كان مشهدًا لافتا ذاك الذي جمع الجدة الفنانة التشكيلية منى المؤمن، مع الفنانة سلمى الشيخ، وابنتيها ليلى وفاطمة، والفنانة جود الشويش اللاتي لم يتخطين عقدهن الأول. فالجدة منى - وهي تستعد لدخول عقدها السادس - لا تزال تحتفظ ببريق ريشتها الفنية التي استوقفت زوار معرضها في القرية التراثية في مهرجان "فرحة العيد" الذي تنظمه أمانة الأحساء في متنزه الملك عبدالله البيئي. "الوطن" تجولت في ردهات المعرض الذي ضم أكثر من عشرين فنانة تشكيلية من مختلف الأعمار والتوجهات والمدارس، وأقيم من قبل جمعية الثقافة والفنون بالأحساء بقيادة رئيسها الدكتور سامي الجمعان والمشرفة على المعرض الفنانة سلمى الشيخ التي أوضحت ل"الوطن" أول من أمس أن المعرض لهذا العيد جاء ليبين للزائر المهارة الفنية التي تتمتع بها فنانات الأحساء، واللاتي لا يعرف عنهن الكثير ولا عن أسمائهن، مشيرة إلى وجود أكثر من مدرسة تشكيلية هنا، من المحاكاة والتقليدية والواقعية والكلاسيكية والرومانسية والسريالية وغير ذلك. ولفتت الشيخ إلى أن عددًا كبيرًا من الفنانات بدأن بتأثير من فنانين كبار، وبعد استمرارهن وإبداعهن أخذن خطًا مختلفًا لكي يميزهن عن الآخرين، ولكن في البداية لابد من الاستفادة من المدارس الأخرى، مضيفة أن أمانة الأحساء أحسنت اختيار المكان لورشة الرسم هنا في القرية التراثية حيث إنها لوحة أخرى بمبانيها ذات الطابع القديم والطراز المعماري الجذاب. الفنانة التشكيلية فاطمة الدهمش عرضت أكثر من لوحة وصل سعر الواحدة منها إلى 5000 ريال، وهي تسعى جاهدة إلى طرح نوع من الفن الخيالي المستوحى من الحياة اليومية تارة، ومن الواقع تارة أخرى؛ ولكن بلغة نخبوية أكثر عمقًا من السطحية المملة، تجريدية تحاكي التراث القديم والحرف اليدوية والمعالجات على السطوح ، وأشارت إلى أنها تهوى رسم الجمال والنخيل في كثير من أعمالها واختيار الألوان التراثية ذات طابع قديم وألوان الماضي مثل الصحراء. وعن بيع اللوحات قالت إن الفنان لا يرغب في بيع أي لوحة ولكن يضطر لكي يصدر فنه للآخرين ويعرف بنفسه. وقالت نشعر دائما بالفخر والتشجيع عندما نشاهد الزوار يسألون عن الصورة أو عن سبب اختيار الألوان. وفي سؤال حول كيفية التعامل مع السائلين الزائرين عندما يطلبون شرحا للوحة، قالت لابد أن يترك الفنان شيئًا للمشاهد لكي يعبر هو عما يراه وبتذوقه الثقافي. أما الفنانة أماني العرفج التي التقتها "الوطن" أمس وهي ترسم لوحة العرضة النجدية فقد اختارت للوحتها ثلاثة شخوص واكتفت بهم، وعند سؤالنا: إن في العرضة صفا طويلا من الرجال رافعين السيوف، يتمايلون كأغصان الشجر، وهنا ثلاثة فقط!، أجابت أماني: إن اللوحة لا يمكن لها أن تجمع كل الموجودات لما في ذلك تشتيت للذائقة؛ بل تكتفي بالرموز التي تحدث زلزالا في المتلقي. والمتجول في المعرض يشعر بتعددية الألوان والفن معًا، حيث خصص لكل فنانة غرفة ترسم فيها وتعرض لوحاتها، ولم يتردد هؤلاء الفنانات أو يتضجرن من كثرة الأسئلة التي يطرحها الزائرون عليهن، فترى الواحدة تستقبل أكثر من خمسة أسئلة دفعةً واحدة لتتوقف فرشاتها عن الرسم وتجيب بكل رحابة صدر-رغم بدائية الأسئلة التي تقابل بإجابة فنية وأخرى معمقة حسب السائل.