لعب فن الصورة الشخصية "البورتريه" دورا متميزا خلال تاريخ تطور الفنون ابتداء من الفن الفرعوني، مرورا بعصر النهضة، وانتهاء بالفن المعاصر. فهو يترك انطباعا عن الأشخاص لاعتماده على تقديم الشخصية من خلال ملامح الوجه. وعندما يرسم الفنان تلك الوجوه لا ينقلها نقلا آليا كما تفعل الكاميرا الفوتوجرافية، بل ينقل ما تحمله من مشاعر وأحاسيس وتعابير. وهذا ما جعل راسكين يقول: "إن أفضل الصور الموجودة للمدارس العُظمى هي البورتريه". المتابع لأعمال الفنانين التشكيليين التي تصور شخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله يلحظ مدى ما يتمتع به من حب وتقدير في قلوبهم، ليس على مستوى التشكيل المحلي فحسب بل على امتداد مساحة الوطن العربي والإسلامي. كما أن هذه البورتريهات تتنوع في مواضيعها، وتقنياتها، ومدارسها. شخصية الأمير سلطان في أعمال الأمير خالد الفيصل تعكس صدق المشاعر في تعبيرية حالمة، وعجينة لونية خاصة، تتكرر في لوحاته وتنساب في حرية دون أن تعمد لإظهار تفاصيل الوجه قدر ما تحدد مساقط الضوء، إلى جانب تحقيق البعد الدرامي في العمل. بينما يمتزج فيها النص البصري مع النص الشعري في ثنائية لا تنفصل، فالحروف والكلمات والصور البلاغية تتداخل مع الخطوط والمساحات والألوان لأن الشعر والرسم لا يمكن أن يعيش كل واحد منهما بمعزل عن الآخر في أعمال الفيصل. ويتمثل ذلك جليا في بورتريه يقف على يده صقر، ويقابله نص شعري يقول فيه الفيصل: الطير يا عمي باسميه سلطان يا حيث به من شخص عمي مواري طير السعد طير الهدد طير حوران صقر الرجال أصخا بصقر الحباري كل على جنسه رفيع وله شان وأنا بهم ياهل المعرفة أماري عمي صليب الراس عمي كحيلان عمي على كسب النواميس ضاري. أما أعمال الفنان فايع الألمعي فنلحظ فيها دقة رسم الملامح، وتقنية تلوينية عالية استخدم فيها ضربات السكين السريعة التي تجعل المتلقي يقف عند كتل لونية تشده نحو البحث عن قيم لونية ذات دلالات رمزية، مع ما يغلف هذه البورتريهات من ملامح تعكس روح الشخصية. فهو لا يهمه أن تتعرف على الشخصية بقدر مدى فهمك لها. بينما تمثل شخصية الأمير سلطان في أعمال الفنان سعيد سعيّد الشهراني الأسلوب الواقعي الذي يعكس البساطة وصدق التعبير، جعلت بورتريهات الأمير مطلبا لجهات عدة، فاقتنتها كل من: وزارة الثقافة والإعلام، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والأميرة سلطانة بنت بدر، إضافة إلى جدارية لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان رحمه الله تزيد مساحتها على 120 مترا مربعا أهداها الشهراني لمحافظة خميس مشيط بمناسبة زيارته لها. وتُمثل الواقعية الجديدة التي ربط فيها تفاصيل الوجه مع حركة الجسم تماما كما يفعل الرسام السويسري هودلر تميزا لبورتريهات الفنان فهد النعيمة الذي يستخدم تقنية تشكيلية تجمع بين تأثيرات الفحم ودرجات أقلام الرصاص، وفق مواضيع متنوعة تصور أعمال الخير لسلطان الخير. وفي ذلك يقول النعيمة "كان لي الفخر بأن ريشتي قد رسمت ملامح الأب الحنون في أكثر من لوحة تجسد ما كان يقوم به من أعمال جليلة تخلد اسمه على مدى التاريخ، وازدادت سعادتي عندما اقتنى إحدى هذه اللوحات". بينما جاء بورتريه الأمير سلطان في لوحات الفنان السوري رياض محيسن العسكر مزيجا من الكلاسيكية والتأثيرية، مع التجديد في تجانس الخطوط والمساحات، ومعالجات لونية تذكرنا بما كان يفعل أصحاب الاتجاه التنقيطي في رسوماتهم. أما الفنان الأردني جلال أمين صالح فرسم شخصية الأمير سلطان بالكلمات مستخدما الخط العربي القاعدي الذي برع فيه، فأصبحت الكلمات ريشته والحروف خطوطه من خلال تكرار اسم (سلطان) في كامل العمل بحيث تقترب فيه الكلمات تارة وتتباعد تارة أخرى، كما تصغر وتكبر للتأكيد على الظل والنور والمنظور.