احتضنت قاعة قصر التذوق في الإسكندرية معرضاً فنياً لل «الأسرة الفنية» عكست الأعمال المعروضة فيه تلاقياً بين رؤى وخيالات الأجيال المختلفة التي تربطها أواصر عائلية وفنية أسهمت في انتقال الخبرات وتحقيق التحاور الإبداعي. المعرض أعطى المشاهد هامشاً للمشاركة في فهم اللوحات من خلال حوار ضمني بين اللوحة والمتلقي. ويضم المعرض الذي ينظم للمرة الثانية أعمالاً فنية للأم مها حسني تشاركها ابنتها الموهوبة هايدي عماد محروس (15 سنة) وشقيقها عبدالله (8 سنوات). قدم كل فرد من الأسرة الفنانة ما أكد معرفته وقدرته على استيعاب المفاهيم الفنية الأولية التي استطاع أن ينشئ عليها لوحته، ما جعل الحاضرين يلمسون محاولات جاهدة ويتنبؤون بمسيرة فنية مبشرة. فالعلاقات والتكوينات اللونية والشكلية لا تختلف كثيراً عن أصولها من الرسم العفوي المباشر للعناصر الهندسية والمسطحة، وتنوعت الأعمال المعروضة بين التصوير الزيتي والرسم في محاولة ذكية لرسم وجوه في حالات وطرق مزجت بين الرسم الفطري المباشر والاستثمار الشكلي والتكويني. وعكس المعرض حالة من التحاور بين المتناقضات بأرقى اللغات الإنسانية لغة الألوان والخطوط والمساحات والظلال والعناصر والمعالجات. تقول الفنانة مها: «كانت ريشتي تتحرك على اللوحات لتسرد قصتي مع المكان الذي أستوحي منه أعمالي، ودائماً تجد عيوناً ونظرات لحكايات وقصص وأساطير تفرض نفسها على لوحاتي... وفي المعرض رسمت العديد من البورتريهات التي تحمل جانباً كبيراً من معاناة المرأة وهمومها في جميع أوضاعها ومراحلها العمرية، فالبورتريه يعكس الحالة الشعورية الصادقة للإنسان فتظهر أحاسيس الفرد في ملامح وجهه مهما حاول إخفاءها أو إظهار مشاعر أخرى فنظرة واحدة لعينيه ومدى انبساط ملامحه تخبرني الكثير عما يدور في داخله». وتعتقد مها أن التأمل في مشاعر الآخرين أعلى درجات الحالة الإنسانية فهي ترسم بطريقة تعبيرية انطباعية. وتضيف: «أحاول أن أخطف حتى النَفَس الذي أتنفسه مع أية لوحة أرسمها، في تخليد للحظاتٍ مرت في حياتي، وإذا استطاع المتلقي التواصل مع الأعمال بطريقة صحيحة، سيصل إلى حقيقة اللحظات التي رُسِمَت فيها تلك اللوحات». وعن اختيارها لموضوعات لوحاتها تقول : «أشارك أصدقائي ومعارفي حكاياتهم ومشاكلهم وهي التي توحي لي بكثير من خطوط لوحاتي فأقوم بترجمة كل هذه المشاعر والأحداث لدلالات لونية مختلفة فأنا لم أدرس الفن أكاديمياً ولكني متذوقة وعاشقة لكل الفنون ودرست العديد من الدراسات الحرة واعتمد على فطرتي في اختيار الألوان والتفاصيل والتقطيعات المساحية التي تفكك الشكل وتحيله إلى هيئة جديدة من خلال علاقات لونية ومساحية متجانسه أو متعاكسة». وتوضح الفنانة المصرية أنها اتفقت مع هايدي وعبدالله على تقديم البورتريه في معرضهم الجماعي كعنصر موحد يعالجه كل منهم بفكره وخياله وثقافته وتجاربه. من جانبها تقول هايدي إنها تشارك عائلتها بأعمال فنية تحمل سمات الشخصية المصرية فهي تعشق الملامح المصرية بكل تفاصيلها وتنجذب بشدة الى لون البشرة الأسمر. ويرى الفنان عصمت داوستاشي، مكتشف الأسرة الفنانة، أن الشعب المصري منذ القدم شعب فنان، كانت له حضارة فنية عظيمة وكان كل أفراد الأسرة يرسمون.