تشهد تجارة الذهب بالسوق المحلية تراجعاً حاداً في حجم الإقبال على منتجات المعدن الأصفر نظراً لارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية بسبب ابتعاد المستثمرين العالميين عن تجارة العملات والتحول نحو الملاذات الآمنة مثل الثمينة، وذلك على خلفية تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو والنزاع القائم في الولاياتالمتحدة حول رفع سقف الديون الأمريكية، وذلك بحسب مستثمرين محليين في الذهب حذروا من ارتفاعات قد تطال جميع السلع وترفع نسب التضخم في المملكة. وكان سعر أونصة الذهب سجل الاثنين الماضي رقماً قياسياً تاريخياً جديداً بتجاوزه للمرة الأولى عتبة 1600 دولار. وقال عضو غرفة التجارة الدولية ورئيس لجنة الذهب في غرفة الشرقية سابقاً عبد اللطيف النمر إن التأثر الأساسي في ارتفاع سعر الذهب مرتبط بالوضع الاقتصادي العالمي، إذ إن التذبذبات الحادة وما تبعها من صعود لسعر الذهب تعود في المقام الأول إلى توجه المستثمرين إلى القيم الآمنة مثل المعادن الثمينة على خلفية المخاوف من تفاقم أزمة الديون السيادية، إلى جانب ارتفاع حجم المبالغ المطبوعة مقابل الحجم الفعلي للأرصدة. وأضاف أن الذهب واصل ارتفاعه منذ الأسبوع الماضي تحت ضغط عدة عوامل تدفع المستثمرين إلى الحذر في توظيف استثماراتهم في العملات، حيث أقلقهم تفاقم أزمة الديون في منطقة اليورو والمفاوضات غير المثمرة حتى الآن حول سقف الدين العام في الولاياتالمتحدة، إلى جانب اختبارات المقاومة للمصارف الأوروبية التي نشرت نتائجها الجمعة. وأوضح النمر أن قوة الذهب لا تزال تحافظ على مكانتها على اعتباره الملاذ الآمن في ميزانيات الدول، داعياً في الوقت نفسه إلى ضرورة أن يكون حجم الكميات العينية من مخزون الذهب بالمملكة أكثر من الكميات المطبوعة لأن حجم الضرر من ديون منطقة اليورو لا يمكن حصره بنسبة معينة؛ لكونه مرتبطاً بما يسمى حجم "الخط الأسود"، أي غير واضح المعالم في مدى تأثيره. من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي خالد العثمان أن تأثير الديون في منطقة اليورو لن يكون محصوراً ضمن قطاع الذهب، بل إن السلع جميعها في ارتفاع متباين، إذ إن التوقعات تشير إلى أن معدلات التضخم في المملكة ستكون بين 4% و 6%. وفي سياق متصل، قال صاحب مصنع الذهب حسين الخليفة أن حجم سوق الذهب في المملكة يدر مليارات الريالات، موضحاً أن التذبذبات الأخيرة في أسعار الذهب تتحكم فيها السوق العالمية وعمليات البيع والشراء، التي تعتمد على من يملك القوة الاقتصادية والسيطرة في التحكم من خلال أرصدته الضخمة بالسوق، مؤكداً في الوقت نفسه على أن مسألة الديون في منطقة اليورو قد أثرت بحجم الطلب على الذهب، حيث شهد هذا القطاع خلال السنوات القليلة تغييرات في العادات الشرائية حدت من نسبة الاستهلاك بين الزبائن الذين أصبحوا لا يفضلون شراء الذهب وهو في أعلى مستوياته السعرية، إلا في حالات يجبر الزبون فيها على الشراء في مناسبات اجتماعية خاصة.