انتهى أطول موسم رياضي في تاريخ كرة القدم بالمملكة بخيره وشره.. بفرحه وحزنه.. بالتتويج وبالهبوط.. بقرارات واستقالات وإقالات تاريخية.. هذا الموسم شهد العديد من المفارقات والعجائب والفضائح التي هزت الوسط الرياضي السعودي. لم نشاهد كرة قدم حقيقية طوال الموسم، ولم نشاهد المستويات الفنية الرائعة التي كانت تميز الدوري السعودي؛ والدليل أن الهلال حسم الدوري قبل نهايته بعدة جولات، ولكن شاهدنا قضايا أقل ما يقال عنها أنها دخيلة على الرياضة السعودية، البرامج الرياضية ناقشت هذه القضايا أكثر مما ناقشت المستويات الفنية، بل أصبحت القنوات الفضائية هي الباب الوحيد لكل من له حق من أجل الضغط على الاتحاد السعودي. خلال التقرير التالي نسلط الضوء على أبرز القضايا التي شهدها الوسط الرياضي خلال الموسم المنتهي قبل عدة أيام. إقالة العبدالهادي من المفارقات العجيبة في هذا الموسم كثرة المشاكل وكثرة التخبطات في قرارات اتحاد القدم؛ وهذا ما جعل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأمير نواف بن فيصل يعفي الأمين العام لكرة القدم فيصل العبدالهادي من منصبه؛ وذلك على خلفية أحداث مباراة الذهاب بين فريقي الأهلي والشباب ضمن مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، التي ترتب عليها احتجاج تقدم به النادي الأهلي لمشاركة لاعب نادي الشباب عبدالعزيز السعران في المباراة وهو موقوف من قبل الاتحاد الآسيوي أثناء مشاركة الفريق في دوري أبطال آسيا، وحصول نادي الشباب على خطاب من الأمانة العامة للاتحاد السعودي افتقد إلى الدقة وأدى إلى مشاركة اللاعب في مباراة الذهاب في مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين، وكان قرار الرئيس العام لرعاية الشباب قد اشتمل على إيقاف جميع الموظفين الذين لهم علاقة بهذا الخطاب وصياغته وإصداره وإحالتهم للتحقيق. رشوة الثقفي والعامري في شيء نادر في الكرة السعودية صعق كافة الرياضيين باتهامات حارس مرمى نجران جابر العامري لزميله في الفريق سابقاً تركي الثقفي بتقديم رشوة له مقابل التواطؤ مع نادي الوحدة للفوز على نجران في دوري زين للمحترفين (انتهت 5 /1 للوحدة) ، وتم تفجير الوضع إعلامياً من خلال وسائل الإعلام وإظهار التسجيلات الصوتية بكل وضوح للذين كانوا أبطالاً لهذه الكارثة الدخيلة على الرياضة السعودية، وكان رئيس نادي نجران مصلح آل مسلم قد تقدم بشكوى للاتحاد السعودي مدعومة بكافة الإثباتات من تسجيلات وشهود على ذلك، والحوالة المالية المودعة في حساب اللاعب، وطالب في شكواه بمحاسبة كل من يمت للموضوع بصلة. نتائج هزيلة ما حدث للمنتخب السعودي في بطولة آسيا التي احتضنتها قطر عام 2011 يعتبر كارثة للكرة السعودية، فمنذ 27 عاماً والكرة السعودية تنافس على الذهب الآسيوي إما بتحقيق اللقب أو الوصافة، إلا أن ما حدث في قطر يعتبر كارثة للكرة العربية والخليجية قبل السعودية؛ فالمنتخب البطل والمرشح الأول للبطولة يخرج متذيلاً الترتيب ب 3 خسائر مسجلاً هدفاً يتيماً، وتدخل شباكه 8 أهداف في 3 مباريات، في واحدة من أكبر مفاجآت البطولة، حيث حل في المرتبة قبل الأخيرة في سلم الترتيب العام؛ حيث لم يأت بعده سوى المنتخب الهندي. وكان قد سبق هذه البطولة خسارة المنتخب السعودي لبطولة الخليج في اليمن؛ ولكنها لم تشكل صدمة للجماهير السعودية؛ حيث شارك المنتخب السعودي في هذه البطولة بلاعبين صغار في السن أو ما يسمى بالمنتخب الأولمبي. رحيل كبار المدربين من الدوري شهد الدوري السعودي خروج عدد من المدربين الكبار مع منتصف الدوري، حيث خرج البلجيكي جيريتس من تدريب