يستعد الثوار الليبيون لخوض معركة فاصلة في غرب ليبيا ضد كتائب القذافي عبر كسر الحصار المفروض على مدينة زوارة على الطريق الإستراتيجية بين طرابلسوتونس، وهم يراهنون على انهيار آخر جيوب المقاومة للقوى الموالية للقذافي. وقال أنور المشري أحد المسؤولين العسكريين لدى الثوار وهو في الزنتان المعقل الإستراتيجي للثوار في غرب البلاد "إن شاء الله ننتهي قريباً". ومنذ الأربعاء الماضي يحشد الثوار قواتهم لدعم زوارة المدينة التي يتحدر سكانها من البربر وتقع على الشاطىء على بعد نحو ثلاثين كلم شرق الحدود مع تونس. وكانت زوارة تحررت قبل أربعة أيام إلا أن قوات القذافي سرعان ما حاصرتها. وفي حال سقطت هذه المنطقة بايدي الثوار فإن مركز رأس جدير الحدودي مع تونس الذي لا يزال بأيدي قوات القذافي سيصبح بحكم الساقط ولن يكون بمقدور الزعيم الليبي استخدامه لمغادرة البلاد في حال رغب بذلك. من جهتهم يحاول ثوار النالوت التقدم شمالاً باتجاه زوارة ويبلغ عددهم نحو سبعة آلاف مقاتل. وقد باتوا على بعد نحو مئة كلم من زوارة، حسب ما قال رئيس المجلس العسكري في تلك المدينة العقيد مسعود سالم. ولا يزال أنصار القذافي يبدون مقاومة شرسة في مواجهة قوات الثوار رغم انتقال المجلس التنفيذي للمجلس الانتقالي من بنغازي إلى العاصمة طرابلس. ويهدف الثوار حالياً إلى السيطرة على مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وتتركز المواجهات بين الجانبين في محيط مدينة سرت ومدينة سبها التي لا تخضع بشكل كامل حتى الآن لسيطرة الثوار. وناشدت قوات الثوار سكان مدينة سرت بتسليم المدينة دون قتال مقابل ألا يدخل المدينة سوى المقاتلين المنحدرين منها. وتجمعت قوات تابعة للثوار بالقرب من المدينة التي تتحصن فيها وحدات تابعة للقذافي وأنصاره. وأعلن الثوار الليبيون عن وقوع معارك ضارية في مدينة سبها منذ الأربعاء بين الثوار وكتائب موالية للعقيد الليبي يقودها مسعود عبد الحفيظ القذافي. وذكر الثوار أن هذه المعارك أسفرت عن "استشهاد عدد كبير من قواتهم" في معركة السيطرة على مبنى الاستخبارات العسكرية بحي القرضة حيث تمكنوا من رفع علم الاستقلال بعد معارك شرسة. وأعلن الثوار أنهم سيطروا على حي القرضة بالكامل، وعلى معظم حي المنشية. وشنت طائرات بريطانية من طراز تورنادو هجوماً بالصواريخ "على مقر كبير للقيادة تحت الأرض في سرت". ونفى وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أن يكون حلف شمال الأطلسي يستهدف القذافي. وقال "المسألة ليست معرفة مكان القذافي وإنما التأكد من أن النظام ليست لديه القدرة على مواصلة شن حرب على شعبه". أضاف "كان الهدف من هجومنا على الموقع تحت الأرض في سرت الليلة الماضية هو التأكد من أنه لا يوجد مركز قيادة وسيطرة بديل إذا حاول النظام ترك طرابلس". وقال الثوار إنهم أرسلوا وحدات قوات خاصة لملاحقة القذافي بعد أن سرت شائعات حول محاصرة أو معرفة مكان القذافي أو أبنائه. وقال عقيد في المعارضة إنهم يستهدفون عدة مناطق لملاحقة القذافي، مضيفاً أن المعارضين يرسلون قوات خاصة كل يوم لملاحقة العقيد وإن وحدة واحدة تقوم بأعمال المخابرات بينما تلاحقه الوحدات الأخرى. وفي سياق متصل يفيد مسؤولون أميركيون سابقون وحاليون إن الوكالات الاستخباراتية الأميركية تضطلع بدور حيوي في تعقب الزعيم المطارد، غير انها تحرص على الإبقاء على هذا الدور بعيداً عن الأنظار. ورغم أن الجيش الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية يسعيان للنأي بواشنطن عن عملية تعقب القذافي، إلا أن مسؤولين حاليين وسابقين أقروا بأن الوكالات الاستخباراتية الأميركية تولي القبض على الزعيم الهارب أهمية خاصة. وقال نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي علي الترهوني إن رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل سيصل إلى طرابلس عندما يسمح الوضع الأمني بذلك. وأضاف "أعلن بدء استئناف عمل اللجنة التنفيذية في طرابلس". ودعا الترهوني القوات الموالية للقذافي لإلقاء السلاح واعداً بمعاملتهم "وفق القانون". وقال "إذا ألقيتم سلاحكم وعدتم إلى دياركم فلن نثأر منكم، القانون بيننا وبينكم، وأضمن سلامتكم". وتابع "نحن أحرار. إننا نتحرك بحرية في مدننا. القذافي الذي يقبع في المجارير سنمسك به". ويحرص المجلس الانتقالي على العثور على القذافي لإعلان النصر النهائي بعد ستة أشهر من أعمال العنف. وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أفرج عن 1.5 مليار دولار من الأرصدة الليبية المجمدة حتى يتسنى استخدامها لتقديم مساعدات عاجلة؛ بعد توصل الولاياتالمتحدة وجنوب أفريقيا إلى اتفاق بهذا الشأن. وقال محمود جبريل الرجل الثاني في المجلس الانتقالي ورئيس المكتب التنفيذي أمس في إسطنبول إنه من الضروري أن يفرج الغرب عن كافة الأرصدة الليبية التي جمدت بمقتضى عقوبات فرضتها الأممالمتحدة على نظام القذافي. وقال جبريل في مؤتمر صحفي "ينتظر الكثير من الحكومة الجديدة بعد سقوط النظام والإفراج عن الأرصدة المجمدة أساسي لنجاحها".