امتدت أيادي سلطان الخير البيضاء لتشمل برعايتها الثقافة والمثقفين، فقد تعددت المنجزات الثقافية التي تأسست بدعمه ونجحت وتميزت بمتابعته وأصبحت شواهد حضارية وثقافية. مشروع "الملك عبدالعزيز آل سعود سيرته وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية" الذي شارك فيه نخبة مختارة وكوكبة ممن المؤرخين والأكاديميين من المختصين في الترجمة وتضمنت جميع الوثائق البريطانية والأمريكية والفرنسية التي تناولت الملك عبدالعزيز في 20 مجلدا يتراوح حجم كل واحد من 700 800 صفحة، يأتي في مقدمة المشاريع الثقافية التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله. ويهدف المشروع إلى توثيق حياة القائد العظيم منذ انطلق من الكويت ليستعيد الرياض في فترة كانت البلاد فيها ممزقة، كما يسهم في إدراك ضخامة الإنجاز الذي حققه الملك عبدالعزيز بالمقارنة بين حالة الفوضى التي كانت عليها المملكة وبينها بعد ما أصبحت على يده مملكة واحدة لها كل مقومات الدولة الحديثة. في 1992 دعم سلطان الخير مشروع الموسوعة العربية العالمية، وهي عمل موسوعي تعليمي ثقافي فريد في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، وقال الكاتب والباحث خالد اليوسف أن دعم وتوجيه الامير سلطان كان له الفضل في صدور الموسوعة العربية العالمية كأبرز الكتب العالمية، ورعايته لهذه الموسوعة الشاملة النادرة وإنجازها لأول مرة باللغة العربية. وبين اليوسف ان الامير سلطان دعم كذلك موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث، وأضاف: "هذين أقرب مثالين أمامي فالإحصاء في هذه العجالة صعب جداً، لكني أجزم أن الكتب التي صدرت برعايته كثيرة جداً؛ كما رعى رحمه الله جائزة أبها الثقافية في كثير من مواسمها، وكان لي شرف السلام عليه واستلام جائزة أبها عام 1420. ويضيف اليوسف كان رحمه الله شاهداً وسعيداً ومبتهجاً دوماً بجائزة الملك فيصل العالمية، سواءً في اجتماعاتها أو في تسليم الجوائز؛ أما المشاريع الثقافية فلا حدود لها، كالمراكز والمكتبات وغيرها، حيث عرف عنه رحمه الله أنه لا يرد أو يقف في طريق أي عمل ثقافي وطني، بل يدعمه مادياً ومعنوياً حتى يرى النور، ولن يستطيع المرء استرجاع كل أعماله أو بعضها لكثرتها، رحمه الله وأدخله فسيح جناته". دعم اللغة العربية لم ينس الامير الراحل اللغة العربية، حيث افتتح نجله الاكبر الاميرخالد بن سلطان في عام 2007 برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية في منظمة اليونسكو، والبرنامج أنشأته المندوبية السعودية في أعقاب زيارة الأمير سلطان لباريس عام 2006، وأعلن سموه خلال اللقاء تبرعه لمنظمة اليونسكو بمليون دولار لدعم اللغة العربية في مختلف نشاطات المنظمة، ثم قدّم تبرعا إلحاقيا بنصف مليون دولار يوضع تحت تصرف المجموعة العربية لدعم اللغة العربية وأصدرت من خلال البرنامج "النسخة العربية من كتاب "الفلسفة مدرسة للحرية". من جانبه، أكد الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري عضو اللجنة العلمية لموسوعة الأدب السعودي ان الامير سلطان دعم الموسوعة. ويضيف: "حينما زرناه في قصره بمحافظة جدة تبرع بثلاثة ملايين ريال ساهمت في خروجها الى النور وترجمتها الى اللغة الانجليزية، وتابعها شخصياً، حيث كان دائما السؤال عنها، ولم يكن هذا المشروع العلمى الوطنى الذي تناول مسيرة الادب والثقافة منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة وحتى هذا العهد الزاهر، لم يكن ليتحقق دون دعم ولي العهد. فيما يرى رئيس نادي الرياض الادبي الدكتورعبدالله الوشمي ان الامير سلطان كانت له أياد بيضاء على مسارات عدة؛ الدينية والدعوية والرسمية والعلمية والبيئية والخيرية والثقافية، ولعلي هنا أشير إلى مزية أعماله في المسار الخيري والثقافي، وتتمثل في التحول إلى العمل المؤسساتي، فسموه يضعها ضمن رابط ينتظمها فلا تصبح مرتهنة للوقت الطارئ، وإنما تحتضنها الجامعات والمؤسسات والمراكز والجوائز، وتلك سمة التفكير المنهجي الدائم الذي يتطلع إلى الاستمرارية في الأداء والنجاح. واستطرد الوشمي ان مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، وإلى جوائزه المتعددة، وإلى الموسوعات العلمية المتخصصة في الشؤون العالمية والثقافة التقليدية والأدب السعودي، وإلى المراكز الإسلامية والعربية في أنحاء العالم، وإلى الكراسي العلمية في مختلف التخصصات، وغيرها كثير في أنحاء العالم.