الهلال وتوجه لتدريب المنتخب المغربي، إضافة إلى إقالة مدرب النصر الإيطالي زينجا بسبب سوء نتائج الفريق، واستقالة مدرب نادي الاتحاد البرتغالي مانويل جوزيه، وكذلك الحال لمدرب الشباب الأوروجواني فوساتي، وهو نفس الوضع في الاتفاق عندما تم إقالة الروماني مارين. وكان أقوى خروج للمدربين هو خروج المدرب الصربي ميلوفان من النادي الأهلي متعذراً بظروف عائلية وقدم فاصلاً من البكاء في مؤتمره الصحفي؛ ثم ظهر فجأة في قطر للتعاقد مع منتخبها وهو الأمر الذي أغاظ الأهلاويين كثيراً، ومن ثم تقدموا بشكوى للاتحاد الدولي. هبوط الوحدة وبقاء القادسية من القرارات التاريخية للاتحاد السعودي ما أصدرته لجنة الانضباط ضد نادي الوحدة بسحب 3 نقاط؛ وهو الأمر الذي جعل الوحدة يهبط للأولى ويعود القادسية لدوري زين للمحترفين بعد 48 ساعة من هبوطه . هذا القرار كان بمثابة الصدمة للوحداويين، وكانت مصائب هذا القرار الذي وصفه الجميع بالمجحف هو دخول رئيس الوحدة جمال تونسي إلى العناية المركزة؛ ليقوم بعدها الأمير نواف بن فيصل وبعد مداخلة تلفزيونية بإعطاء نادي الوحدة حرية التحاكم للاتحاد الدولي وبالذات للمحكمة الدولية من باب إعطاء كل ذي حق حقه. إثارة قضية المنشطات من أخطر التصاريح التي شهدها هذا الموسم ما ذكره رئيس نادي النصر الأمير فيصل بن تركي عبر أحد البرامج الرياضية عندما شكك في لجنة مكافحة المنشطات واصفاً إياها بالمخترقة، حيث ذكر في تصريحه الشهير أن لجنة مكافحة المنشطات قد تسترت على لاعبي الهلال الذين أجري عليهم الفحص خلال لقاء فريقهم مع النصر الموسم قبل الماضي، والذي شهد ظهور عينة إيجابية في تحليل اللاعب المصري حسام غالي الذي كان محترفاً بالنصر، وأظهر الأمير فيصل وثائق يرى أنها تدين لجنة المنشطات؛ حيث تتضمن تلك الوثائق التي عرضت على الشاشة ظهور نتائج إيجابية للاعب حسام غالي ولاعب من فريق الهلال حسب تلميحات الرئيس النصراوي، الذي ذكر أنه لم يتطرق لها نهائياً بينما قضية غالي صعدت وأوقف اللاعب عن اللعب للفريق النصراوي وتضرر الفريق من ذلك، وأنهم في إدارة النصر سكتوا عن الموضوع لمصلحة سمعة الكرة السعودية كي لا تتضرر، وأنه الآن يطالب بالتحقيق في القضية. وهو ما جعل رئيس لجنة الرقابة على المنشطات الدكتور صالح القمباز يرد على هذه الاتهامات، حيث ذكر أن الإجراءات التي اتخذت من قبل اللجنة سليمة وأن الأرقام التي ظهرت على الشاشة عينات غير صحيحة وتعود للاعبي ألعاب قوى وأنهم جاهزون لأي تحقيق. بينما جاءت ردود أفعال غاضبة من الهلاليين مطالبين رئيس ناديهم الأمير عبدالرحمن بن مساعد بالرد على اتهامات النصراويين، في حين طالب البعض برفع الموضوع إلى الرئيس العام لرعاية الشباب للتحقيق في كيفية وصول أوراق مهمة لا يحق لأحد الإطلاع عليها إلى رئيس النصر، وهذه القضية أخذت أبعاداً كبيرة إلى أن قدم رئيس النصر اعتذاراً رسمياً وزع على كافة وسائل الإعلام. فوضى الجمعيات العمومية من الأشياء التي عانت منها الأندية هذا الموسم الجمعيات العمومية للأندية مثل الوحدة والقادسية، حيث شهدت الجمعيات العمومية فوضى ومخالفات للوائح والأنظمة، وهو ما جعل هذه الانتخابات بدلاً من أن تكون ظاهرة صحية أصبحت عامل تفرقة بين أبناء النادي، إضافة إلى أن من أبرز إفرازات هذه الجمعيات العمومية هو ابتعاد أسماء وشخصيات مهمة في الرياضة السعودية. الخروج من "آسيا" على الرغم من تأهل الاتحاد إلى الدور ربع النهائي في دوري أبطال آسيا إلا أن خروج أندية الهلال والنصر والشباب شكل ضربة موجعة للرياضة السعودية؛ التي كانت تمنى النفس أن يكون هذا الموسم