلى ينابيع المياه التي تتدفق باستمرار وتصب في نهاية الوادي، كما أن هناك بعض الآثار في أعلى الوادي كقرى العدة والدعامة، فلدينا آثار نأمل أن تكون مزارًا سياحيًا تشتمل على مبان قديمة لأكثر من ثمانمئة عام وتسمى هذه الحصون بحصون المعدة والدعامة، إضافة إلى المزارع القيمة.