توقع تقرير صدر حديثا عن دائرة الدراسات الاقتصادية والبحوث في جدوى للاستثمار أن تتفادى المملكة الدخول في حلقة الكساد في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي فترة من النمو المتباطئ، إلا أن الإنفاق الحكومي المرتفع سيدفع الاقتصاد السعودي إلى الانتعاش. وتوقع ألا تتراجع أسعار النفط إلى الحد الذي يهدد الإنفاق الحكومي في المملكة. وقدر أن مستوى 84 دولارا للبرميل للخامات السعودية كاف لأن تحقق الميزانية فائضا العام الجاري، بينما يكفي مستوى 79 دولارا للبرميل للعام المقبل، إلا أنه حتى إذا انخفضت الأسعار دون ذلك المستوى، فيمكن تمويل الإنفاق بالسحب من الاحتياطات المالية للدولة. وذكر التقرير أن العالم طرأت عليه مستجدات في السياسات الاقتصادية من شأنها أن تنعكس على المملكة على المدى المتوسط، إذ ربما يتسبب تعهد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بالحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة جداً لعامين إضافيين أو أكثر في خلق ضغوط تضخمية، وربما يؤدي الإقرار بالخلل في مؤسسات منطقة اليورو إلى دفع جهود دول مجلس التعاون لتبني عملة خليجية موحدة إلى الوراء. وأكد أن خطوة الفيدرالي الأميركي لها تداعيات مهمة بالنسبة للمملكة بسبب ربط الريال بالدولار، حيث يستدعي الربط تحرك العملتين معا في البلدين. وفي ظل غياب القيود على حركة رأس المال من المملكة وإليها، فإن أي فروقات كبيرة في أسعار الفائدة بين الريال والدولار ربما تؤدي إلى نزوح أموال كبيرة إلى المملكة إذا ارتفع سعر الفائدة فيها بصورة كبيرة مقارنة بالولايات المتحدة والعكس صحيح. وكانت أسعار الفائدة ملائمة للمملكة في أغلب تلك الفترة، وخاصة في ظل انحسار الضغوط التضخمية والنمو الضعيف في القروض المصرفية، إلا أن مبررات إبقاء أسعار الفائدة في المملكة متدنية لعامين آخرين ليست مقنعة. وتوقع التقرير أن يأخذ التضخم في التراجع بنهاية العام، وأن تحول عوامل التضخم مسارها من الخارج عبر أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى المرتفعة إلى الداخل عندما تتسارع وتيرة الإنفاق الحكومي والإقراض المصرفي. وتعتبر أسعار الفائدة المرتفعة أكثر فاعلية في كبح التضخم, الذي تتسبب فيه العوامل المحلية، وهناك سياسات أخرى تستطيع المملكة اللجوء اليها مثل تحديد الأسعار أو تعديل الاحتياطات القانونية للبنوك أو بيع وشراء أدوات الدين من أجل التحكم في السيولة، لكن فاعليتها ليست على درجة أسعار الفائدة نفسها. ومن شأن اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي قراراً بتطبيق جولة جديدة من التيسير الكمي من خلال شراء السندات الحكومية طويلة الأجل أن يساهم أيضاً في إضعاف الدولار، ومن شأن الدولار الضعيف وسعر الفائدة المتدني بالتضافر مع الضغوط التضخمية والنمو الاقتصادي القوي في المملكة أن تؤدي مجتمعة لتزايد الضغوط على سياسة الربط بين الريال والدولار.