أفضل من المواسم السابقة؛ إلا أن خروج الثلاثي من دوري أبطال آسيا جعل الجميع يعترف بأن الكرة السعودية في تراجع خطير، وأنه يجب على الجميع سواء مسؤولين في رعاية الشباب أو مسؤولين في الأندية البحث عن مكامن الخلل ومحاولة معالجته، من أجل عودة توهج الكرة السعودية وعودتها إلى عصرها الذهبي. ثلاث نقاط رايح جاي من المفارقات العجيبة في دوري زين للمحترفين نقاط مباراة التعاون ونجران التي كسبها التعاون 3 /1 ليكسب ثلاثة النقاط، بعدها احتج نجران على التعاون بسبب مشاركة اللاعب بدر الخميس يُقبل الاحتجاج وتعود النقاط ل نجران، ثم يستأنف التعاون فتعيد لجنة الاستئناف النقاط للتعاون؛ ليعيش المشجع الرياضي في دوامة، حيث تحسب ال 3 نقاط تارة للتعاون وتارة لنجران وهو ما جعل أحد الرياضيين المشهورين يطلق عليها (ثلاث نقاط رايح جاي)، يذكر أن هذه النقاط كانت تشكل أهمية كبرى بالنسبة للفريقين حيث كانا يتصارعان للهروب من الهبوط. إدخال الجانب الديني في الرياضة مع ازدياد التعصب في وسطنا الرياضي المحلي لجأ الكثيرون من منسوبي الوسط إلى استخدام كل الأسلحة الممكنة لمناصرة أنديتهم، ولعل آخر تلك الاستخدامات استخدام الدين لخدمة مصالح الأندية، فالفتاوى والآراء الشرعية والقانونية التي تناسب نادياً معيناً في حرب التعصب والإثارة مع الأندية الأخرى مسموح استخدامها، أما إذا كانت تلك الفتاوى والآراء تتعارض مع مصلحة النادي فإنه يغض الطرف عنها، وكانت بداية استخدام الدين في مستهل الموسم الحالي حيث أثيرت قضية التحكيم النسائي الذي أدار مباراة للهلال في معسكره الخارجي، ثم قضية وقوف لاعبي النصر دقيقة صمت مع لاعبي جوفنتوس أيضاً في المعسكر الخارجي، مروراً بقضية سجود اللاعبين في المباريات، وقضية صليب محترف الهلال الروماني رادوي، وقضية الرشوة بين ناديي الوحدة ونجران. وهو الأمر الذي جعل العديد من الإعلاميين يستنيرون بآراء عدد من المشايخ والعلماء في هذه القضية. وبذلك يعتبر موسم 2011 هو بداية استخدام الدين كسلاح للضغط على بعض الأندية مستغلين تعاطف الناس الكبير مع النصوص الشرعية وإيمانهم وتسليمهم الكامل بها. تضارب اللوائح والقرارات مما لا شك فيه أن تضارب اللوائح والقرارات الصادرة من قبل الاتحاد السعودي كان مثار جدل واسع خلال الموسم الحالي؛ حيث كان هناك تضارب واضح بين اللجنة الفنية ولجنة الانضباط في بعض القرارات، كما حدث في قضية لاعب الهلال رادوي التي نال على إثرها عقوبتين من اللجنتين في وقت واحد، كما شهد الموسم الحالي تفسير اللوائح بطرق خاطئة من بعض المسؤولين سواء في الاتحاد السعودي أو الأندية، وهو ما جعل مباراة الأهلي والشباب في دوري الأبطال تأخذ أبعاداً كبيرة، وفي الأخير قرر الاتحاد السعودي سحب نقاط المباراة من الشباب وإعطائها للأهلي، إضافة إلى العديد من القرارات المتضاربة التي جعلت بعض القضايا تخرج من يد الاتحاد السعودي وتصل للمحكمة الدولية. استقالات على الهواء ظهرت خلال الموسم الحالي موضة جديدة وهي تقديم الاستقالات من خلال الفضائيات، حيث بدأت بالحكم عبدالله القحطاني الذي أعلن استقالته عبر القناة الرياضية، ثم المشرف العام على كرة القدم بنادي النصر سلمان القريني، وكذلك الحكم فهد المرداسي الذي استقال أيضاً عبر القناة الرياضية، وساق خلال استقالته العديد من الاتهامات ضد رئيس اللجنة عمر المهنا، وأنه سبب رئيسي في الاستقالة، مروراً باستقالة رئيس نادي نجران مصلح آل مسلم، وكان آخر الاستقالات المعلنة على الهواء مباشرة هو انسحاب عضو شرف الاتحاد ورئيسه السابق منصور البلوي من الوسط الرياضي نهائياً.